الوحدة هي عنوان قمة الأمل الحقيقية بين الفراعنة والهاشميين!

بقلم: زهير الشاعر

إجتمع بالأمس كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني عبدالله الثاني بالقاعة الرئاسية في مطار القاهرة حيث وصف الإجتماع بأنه بالغ الأهمية وجاء في وقت حساس للغاية وتحديات هائلة تواجه المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية التي دخلت منحدراً خطيراً في ظل تصاعد الأعمال الإرهابية التي تمارس بإسم الإسلام بهدف تشويه سماحته وعظمته كدين سلام وتسامح يقبل جميل الأديان ويرفض العنف بكل أشكاله لا بل هو عنوان من العناوين السامية التي تقدر الحياة الإنسانية بغض النظر عن الإختلاف في الثقافة والعقيدة .
لذلك حرص الزعيمان العربيان التأكيد على الدفاع عن الإسلام ضد من يقومون على تشويه صورته الحقيقية السمحة التى تنبذ العنف والتطرف، وتحض على التسامح والاعتدال وقبول الآخر في رسالة إنسانية راقية يحتاجها الجميع في هذا الوقت الحساس وأمام التحديات التي تواجه العالم برمته.
أما فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني فأعرب الزعيمان عن تقديرهما للرئيس الفلسطينى محمود عباس الذي يبدو بأنه إستجاب بالفعل لدعوة لم الشمل الفلسطينى، كما جاء في البيان الذي صدر في ختام إجتماعهما بناءاً على ما جاء في سياق بيان اللجنة المركزية لحركة فتح التي أصدرته ليلة أول أمس للتأكيد على دعوتها لإعادة أبنائها تحت مظلة الحركة، بما يخدم القضية الفلسطينية والوضع الداخلى الفلسطينى بشكل عام، خاصةً فى ظل المرحلة الدقيقة التى تمر بها القضية الفلسطينية فى الوقت الراهن، والتى تتطلب وحدة الصف ودعم القوى المعتدلة لمواجهة الإرهاب الذى يعانى منه العالم أجمع.
مما يعطي أملاً بأن الوضع الفلسطيني سينتقل بخطوات دراماتيكية نحو المصالحات الداخلية التي طال إنتظارها وهذا سينعكس بشكل إيجابي وسريع على الحالة الفلسطينية بشكل خاص وعلى دول المنطقة والجوار بشكل عام، كما يتطلب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس البدء فوراً بالإجراءات التي تًدخِل هذه الإستجابة حيز التنفيذ بشكل عملي، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الوضع الفلسطيني الداخلي الذي يزداد إحتقاناً وينذر بكارثة وطنية بالفعل! ، وذلك لسحب البساط من تحت أرجل من يتأمرون على الوطن ووحدته ويستفيدون من إستمرارية الوضع القائم الذي يتسبب بالمزيد من الإنقسام والتشرذم ، إن كان هناك نوايا صادقة ومخلصة بالفعل تخدم هذا التوجه!.
المراقبون الفلسطينيون نظروا بعين الرضا لما صدر عن إجتماع الزعيمين العربيين الكبيرين من جهة وعن ما صدر ليلة أول أمس عن اللجنة المركزية حيث أن الجميع تنفس الصعداء وسادت حالة من التفاؤل والأمل بأن هناك حراكاً سيمثل صماماً للأمان لصمود الموقف الفلسطيني في المرحلة القادمة وخاصة قبل الذهاب الى مؤتمر قمة عدم الإنحياز في 17 - 18 من الشهر القادم والتي ستعقد في جزيرة مارغاريتا الفنزويلية .
في تقديري سيتطرق فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى تمسك الجانب الفلسطيني بعملية السلام، وسيؤكد على الظلم التاريخي الذي تعرض له الشعب الفلسطيني كنتيجة لوعد بلفور، وسيوضح الإستراتيجية الفلسطينية التي ستتعاطى مع هذا الأمر من ناحية قانونية، بعد اللبس الذي رافق هذا الموضوع نتيجة عدم توفيق لازمت وزير الخارجية الفلسطيني د. رياض المالكي خلال قراءته لخطاب الرئيس محمود عباس في القمة العربية الأخيرة التي حملت إسم قمة الأمل!، والتي إنعقدت في العاصمة الموريتانية نواكشوط، وذلك بطريقة إنشائية فقط بدون توضيح ما جاء فيه من نقاط هامة ومفاجئة، وذلك بطريقة إرتجالية مؤثرة كما لو كان يقرأه الرئيس الفلسطيني محمود عباس نفسه، وذلك حتى يتم توضيح الألية القانونية التي ستتبعها القيادة الفلسطينية مع هذا الأمر وإمكانية ذلك!، خاصة أن ما صدر من تحليلات ومقالات أثارت لغط كثير وذلك من كبار الكتاب الإسرائيلين في حينه الذين تساءلوا حول ما سيذهب إليه طرح مثل هذا الموضوع والهدف من توقيت طرحه!، وأوضحوا أن الأمر في هذه الحالة سيعني عدم الإعتراف بوجود إسرائيل كدولة أصبحت قائمة بالفعل!، وهذا يتنافى مع فكرة السلام المبنية على الإعتراف المتبادل على أساس حل الدولتين، مما يعني أن الموقف الفلسطيني أدى إلى حراك ما في المياه الراكدة ويبدو أن القيادة الفلسطينية كانت تسعى للوصول لهذا الهدف من طرح ذلك الموضوع قبل الذهاب إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة والتي ستعقد نهاية نفس الشهر في نيويورك!.
أيضاً لا يمكن تجاهل أن هذه الإستجابة جاءت قبل التوجه لحضور الجمعية العمومية للأمم المتحدة وخطاب الرئيس محمود عباس المنتظر هناك في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر خاصة بما يتناسب مع ما يحمله ذلك الإجتماع من أهمية بالغة لأنه يسبق المؤتمر الدولي للسلام والذي ستتبناه العاصمة الفرنسية باريس.
أيضاً لا يمكن إغفال التحديات التي تواجه الساحة الفلسطينية والمخاطر المرعبة التي باتت تخيم على المشهد الفلسطيني وذلك بالتزامن مع العمل على عقد الإنتخابات المحلية التي ستكون بمثابة التيرموميتر الحقيقي لوزن وشعبية ونفوذ كل القوى الفلسطينية على الأرض، وستحمل مؤشر حقيقي لمن سيتكفل بتحمل مسؤولية القيادة للشعب الفلسطيني في المرحلة القادمة وهذا أمر لا يهم الجانب الفلسطيني وحده بل يحظى بالإهتمام البالغ لدى القوى الإقليمية والدولية!.
من هنا ، في تقديري أن الإعلان عن إستجابة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للمساعي المصرية والأردنية هي بحاجة لخطوات عملية وتطبيق فعلي ليس على صعيد مصالحات حركة فتح فقط، لا بل على مستوى المصالحات الوطنية بشكل عام، على أن تكون بشكل سريع وملموس ، مما يعني أن الرئيس الفلسطيني سيكون بذلك ضرب ضربة معلم في وقت حساس يهدد عرش منظومته، وبالتالي سيحتوي كل الخلافات والتحديات التي تواجهه داخلياً وسيحافظ على مكانته، وسيذهب إلى أي محفل دولي محصن بالدعم الداخلي وبإلتفاف وطني ولديه تفويض عام يقوي من عزيمته وإطروحاته ، إلا إذا كان السلوك المنشود مخالفاً لهذا التوجه بالمجمل!.
أخيراً، يبدو أن إيجابية الطرح خلقت حالة من التفاؤل ، وبات الجميع في حالة إنتظار ليروا أفعالاً حقيقية، وأن لا تبق هذه الأمور في سياق المجاملات والأقوال فقط! ،حينئذ سيكون للكلام مذاق أخر وشكل أخر وللمشهد الفلسطيني جمال أخر!.
لذلك في تقديري أنه بهذا الإجتماع الهام، سجل الفراعنة والهاشميين بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي وأخيه الملك عبد الله الثاني، أسمائهم في سجل العطاء وبأنهم رعاة أمناء للشأن الفلسطيني، وبأنهم يدركون بأن سلامة فلسطين هي بمثابة سلامة بلادهم في ظل هذه التحديات التي تواجه المنطقة برمتها وكما كانت دائماً، لأن فلسطين هي بعدهم الإستراتيجي ولذلك هم لا يغفلوا عنها ويقدرون مكانتها!.

م . زهير الشاعر
[email protected]