من يؤمن بالعمل الصحفي ويخوض غماره يدرك انها مهنة المتاعب، ويواجه تناقضات كبيرة مجتمعية وسياسية وثقافية ولكنه يستطيع التأقلم مع الواقع لكي يصل الى المعلومات والحقائق ونقل الاخبار للجمهور ..
ومع اختفاء مفهوم نقل الحقيقة وكشف الفساد وتحول وسائل الاعلام الى ابواق للمعارضة او الحكومة، وتحمل جزء من كتاب الرأي المسؤولية في الابقاء على حالة الاختلاف بإعطاء المواطنين جرعات بضرورة الاختلاف وحافظوا بآرائهم التي دفع جزء منهم ثمناً لها على بقايا حرية الرأي..
وفي ظل تلك الاجواء انبثقت او اعيد احياء مفهوم العمل الصحفي الحقيقي بالبحث عن الحقيقة وكشف الفساد والفاسدين من خلال مفهوم الصحافة الاستقصائية التي حمل لوائها شباب غامروا بحياتهم دون وجود جهات مختصة تتبناهم وتعمل على تدريبهم ، بل ان جزء منهم مارس العمل بكل مخاطره في الميدان وهناك حصل على التدريب والتأهيل ، ولدينا نماذج في جريدة الحياة الجديدة ونماذج اخرى تكررت في الواقع الفلسطيني بقطاع غزة ..
والامر المستغرب ان تصدر جهة تحقيق اتهامات بحق الصحفية هاجر حرب ولم توجه في اطارها الصحيح عن تحقيقها بوجود فساد في التحويلات الطبية.. وتتناقض مع نفسها وتصدر في نفس اليوم خبر بتوقيف 4 متهمين مزوري تقارير طبية الامر الذي يؤكد ما ذهبت اليه الزميلة حرب، فكيف يؤكدون؟!!! وكيف يتهمون زميلة ؟!!!!!
ان توجيه الاتهامات للزميلة هاجر حرب يستدعي من الصحافيين الاستمرار في كشف الحقائق والفساد ، ولكننا في نفس الوقت لسنا بحاجة الى اوصياء .. من يؤمن بالصحافة الاستقصائية ودورها وحرية التعبير والرأي عليه دعمها والدفاع عن الدور البطولي الذي تقوم به في مكافحة الفساد ..
وكل التحية والاحترام للكتاب والأدباء والنقاد والباحثين والداعمات للعاملين في مجال الصحافة الاستقصائية بآرائهم ومواقفهم ، واخص بالذكر الاساتذة محمد حجازي وتوفيق أبو شومر وهاني حبيب وطلال عوكل ووفاء عبد الرحمن وهداية شمعون ومنى خضر وسامية الزبيدي وهشام ساق الله واكرم عطا الله ومحمد ابو عرقوب وصالح مشارقة وداوود كتاب وغيرهم الكثير من الكتاب، والتحية لكافة المواقع الالكترونية التي تتبنى نشر التحقيقات او تعيد نشرها..
والتحية لكل المؤسسات التي تبنت ورعت التحقيقات الاستقصائية وصحافييها وقدمت الاستشارة الفنية او القانونية وفي مقدمتها الائتلاف من اجل النزاهة والشفافية "امان" التي كان لها دور مميز، وبتبنيها التحقيقات الاستقصائية استطعنا ان نفرض حالة من المسائلة، والشكر لمؤسسة اريج اعلاميون من اجل صحافة استقصائية عربية لدورها في دعم ورعاية التحقيقات الاستقصائية في فلسطين وتدريبها واشرافها على عدد كبير منهم ، واخص بالتحية نقابة الصحفيين الفلسطينيين التي وقفت وساندت الصحفيين الاستقصائيين واخذت على عاتقها الدفاع عنهم وتبني مواقفهم وتحقيقاتهم، واشكر مؤسسة فلسطينيات لدورها في الدفاع عن الصحفيين، والمعهد الفلسطيني للإعلام والتنمية، ومركز الميزان لحقوق الانسان، والهيئة المستقلة لحقوق الانسان، ونقابة المحامين وغيرها من المؤسسات ..
كلنا كصحافيون لن نقبل بانتهاك حرية الرأي والتعبير او قمع الحريات والمؤسسات الحقوقية دورها دعم ذلك .. قضية الزميلة هاجر حرب لن نقبل بان تتحول الى حالة استقطاب او ركوب للموجة ..
قبل ايام فتح مجلس الشعب المصري ملفات فساد كبيرة تتعلق بقوت الناس (القمح).. وهيئات مكافحة الفساد في الوطن العربي تقدر قيمة المبالغ المهدرة من المال العام على الرشى والمحسوبيات بنحو 2000 مليار دولار سنويا ومن ضمنها فلسطين ..
تلك التقارير تؤكد وجود فساد الاجدر محاربته وكشفه من قبل النيابة العامة والجهات الرقابية الاخرى ولكن عندما يغيب دور تلك الجهات تتحرك السلطة الرابعة للقيام بالدور الرقابي على كافة السلطات التنفيذية والقضائية التشريعية .. ومن الاخر وبالبلدي ارحمونا ارحمونا شايفين الناس عايشة في سنغافورة .. الفساد نخر كل شيء حتى بات جزء من التركيبة الثقافية لبعض المجتمعات العربية .. ولو وظفت ال 2000 مليار دولار لصالح الشعوب هل تبقى بطالة?!!!!!!
على كل من يحب ان يرى وطنه خاليا من الفساد ان يرفع القبعات للصحافيين الاستقصائيين لأنها يحاولوا التصدي لمنظومة فساد مركبة تدافع عن بعضها في ظل امكانيات معدومة..
بقلم الدكتور/ حسن دوحان