مصر والعرب...لكل من لا يقرأون التاريخ!!!

بقلم: وفيق زنداح

هناك من يعتقدون ويتوهمون بانهم القراء الجيدون للتاريخ وأبعاده وملابساته ....الواعون لحقائق الواقع عبر عقود طويلة من الغزوات والحروب والاحتلالات والامبراطوريات ...والتي سقطت عبر المراحل التاريخية ولم يتبقى منها الا هذه العنصرية الصهيونية التي تجمعت فيها وحولها كافة المؤامرات والمخططات لانهاك قوة العرب وتشتيت شملهم واهدار طاقاتهم وزعزعة الثقة بقدراتهم وقتل الآمال لديهم وايصالهم الي حالة من الخنوع والاستسلام والقبول بالأمر الواقع .

ولما فشلت هذه المخططات والسياسات جاء الينا ما هو جديد من ارهاب اسود تداخل مع ما يسمى بثورات الربيع العربي لإحداث فراغ امني ....فكري...ثقافي وحالة من التوهان وعدم المقدرة علي اعادة التوازن والامساك بالأولويات في ظل الة اعلامية مخططة ومنظمة وتسخر لها كافة الامكانيات لتمرير اسطوانات مشروخة وعبارات مفرغة وشعارات مدسوسة تدفع للفتن والطائفية واثارة المشاعر الدينية .

اعلام محرض ومسيس ومدفوع الاجر ويهدف الي اثارة البلبلة وحالة عدم الاستقرار وتسليط الضوء علي القوي الظلامية الارهابية وكأنها المنقذ لحالة التخلف والتراجع الاقتصادي والاجتماعي والسبيل الوحيد لتصحيح النظام السياسي ونشر العدالة ....اكذوبة واسطوانة مشروخة ثبت فشلها كما تأكد عدم مصداقيتها وعمق اكاذيبها لأنها لا تمت بصلة لتاريخنا وتعاليم ديننا وما تربينا عليه عبر الاجداد والاباء .

نحن امة لها مجدها ...تاريخها...وانجازاتها ...كما لها كبواتها واخفاقاتها كما حال كل أمة عاشت مراحل التطور الانساني والحضاري فهناك من الامم من تجاوزت عقباتها وتحدياتها وما تداخل بواقعها ...وهناك من الامم ما زالت تسير علي طريقها لإحداث النهوض بحالتها وتحقيق طموحاتها ونحن كأمة في اطار هذه الامم ...الا أن ما يمكن اضافته هو ما حدث على خارطة سياستنا الداخلية من متغيرات واحداث تمت بفعل عوامل خارجية لتلتقي مع مصالح بعض الفئات الداخلية التي خاطرت بأوطانها لأجل تحقيق مصالحها وماربها ولحسابات غيرها.

أمتنا العربية ومنذ قرون ماضية لا زالت تستهدف بارضها وخيراتها ....ثقافتها ....وحضارتها ...ارادتها ....وجودها واستقراراها ..هذا الاستهداف المستمر والمتواصل والذي يمتد ويقصر ...يزداد وينقص ..بحسب التحالفات والمحاور والاجندات الدولية التي تتوائم مع بعض الاجندات الداخلية لبعض الفئات والشرائح.

منذ العهد العثماني والاحتلالين البريطاني والفرنسي ...وما جري عبر التاريخ من اتفاقية سايكس بيكو في العام 1916 ووعد بلفور بالعام 1917 ....ومحاولة تقسيم الوطن العربي ما بين احتلالين وتقديم فلسطين هدية للحركة الصهيونية العالمية ممن لا يمتلكون الي من لا يستحقون .

منذ ذلك التاريخ وحتي ما قبله بعقود وقرون ونحن كأمة ومنطقة عربية نعيش حالة الاستهداف والتآمر بطرق عديدة ووسائل متعددة ولأسباب مختلفة لكنها بنتيجتها النهائية اضعافنا ...تقسيمنا ...احباط معنوياتنا ....تشويه صورتنا....زعزعة الثقة بأنفسنا...ارباك أولوياتنا وأن نكون على الدوام من الشعوب المستهلكة.... وليس من الشعوب المنتجة.

استهداف الامة العربية ...استهداف مخطط ومبرمج ويهدف الي نهب خيراتها واضاعة مستقبل أجيالها وتفتيت وحدة بلادها واثارة الفتن والنزاعات بداخلها ....واثارة الفوضى العارمة ...والنزاعات الطائفية داخل مجتمعاتها .

وما بين مؤامرة القديم.....ومخططات التاريخ الحديث والمعاصر.... ظهر وخرج علينا ما نحن عليه من مخططات واستهدافات لاستكمال ما تم تخطيطه وتنفيذه بمراحل سابقة... محاولين اقناعنا وادخال الوهم بداخلنا أن حضارة العصر وديمقراطية السياسة والعدالة ....بحاجة الي ثورة عارمة تدمر وتفتت وتعطل وتخرب كل ما هو قائم حتي يعاد البناء مرة أخري ....وكان كل ما تم بنائه وما تم دفعه من جهد ومال يجب أن يذهب أدراج الرياح ....وأن تتم مرحلة البناء من الحضيض وعبر الصحراء القاحلة ومن خلال الخيام وركوب الخيل لقتل كل من يسكن المدينة ومن يكفر ....بحسب وجهة نظرهم بدولة الخلافة ومعالمها ...وبهذا ستتحقق الصورة وسيعيش العباد بحرية وعدالة .

محاولة مريضة ومخادعة ....لتسويق ما لا يمكن تصديقه ....وما ثبت عدم صحته ....وما تأكدنا منه بالنتائج الملموسة وبالوقائع بعد ما سمي بالربيع العربي ....الذي خرب البلاد وشتت العباد وضرب اقتصاد الاوطان وقسم كل صحيح وقتل كل معارض وأزهق أرواح الابرياء وسرق أموالهم وهتك أعراضهم وأثار الخوف والقتل لديهم.

ربيع عربي أسود بتاريخه وبلحظات حدوثه حيث أشعل المنطقة بنار ولهيب التغيير كما وأشعل المنطقة بالفوضى المدمرة والنزعات الشخصية ..الفئوية ...والطائفية حتي وجدنا انفسنا بعدم وعينا وادراكنا ....اننا امام ركام هذا الربيع الذي اصبح وبالا وخرابا شمل كافة مناحي حياتنا وفتح شهية من يتربصون بنا ومن يدفعونهم لممارسة الارهاب علي ارضنا من دواعش هذا الزمن الرديء الذين يحرقون ويذبحون ويهتكون الاعراض ويشردون العباد عن اوطانهم ومنازلهم تحت شعارات الوهم والخلافة .

ديننا الحنيف والذي منهم براء ومن أفعالهم وشياطين من يدفعون لهم ويمولونهم ويسلحونهم.... فما تشهده سوريا العربية يزيد من قناعتنا الراسخة ان المؤامرة كبيرة وشاملة ومتعددة الاطراف وما يحدث في العراق يؤكد لنا ما نقول ...كما حال ليبيا واليمن وكانت العناية الالهية بحماية تونس الخضراء كما حماية مصر العربية .

المنطقة أصبحت فوق فوهة بركان وأمام تحديات الارهاب والفقر والتهجير..التقسيم والنزاعات والفتن الطائفية أي أن الجميع بالهم سواء...وليس امامهم الا أن يعيدوا حساباتهم وينظموا أولوياتهم بما يخدم مصالحهم الوطنية ووحدة بلادهم ويحفظوا لهم خيرات أوطانهم التي اصبحت تباع علي أرصفة أسواق العواصم .

مصر العربية الشقيقة التي حماها الله برعايته ..الدولة الوحيدة التي أفشلت الكثير من خيوط المؤامرة ضدها وضد أمتنا العربية وكانت خط الدفاع الاول بثورة شعبها ومؤسساتها الوطنية وقيادتها القومية بالثلاثين من يونيو....ولا زالت مصر علي اصرارها وتحديها ومواصلة مواجهتها لذيول الارهاب الاسود الا أنها لم تسلم من خيوط المؤامرة المتعددة بوسائلها الارهابية ...الاقتصادية ...الاعلامية ...ووسائل الحرب النفسية والتي يحاولون من خلالها دغدغة العواطف واثارة النزعات وتغليب المصالح الفردية علي المصالح الوطنية .

وسائل خبيثة ومدسوسة وخالية من الطهارة والالتزام والانتماء بمحاولتها المستمرة للتلاعب بعواطف الناس ومحاكاة مشاعرهم وظروفهم الاقتصادية والاجتماعية .

سياسة مكشوفة لها وسائلها الاعلامية كما ولها أناسها الذين يبثون الشائعات كما لها شركاتها وسماسرتها الذين يتلاعبون بأسعار وقوت الناس بمحاولة اثارة غضبهم وادخال الشعور لديهم أن ما حدث في الثلاثين من يونيو لم يحدث لديهم التغيير ....وهم بذلك يخادعون الناس ويكذبون عليهم لأن ما حدث من تغيير قد عزز كرامة الوطن والمواطن ...كما وأحدث الاستقرار والأمن كما أن هناك علاجا جذريا مخططا اقتصاديا لإحداث التنمية المستدامة وزيادة معدلات التنمية من مشاريع تنموية واستصلاح الاراضي وبناء المدن الجديدة واختراق الصحراء وحل مشاكل الكهرباء والمياه ودعم الكثير من السلع للفئات ذات الدخل المحدود وما يتلوها من محاولات مستمرة من العمل لأجل ارادة المصريين وتعزيز صلابتهم وتمسكهم بقيادتهم ومؤسساتهم .

مصر الماضية علي طريق التنمية والاستقرار وتعزيز الامن واحداث الرخاء ....والذي يتطلب الي وعي المصريين وحرصهم علي وطنهم وتماسك جبهتهم الداخلية... وعدم التفريط بعوامل وحدتهم المتجذرة... عبر مراحل التاريخ لأن من يتامرون لا يملون بوسائلهم الخبيثة ....وليس أمامهم الا المزيد من التآمر والعمل كخفافيش الظلام وبث الشائعات السوداء... لأنهم لا يمتلكون الا هذه الوسائل الخسيسة بكل قذارتها وحقدها وكراهيتها وليس امام المصريين الا سلاح الوعي واليقظة والعمل الدائم لبناء وطنهم والالتفاف حول قيادتهم ومؤسساتهم الوطنية ....حتي تمر هذه الرياح السوداء وتنعم مصر والعرب بالأمن والأمان والازدهار.

بقلم/ وفيق زنداح