في البداية أقول بأنك لو سألت أي طفل فلسطيني،هل انت مع وحدة فتح،ومع إنهاء الإنقسام ووحدة الشعب الفلسطيني،سيقول بدون تفكير وبعاطفته نعم هذا ما يريده كل الشعب الفلسطيني...؟؟،ولكن في السياسة جهنم مبلطة بالنوايا الحسنة،فنحن كشعب فلسطيني ومن تجاربنا،ومن كثرة الخوازيق التي حلت بنا،وللأسف جزء منها كان بفعل قياداتنا التي عاشت بان وهم اوسلو سيقود الى دولة فلسطينية مستقلة،واذا به يقودنا ويجرنا من خازوق الى خازوق اكبر،يتوجب علينا ان نكون حذرين ومتشككين في أي مشروع او مبادرة تطرح علينا عربية او دولية او إقليمية،فالملعب الفلسطيني المنقسم والمنشطر على ذاته،اصبح ساحة مفتوحة للجميع يلعب فيه بدون حسيب او رقيب،الجميع يلعب خدمة لأجنداته ومصالحه واهدافه،بحيث غدت الساحة الفلسطينية ملعباً لتصفية الحسابات وتعميق ساحة وسياسة المحاور والإمتدادات العربية والإقليمية والدولية مع الأطراف الفلسطينية المنقسمة،واللعب في النهاية يكون على حساب قضيتنا ومشروعنا الوطني،وكما يقول المأثور الشعبي "إلعبوا واللعب على أمكم"،فالجميع يتذكر منا جيداً تقرير الرباعية الدولية الأخير،والذي ساوى بين الضحية والجلاد،حتى انه ناصر الجلاد على الضحية،فهو ينكر على شعبنا حقه في النضال لنيل حريته واستقلاله وانعتاقه من الإحتلال،ويعتبر هذا النضال شكلاً من أشكال العنف والإرهاب،والطريق الوحيد الذي يتوجب على الشعب الفلسطيني سلوكه لنيل حريته وإستقلاله،هو المفاوضات الماراثونية والعبثية دون غيرها،في وقت لم يدعو البيان الى وقف الإستيطان،وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران/1967.
في خضم التطورات المتلاحقة والمتصارعة كانت هناك مجموعة من الأحداث والتطورات تجعلنا نتوجس من ما يسمى بخطة "الرباعية العربية،وهي الإنتقال في الحالة التطبيعية ما بين العديد من الدول العربية واسرائيل من المرحلة السرية الى العلنية ولتاخذ أشكال التعاون والتنسيق الأمني والسياسي والعسكري والإقتصادي،وتزامن ذلك مع خطة المتطرف ليبرمان زعيم "اسرائيل بيتنا" لتجاوز السلطة الفلسطينية والعودة بالأوضاع في الضفة الغربية الى مرحلة روابط القرى العميلة والمخاتير،وهذه التطورات ليست بالوحيدة فواضح بان اطراف الصراع على المستوى الدولي روسيا وامريكا ومعهما مراوح تحالفاتهما الدولية والإقليمية والعربية والمشتبكة والمتصارعة على المصالح والنفوذ من أوكرانيا وحتى اليمن،باتت تدرك بان مشروع الفوضى الخلاقة وما نتج عنه من انتشار وتوسع وتمدد للجماعات الإرهابية التي تمردت وخرجت عن سيطرة مشغليها دوليين وإقليميين وعرب،باتت تشكل خطر على المجتمع الدولي باكمله،ولذلك أصبحت المرحلة أكثر نضجاً وقرباً من اجل عقد تسويات سياسية،عقدتها التي تشارف على الحل سويا،وتشكل المفتاح للحلحة وفتح الطريق امام الحلول لباقي العقد .
يضاف لذلك الحالة الفلسطينية التي تشهد صراعات داخلية فتحاوية حول مرحلة ما بعد أبو مازن،والتي يغيب عن مشهدها شخصية مركزية قادرة على ان تشكل قاسم مشترك لكل محاور وتكتلات فتح والفصائل الأخرى،والخوف من انتشار الفوضى في الضفة وحصول فراغ قد تكون حماس هي المؤهلة لتعبئته،وهذا ما لا تريده اطراف عربية وإقليمية ودولية.ولذلك نحن نرى بأن ما يسمى بخطة "الرباعية العربية" المغلفة بالحفاظ على قضية شعبنا الوطنية ومصالحه العليا في خضم المتغيرات والتطورات الحاصلة،هي كلمة حق يراد بها باطل،رغم ان حالة ضعفنا وتهميش دور مؤسساتنا وإنقسامنا وضعف الأداء القيادي الفلسطيني،وإعتماده على مجموعة من يسمون انفسهم ب "الجهابذه، الذين لم ينجب غيرهم الشعب الفلسطيني،ساهمت الى حد كبير في هذا التدخل العربي،فالخطة العربية ،إذا ما نظرنا اليها ببراءة نقول بانها تريد ان تستجمع كل اوراق القوة الفلسطينية والعربية للمرحلة السياسية القادمة، فخطة "الرباعية العربية" في ظاهرها تدعو الى توحيد" فتح" وإستنهاضها،وإنهاء الإنقسام وتحقيق المصالحة الوطنية،وتحريك عملية السلام على أساس المبادرة العربية،يضاف لذلك تقديم الدعم المالي للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات،والشيء المهم هنا معالجة الملفات القضائية،وعودة المفصولين من حركة فتح ما يسمى ب"المتجنحين"،وعلى رأسهم عضو اللجنة المركزية لفتح المفصول والنائب في التشريعي محمد دحلان،وأيضاً ووضع الخطط والبرامج لتفعيل المنظمة.
كل هذا الكلام لا غبار عليه ولا يوجد فلسطيني عاقل ذو عقل وبصيرة يرفضه،ولكن الكلام المستتبع مليء بالشيطنة والمطبات،حيث تقول الخطة: أنه في حال رفض أحد أطراف حركة فتح تحقيق المصالحة فلا يعني ذلك التخلي عن تقديم الدعم للحركة،وإنما يصبح من الواجب البحث عن آليات دعمها بعيدًا عن الطرف المعرقل للمصالحة. وفي حال عدم توصل الفصائل الفلسطينية إلى اتفاق ترتضيه كل الأطراف يصبح من واجبنا دعوة الجامعة العربية للتدخل بهدف فرض اتفاق يضع مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته فوق مصالح الأحزاب والفصائل المتناحرة.
هذه الخطة تحمل مضامين خطيرة،فهي تؤكد على انه اذا لم يقم الفلسطينيون بما عليم واستمروا في الإنقسام والإنشطار،فستضطر العديد من الدول العربية لدراسة بدائلها الخاصة في التعاطي مع ملف الصراع العربي – الإسرائيلي.هذه المواقف اخرجت الرئيس عباس وغيره من قيادات فتح عن طروها،وأشعرته بان ما يطبخ ويخطط يستهدفه بالأساس كشخص ويستهدف حركة فتح،ولذلك قال:- بانه سيعمل على قطع الإمتدادات الفلسطينية للدول الخارجية اذا لم يقم أصحابها بقطعها،وعودة المفصولين تكون عبر تظلم فردي ودراسة كل حالة على حدى كما قال عضو مركزية فتح جبريل الرجوب،ولكن يبدو بأن المسألة اكبر من فتح والمنظمة،فما يجري هو تاهيل الفلسطينيين للحلول القادمة،والتي سيتم فرضها على المنطقة،في إطار التوافق الروسي _ الأمريكي الشبيه باتفاقية يالطا بعد الحرب العالمية الثانية،فالمحكمة الحركية لفتح بدات بإعادة العديد من المفصولين،وبالتالي في إطار تشكيل حاجز صد قوي امام ما يجري طبخه من قبل الرباعيات دولية وعربية،وفرض حلول على الشعب الفلسطيني،عنوانها الدائم تغيير قيادات فلسطينية والإيتان بقيادات جديدة،يعول عليها في قبول حلول قد تفرض عليها، بدلاً من ذلك يجب علينا التركيز بشكل واضح على بلورة رؤيا فلسطينية تبقي قضيتنا الفلسطينية كقضية جامعة وموحدة بعيداً عنن أي محاور وصراعات وتدخلات عربية وإقليمية ودولية،وكذلك العمل على رسم استراتيجية فلسطينية موحدة،يجري من خلالها هيكلة وإصلاح جذري للنظام السياسي القائم بمختلف مؤسساته ومركباته ومكوناته وبما يطال الفصائل والأحزاب،على ان تمهد هذه الإستراتيجية لعقد مجلس وطني توحيدي يشارك فيه مختلف الوان الطيف السياسي الفلسطيني وفق اسس ديمقراطية وحقيقية،وبما يعيد للمنظمة دورها ومجدها،وبما يوحد كل الطاقات والإمكانيات في مجرى قناة واحدة تحمي حقوقنا وثوابتنا وقضيتنا وتقرب عوامل نصرنا وحريتنا.
بقلم/ راسم عبيدات