حجة فصائل المعارضة المعتدلة لا تقنع موسكو

بقلم: عطاالله شاهين

في ظل تأييد فصائل المعارضة السورية للهدنة إلا أنها تتذرع تلك الفصائل بوجود تداخل متعدّد الوجوه مع جبهة النصرة ويصعب التخلص منه، لكن روسيا من ناحيتها ترفض هذه الحجة، وتعتقد بأن الولايات المتحدة الأمريكية ليست جادّة في فصل المعتدلين عن جبهة النصرة. فما زال لجبهة النصرة وحلفائها دور في المخطط الأميركي لمقاتلة النظام السوري، وذلك بقصد إضعافه، وتلتقي ضمنياً في هذا المجال مع دمشق، التي تتهم واشنطن وتل أبيب باستهداف وحدة سورية السياسية والجغرافية، وما يدل على ذلك هو بأن إسرائيل سمحت لجبهة النصرة بالسيطرة على مناطق في الجولان السوري بجانب الجزء المحتلّ منه.
فإسرائيل اتخذت بعد اتفاق الهدنة دعم النصرة بقصف شديد لمواقع مدفعية متقدّمة للجيش السوري في منطقة القنيطرة، لكن دمشق أمرت دفاعاتها الجوية بالردّ، وكما قيل بأن دفعات الجو السوري أسقطت مقاتلة إسرائيلية وطائرة إستطلاع، لكن إسرائيل أنكرت إسقاط الطائرتين، ولم تنكر واقعة التصدّي السوري الفوري للعربدة الجوية الإسرائيلية، وسارعت إلى إبراز الدلالة الإستراتيجية للمواجهة، وأجمعت على أنها تعتبر تحولا بارزا، وانّ سورية باتت مستعدة للردّ.
أما موسكو فسارعت إلى الإعلان بأنّ جبهة النصرة في الجولان ليست مشمولة باتفاق الهدنة، وأنّ من حق دمشق ضربها، لكن إضافة إلى تبرّم من تهاون واشنطن مع وتلكئها في حمل حلفائها على الانفصال عنها، ولوّحت بكشف مضمون الاتفاقات المعقودة مع واشنطن في هذا السياق. كلّ هذه الواقعات هدّدت، اتفاق الهدنة بانهيارٍ مبكّر، لكن لاجتراح تسوية سياسية في سورية لا بد من أن نشير إلى الإجراءات الآتية، حيث يتم التخفيف من نشاط سلاح الجو السوري في منطقتي حلب وإدلب، وذلك بهدف تشجيع فصائل المعارضة المعتدلة على الانفصال عن جبهة النصرة، مع الإبقاء على محاربة تنظيم داعش والنصرة بريّاً، وذلك للحؤول دون استغلالهما الهدنة لإعادة هيكلة قواتهما، أو محاولة استعادة ما خسرته من مواقع ومناطق، كما أنه لا يتم هنا إحراج واشنطن بمطالبتها بالتنسيق مع موسكو لضرب مواقع جبهة النصرة في منطقتي حلب وإدلب، كي يبقى لها نفوذ وتأثير لدى فصائل المعارضة المعتدلة، والتي باتت تشعر بأنّ أمريكا باعتها في صفقة مع روسيا، كما أنه يتم تكليف سلاح الجو الروسي بالإنابة عن سلاح الجو السوري في ضرب جبهة النصرة وحلفائها في منطقة الجولان، ومحاولة حصر عملية إنهاء وجود داعش في الرقة بواشنطن وموسكو، بعيداً من دمشق، وذلك لتفادي تعزيز مركزها السياسي في المفاوضات، التي ستجري في المستقبل، كما أنه يتم التركيز على عمليات إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، ولكي تتمكن المنظمات الإنسانية من الوصول إليها بهدف نقل الجرحى والمرضى إلى المناطق الآمنة. لكن ليس هناك ما يضمن نجاح تلك الإجراءات، لأن هناك بعض الأطراف المحاربة ما زال مقتنعاً بأنّ السبيل الأجدى لتحقيق الأهداف هو أن تستمر الفصائل المسلحة في القتال من أجل نصر يعزز مركزها السياسي في المفاوضات اللاحقة، وهذا بالتأكيد من شأنه إطالة أمد الحرب واستنزاف كل الأطراف المتحاربة من جمع النواحي إن كانت بشرية أو مادية ..
عطا الله شاهين