يبدوا أن البعض من المحللين السياسيين وغيرهم بتكهناته وتوقعاته يطلق رصاصة الرحمة ضد حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني من خلال تحليلات وتوقعات لا تخدم الهدف الفلسطيني وتطلعاته للتحرر من الاحتلال البغيض ، هؤلاء المحللين والمتكهنين تنقص البعض منهم الرؤيا والموضوعية في التحليل ، للأسف هؤلاء لا ينظرون بمنظار المصلحة الوطنية الفلسطينية وتنقصهم الرؤيا والتحليل المنطقي المستند لحقيقة وجوهر الصراع وأولويته الصراع مع إسرائيل وتحليلاتهم لا تأخذ بالأبعاد التاريخية للقضية الفلسطينية وخطر المرحلة ودقتها .
من هنا تنبع أهمية التحليل الموضوعي الواقعي المستند لوقائع سياسيه وتاريخيه ليوضع التحليل بين يدي المسئول ليكون عونا له في أي قرار يتخذه محكوما بالمصلحة الوطنية الفلسطينية ، بعيدا عن سياسة الأجندات ولغة المصالح الفئوية التي لا تخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية ،
لقد غابت عن البعض الحقيقة لجوهر الصراع و في أن الواقع يفرض نفسه في التحليل الموضوعي والمنهجي والعلمي والذي يجسده هذا التباعد بين فتح وحماس والذي سببه الانقسام والفصل الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزه وهو أمر مؤلم ومؤسف ولا يخدم أهداف وتطلعات شعبنا الفلسطيني في معركة التحرير والتحرر من الاحتلال ، بل العكس هذا التباعد والانقسام في حقيقته وجوهره يخدم أهداف ومخططات الاحتلال الصهيوني،
شكلت الانتخابات لحكم الهيئات المحلية ماده دسمه للمحللين لينفث البعض تصوراته وتحليلاته وفق رؤى حزبيه وانيه وبعيدا عن منظار المصلحة الوطنية الفلسطينية ، وقد زاد في هذا البعد قرار محكمة العدل العليا بالطعن المقدم لها لتأجيل الانتخابات لحين النظر في موضوع الطعن ،
شكل تأجيل الانتخابات فرصه حيث كلا يدلو بدلوه وفق رؤيا ومنهج تفكيره دون الأخذ بالأبعاد الخطيرة للواقع الفلسطيني والانعكاسات المترتبة على أي مضمون لقرار محكمة العدل العليا والكل يجتهد وفق رؤيا خاصة بعيدا عن منطق الموضوعية ومراعاة الواقع الفلسطيني ومفصلية ما تمر فيه القضية الفلسطينية خاصة لخطر تكريس الانقسام والفصل الجغرافي
الانتخابات بحسب القانون الأساس الفلسطيني حق دستوري كفله الدستور " القانون الأساس الفلسطيني " والهدف من إجراء الانتخابات لحكم الهيئات المحلية في هذه المرحلة بالذات لتشمل الجغرافية الفلسطينية ضمن تطلعات تكريس الوحدة الوطنية الفلسطينية والجغرافية الفلسطينية كون حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني التي يرئسها الدكتور رامي الحمد الله تمثل الولاية للجغرافية الفلسطينية ،
قرار حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني لإجراء الانتخابات في كامل الوطن الفلسطيني تتم وبشكل مغاير لانتخابات 2012 التي جسدت الانقسام وأجريت في حينه بالضفة الغربية واستثني قطاع غزه ونوهنا في حينه لمخاطر استثناء غزه من شمولية الانتخابات لحكم الهيئات المحلية ،
وهدف حكومة الوفاق بقرارها لإجراء الانتخابات لحكم الهيئات المحلية في موعد استحقاقها هو التغلب على عقدة الانقسام والتمهيد لإجراء انتخابات تشريعيه ورئاسية ضمن جهود قد تهيئ ظروفها ألا انتخابات لحكم الهيئات المحلية وتقود لتضييق شقة الخلافات بين فتح وحماس وإنهاء الانقسام وتوحيد الجغرافية الفلسطينية وليس ترسيخ الانقسام
شكلت الانتخابات حدث مهم بموافقة حماس التي تقود الانقسام في غزه بموافقتها على إجراء الانتخابات حيث عملت لجنة الانتخابات المركزية على تحديث جدول الناخبين وقادت العملية بنجاح لفترة الترشح وتسلم القوائم إلى أن حدث ما عكر صفوها بمحاولات إسقاط قوائم فتح قانونيا عبر محاكم غزه حيث كان الطعن في شرعية المحاكم والشرطة واؤجلت الانتخابات للبث في هذا الموضوع الإداري إضافة لموضوع القدس لأهميتها وقدسيتها وهي جزء لا يتجزأ من الجغرافية الفلسطينية
وهنا تكمن أهمية التنويه أن حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني شكلت بموجب اتفاق الشاطئ وان برنامجها السياسي الإعداد لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعيه ومحليه ومجلس وطني ، وان حكومة الاحتلال الصهيوني وضعت دواليب العصا في وجه الحكومة الفلسطينية لإسقاطها كونها حكومة توافق أجمعت كل القوى الفلسطينية على تشكيلها وذلك من خلال محاصرتها أولا ومن خلال حربها على غزه ، 2014 ، ورغم كل المعيقات والإجراءات نجحت الحكومة في بالون الاختبار وصمدت في وجه كل الضغوطات ،
وعليه فان تكهنات وتحليلات البعض في صدور قرار عن محكمة العدل العليا في الحادي والعشرين من الشهر الحالي يقضي بعدم إجراء انتخابات في قطاع غزه بعد الطعون التي قدمت للمحكمة هو أمر غير وارد لان هذا القرار تدخل في صلاحيات السلطة التنفيذية بحسب نص التشريع لحكم الهيئات المحلية المادة "4 " تجري الانتخابات في جميع المجالس في يوم واحد ، والقرار من مجلس الوزراء وإذا كان هناك موجب قانوني لإجراء الانتخابات في مجلس من المجالس في غير اليوم المحدد لإجراء الانتخابات حسب ألفقره أ
وتنص المادة الخامسة " للجنة الانتخابات المركزية أن تطلب تأجيل موعد الانتخابات في مجلس أو أكثر من المجالس المحلية لمده لا تزيد عن أربع أسابيع ، إذا اقتضت ذلك الضرورات الفنية وسلامة الانتخابات ويصدر قرار التأجيل عن مجلس الوزراء
ووفق ذلك فان محكمة العدل العليا في مضمون قرارها لن تتعدى على صلاحية السلطة التنفيذية المناط إليها إجراء الانتخابات لحكم الهيئات المحلية وفق نصوص قانون حكم الهيئات المحلية وللمحكمة أن تبت في موضوع الطعون دون التطرق في صلاحيات قرارها للسلطة التنفيذية خشية التداخل في الصلاحيات التي حددها القانون
كما أن إسقاط محاكم غزه قد تعني إلغاء الحوار وإسقاط جميع الاتفاقات بما فيها اتفاق الشاطي والأخطر من ذلك تجسيد الانقسام والفصل الجغرافي للدولة الفلسطينية المعترف فيها بصفة مراقب في الأمم المتحدة .
وهنا تكمن خطورة ومفصلية القرار الذي سيصدر عن محكمة العدل العليا وأهمية القرار بحيث إما أن يؤخذ القرار ذريعة ليصب في ترسيخ الانقسام أو أن القرار سيصب في مصلحة تجسيد الوحدة الجغرافية ويفوت ألفرصه على أولئك الذين يبحثون عن ثغره لتجسيد الفصل والانقسام
إن خطورة التحليلات للبعض ضمن التوقعات وغالبيتها بعيده عن الموضوعية وتحلل وفق اجتهادات تصب في مصالح لا تخدم المصلحة الوطنية وترسم صوره ضبابيه وسوداويه وتبعدنا حقيقة عن التطرق لصلب الموضوع وهو ضرورة توحيد الجغرافية الفلسطينية والوحدة الوطنية الفلسطينية لتفويت ألفرصه على الاحتلال الصهيوني الذي يهدف من وراء مخططاته لتأجيج الصراع الفلسطيني ويمهد لاقتتال فلسطيني يصب في مصلحة مخطط فلسلطنة الصراع .
الأصوات التي تنادي بإلغاء الانتخابات في قطاع غزه وتوقعات أن تقوم محكمة العدل العليا بإجرائها في الضفة الغربية وإلغائها في غزه أمر لا يمكن توقعه أو حدوثه لان محكمة العدل العليا ليست صاحبة الاختصاص في إجراء الانتخابات وإلغائها وان صاحب الاختصاص بحسب القانون الأساس الفلسطيني هو الحكومة" السلطة التنفيذية " وهي صاحبة الاختصاص في تحديد موعد إجراء الانتخابات وتأجيلها ولا يمكن التصور التعدي من قبل محكمة العدل العليا على اختصاصات السلطة التنفيذية ضمن مبدأ الفصل بين السلطات
وحقيقة القول أن قرار المحكمة العليا في قرارها الإداري لا يتجزأ وعليه فان القرار الإداري للمحكمة العليا هو في الحفاظ على الوحدة الجغرافية الفلسطينية ،
وهذا بالفعل ما أكده الخبير القانوني – ومدير عام الهيئة المستقلة لحقوق المواطن الدكتور عمار ألدويك أن قرار المحكمة العليا في قرارها الإداري الأخير حول الانتخابات المحلية قالت أن القرار الإداري لا يتجزأ أي لا يجوز بناءا على هذا القرار إجراء الانتخابات في الضفة دون غزة لأنها تناقض نفسها في حال أصدرت قرار من هذا النوع.
ومن الممكن على المحكمة العليا أن تلغي هذا القرار الإداري وتحيل الموضوع للحكومة التي من شأنها أن تتخذ قرارا يلغي هذه الانتخابات في غزة وعقدها بالضفة بناءا على الصلاحيات التي لديها فقط .
وحث دويك المحكمة العليا أن تتعامل بروح القانون دون الدخول بدهاليز السياسة , وقال دويك أن اتخاذ محكمة العدل العليا هكذا قرار من شأنه أن يعمق الانقسام الفلسطيني الداخلي وطالب بإجراء الانتخابات في غزة والضفة متزامنة لأنها فرصة حقيقية لان تكون مقدمة لإنهاء الانقسام وتوحيد شطري الوطن ..
وأوضح أن القوانين يجب أن تخدم الوحدة الوطنية الفلسطينية وهذا هو الأهم بالنسبة للمواطنين وانه يجب أن توظف القوانين في خدمة الوطن والقضية والمواطنين وإنهاء الانقسام وليس العكس
وهنا تكمن معضلة غزه بفعل الانقسام وفق رؤيا المحللين والخبراء والتوقعات بشان قرار محكمة العدل العليا
ونأمل أن يكون القرار يصب في صالح وحدة الشعب الفلسطيني والجغرافية الفلسطينية لان من شان أي قرار لا يؤخذ بحسبانه دقة ومفصلية القضية الفلسطينية أن يطيح بحكومة الوفاق الوطني الفلسطيني ويصب في صالح مخطط ترسيخ إمارة غزه وترك الضفة الغربية لمفهوم إسرائيل من صراع على حقوق إلى تنازع على أراضي وهذا الأمر من شانه القضاء على رؤيا الدولتين وهو ما يشتم به من تحليلات البعض الذي يدفع إلى ترسيخ الانفصال والانقسام ضمن اجتهادات لا تأخذ بأبعادها للرؤيا الوطنية.
بقلم/ علي ابوحبله