ثمة اسباب حقيقية ما وراء اشتعال ما يسمى ثورة فبراير عام2011 في ليبيا ولم يكن السبب المباشر هو القضاء على ما يسمى الطاغية معمر القذافي واحتكار اسرة القذافي للحكم والثروة ، وبرغم ان هناك كثير من الملاحظات القاتلة لاداء السلطة في عهد القذافي من صراعات على النفوذ وعدم التطبيق الجاد لمقولات القذافي وانتشار الفساد وعدم استثمار التمويل الحكومي للمشاريع بصدد التطوير لانتشار الفساد وسلوك تخريبي ممنهج في المجتمع الليبي تقوده المعارضة الليبية في الخارج مدعومة بقوى اقليمية ودولية ، تلك الظواهر التي تسببت في تذمر الشعب الليبي وخاصة الفئات المعدومة وانخفاض الرواتب في مجتمع تحملت فيه الدولة الليبية دعم الصحة والتعليم والمواد الاساسية والبعثات الخارجية ، ولكنني اعتقد ان السبب الحقيقي نشاط القذافي واهتمامه في علاقات ليبيا الخارجية واهمها افريقيا والاتحاد الافريقي وتهديد منطقة الدولار في افريقيا وموقفه من الاحتلال الصهيوني لفلسطين هذا اولا اما ثانيا فهي السياسة الاقتصادية والتجارية والتحكم في انتاج الطاقة البترولية وعدم اعطاء الشركات الاجنبية اكثر من 38% من الاستثمار ووضع رقابة على كافة الانشطة الاجنبية ، ومع طموحات للاسلام السياسي وخاصة الاخوان المسلمين للسيطرة على حكم ليبيا ، وما شجع ذلك ان الشعب الليبي بطبيعته متشدد دينيا وكما يوجد في ليبيا مليون حافظ للقران وانتشار عملية تحفيظ القران في جميع الجوامع والزوايا الدينية ، ومن ثم استغلال الالتزام الديني بعمقها العشائري في محاربة ما يسمى علمانية القذافي ونظريته للحكم .
منذ 17 فبراير عام 2011م شهدت ليبيا احداث درامية بل مليودرامية تسببت في انهيار الدولة وخسر الشعب الليبي مئات الالاف من ابناءه بين قتيل ومهجر وجريح وانتشرت النزعات القبلية في مجتمع كان يحظى بالسلم الاجتماعي وعدم التناقض المذهبي بين ابناء الشعب فهم مسلمون ذات مذهب واحد وانتهى القذافي بعملية لا اخلاقية هو واثنين من ابنائه على ابدي مراهقين بدعم مباشر من فرنسا التي تحملت المسؤلية الاولى في تغيير نظام الحكم والقضاء على القذافي الذي شتت ما تبقى من اسرته والمناصرين له في عدة دول .
اشتعلت الفوضى في ليبيا وازداد الفساد عن أي معدلات عالمية واحتكر قطاع البترول للعصابات المتطرفة وتعاملت فرنسا وايطاليا وبريطانيا ودول اقليمية عربية مع هذا الواقع وتغذيته بحيث اصبح هذالاستغلال بخلق عصابات متطرفة متناقضة مع بعضها وممولة من جهات اقليمية ودولية . هذه العصابات التي افرزت داعش وسيطرتها على سرت وكما هو الحال عصابات متطرفة تسيطر على مصراته ودرنا وطرابلس ومدن في الغرب الليبي وقسم من بنغازي .
نواة الجيش الليبي المهني الذي اسسه خليفة حفتر في الشرق الليبي وخاصة في طبرق والمرج وبنغازي كان هو الامل والانبعاث من جديد للجيش الليبي والدولة الوطنية التي انهارت ومجزءة تحت سيطرة العصابات والتي يتحمل مسؤليتها ما يسمى المؤتمر الليبي في الغرب اما البرلمان الذي اتى بعملية ديموقراطية فقد اقاام في الشرق وبالتحديد في منطقة طبرق .
خليفة حفتر الذي رقاه البرلمان لرتبة مشير هو ذاك الضابط في الجيش الليبي الذي اقام خارج البلاد وبالتحديد في امريكا اثر خلاف مع القذافي في حرب اتشاد ومن ثم عاد لليبيا عندما اشتعلت الفتنة والحرب الداخلية في ليبيا والممولة من دول الغرب ودول اقليمية .
خليفة حفتر الذي مازال يمتلك عقلية الضابط الذي فجرت ثورة الفاتح عام 1969م وان كان خلافه مع القذافي ونزعات السيطرة والتفرد ولكن تنغرس في اعماقه الدولة الوطنية الخالية من النزعات الجزبية المتطرفة والذي انطلق من الشرق الليبي لتاسيس الجيش ومن ثم خوض معارك ومواجهات في احياء بنغازي ودرنا بدء اليوم اكثر رسوخا في تنفيذ اهدافه وتحقيق انتصارات على الارض على طريق ليبيا الدولة الوطنية على كافة التراب الليبي وعملية سريعة اصبح الجيش الليبي بقيادة حفتر يسيطر على الهلال البترولي في راس لانوف والسدرة والزوتنية والبريقة مما غير من المعادلة في ليبيا وخريطة الصراع تلك العملية الجريئة التي استنكرتها امريكا وبريطانيا وفرنسا ، اما ما انتجه اتفاق الصخيرات وفرض حكومة مما يسمى المجتمع الدولي بقيادة الغرب في طرابلس برئاسة السراج فهي لا تمتلك من الاوراق أي نفوذ بل اتت على بارجه عسكرية لدخول طرابلس ، وبالتالي امتلك الجيش الليبي بقيادة حفتر زمام المبادرة وامتلاك اوراق القوة لتاسيس الدولة الوطنية وتوحيد التراب الليبي والشعب الليبي في مهمة شاقه بدأت من الشرق وامامها مهام اخرى نحو الوسط الليبي والغرب وبالتحديد العاصمة التي قد تلتقي فيها قوات حفتر مع القوات المواليه له في الغرب لتحرير طرابلس واعتقد بعد معركة سرت المصيرية التي قد تفتح المواجهات مع القوات المدعومة من الغرب وتركيا في مصراته.
بالتاكيد ان الجيش اليبي برئاسة حفتر والمدعوم من مصر باعتبار ليبيا مؤثر كبير على الامن القومي الليبي وتجارة السلاح وانتقال المتطرفين من ليبيا الى سيناء والعكس واعتقد ان مستقبل ليبيا والدولة الوطنية هي من اولويات المسؤلية المصرية تجاه العمق الاقليمي لمصر ، ومن ثم افشال مخطط تجزءة ليبيا ملقاه على عاتق الجيش الليبي ومصر لما تمثله تلك الجغرافيات التي يريدها الغرب من خطر حقيقي يهدد مصر .... اذا امام الجيش العربي الليبي مهام تلي سيطرته على الهلال البترولي وقد تكون مصراته بهد القضاء على داعش في سرت والتي تشهد مواجهات بين داعش والقوات الموالية للمؤتمر الليبي ومصراته.
بقلم/ سميح خلف