شكراً معالي الوزير : بات الوطن في عهدكم يزخر بالأفراح الدبلوماسية مع كل إطلاطة تغيير وزاري جديد!

بقلم: زهير الشاعر

في الحقيقة لا يسعني إلا أن أبدأ مقالتي الساخرة هذه وذلك بالتعبير عن بالغ إعجابي بالمهارات التظليلية التي يمارسها وزير الخارجية الفلسطيني د. رياض المالكي والذي إعتاد أن يفاجئنا مع كل حديث عن تغيير وزاري جديد بتطور دبلوماسي نوعي وجديد ومفاجئ خاصة مع بعض دول أمريكا اللاتينية وجزرها الصغيرة التي يبدو بأن لها مكانة في قلبه تثير الغيرة لدينا!، وكأنه يتحكم في وضع العلاقة مع هذه الدول لجعلها قيد الانتظار حسب الحاجة إليها!، فكان أخرها الإعلان عن التوقيع على إقامة علاقات دبلوماسية بشكل مفاجئ مع إحدى دول شرق الكاريبي وهي سانت فنسنت وجزر غرينادين!.
الطريف أن الاتفاقية حول إقامة هذه العلاقات الدبلوماسية تنص على تعاون غير محدود في كافة المجالات بدون تحديدها، لذلك يبدو بأن هذا التصريح هو بمثابة إعطاء الحق الحصري لكل شخص لكي يتخيل كما يريد كيف ستكون العلاقة بين الدولتين، مع عدم إغفال أنه تم ترك الباب مفتوحاً للإبداع في العلاقة ومنها حق توقيع الدولتين على اتفاقية تعاون مشترك في صناعة الصواريخ العابرة للقارات والتنقيب عن اليورانيوم لصناعة القنبلة النووية لمواجهة التهديدات الداعشية الإرهابية التي باتت تهدد العالم بأسره!، وذلك من خلال هذا الامتياز الفريد من نوعه والذي يعبر عن سبق دبلوماسي فلسطيني فريد!.
يأتي هذا الإعلان المفاجئ بعد انتهاء جلسات الدورة ال 71 للجمعية العمومية للأمم المتحدة والتي كُشِفَ خلالها عن فضيحة للدبلوماسية الفلسطينية تشير إلى حالة الوهن والضعف والاستهتار التي تحيط بها، حينما أعلن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بأن بلاده تجتاح بعلاقاتها الدبلوماسية المتقدمة دول أمريكا اللاتينية وافريقيا واسيا، حيث أنها باتت تقيم علاقات متقدمة مع دولها وتقدم لهم الخبرة في الابتكار وخاصة في مجال التكنولوجيا والمياه والزراعة والفضاء، بالرغم من أنه هذا التوقيع تم بالفعل أثناء إنعقاد قمة عدم الإنحياز وتم تكليف ليندا صبح سفيرة فلسطين في فنزويلا للقيام بمهمة التمثيل في هذه الدولة كسفير غير مقيم حيث أن صبح تحظى بثقة كبيرة وبعلاقات متميزة ومتينة للغاية يقال بأن لها أسبابها الخاصة وذلك مع وزير الخارجية الفلسطينيي د. رياض المالكي!، بالإضافة إلى معرفتها الواسعة التي يبدو بأنه لا يضاهيها فيها أحد من أبناء الشعب الفلسطيني وذلك بطبيعة المنطقة ومتطلباتها وإتقانها اللغات الإنجليزية والإسبانية والبرتغالية!.
فمثلاً قبل تغيير وزاري سابق على الحكومة الفلسطينية ، أعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية عن حدث نوعي كان يتمثل في حينه بتبرع جمهورية فنزويلا بمنحة نفط تكفي لدعم الأراضي الفلسطينية لمدة عام كامل!، ومنذ ذلك الحين حتى يومنا هذا لم يرى شعبنا من هذا النفط نقطة واحدة سوى السماع عن الحبر الذي إستخدم في التوقيع على تلك الاتفاقية، بالرغم من أنه حلم بذلك كثيراً وطويلاً!.
كما إرتبط إعلان وزارة الخارجية الفلسطينية عن توفر ألف منحة دراسية في كافة المجالات العلمية ، قدمتها جمهورية فنزويلا الصديقة للشعب الفلسطيني وذلك بقرب تغيير وزاري في حينه أيضاً ، ولكن تبين لاحقاً بأن العدد الذي تم استخدامه منها ذهبت لغير مستحقيها وبعيدة عن الأصول والمعايير المتبعة في مثل هذه الحالات ، مما أدى إلى فضيحة مدوية كشفت عن حجم التزوير والتظليل للرأي العام الفلسطيني وهزت أركان الدبلوماسية الفلسطينية، حيث أنها كشفت عن فساد ضخم كان يتعلق بها!.
تبين بأن المشاكل التي ترتبت على سوء الإدارة والفساد الناتج عن هذا الأمر كاد أن يتسبب في أزمة علاقات دبلوماسية بين البلدين قبل أن يتم احتوائها ، ولكن لا يمكن إغافل حقيقة أنها خلقت مشاكل معقدة للطلاب الذين عجزوا عن اجتياز متطلباتهم الدراسية، لأنهم لم يكونوا مؤهلين من الأساس عند عملية الاختيار لهذه المنحة!، مما دفع الكثيرين منهم لترك الدراسة والعودة من حيث أتى أو التوجه لسوق العمل في الأراضي الفنزويلية !، لأن الهدف في الأساس كان هو تسليط الضوء على إنجازات وهمية حتى يقال أنه تم تحقيقها في عهد وزير الخارجية د. رياض المالكي لضمان الحفاظ على بقائه في موقعه !.
كما أن بعض العلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول الصغيرة في المنطقة اللاتينية والتي تم الإعلان عنها في السنوات الأخيرة سرعان ما تبين أنها موجودة في الأصل ولكنها كانت هشة وصورية فيتم الإعلان عنها مرة أخرى من جديد لخدمة غاية إعلامية لا أستبعد إستخدام الرشوة من أجل تحقيقها!، حيث أنها سرعان ما تفقد الإهتمام والزخم والرعاية الدبلوماسية بها مما يؤدي ذلك إلى تقلب المواقف السياسية لهذه البلاد بعد تسليط الضوء عليها، وكانت شواهد ذلك زيارات قام بها زعماء بعض هذه الدول إلى المنطقة وخاصة إلى مدينة القدس الشرقية بدون التنسيق المسبق مع السلطة الفلسطينية كما حصل في حالة رئيس هندوراس خوان أورلاندو هيرنانديز عندما زار مطلع العام الحالي إسرائيل ومنها القدس الشرقية ! ، مما يعني أن الهدف من الإعلان عن هذه العلاقات مع كل حديث عن قرب تغيير وزاري يكون مبرمجاً لتحقيق غايات ذاتية فقط لخدمة هدف ضمان البقاء في المنصب!.
لا أريد هنا أن أقلل من شأن إقامة علاقات دبلوماسية بين هذه الدولة ودولة فلسطين خاصة فيما يتعلق بما تم وصفه بأنها تمت على مستوى تبادل السفراء وفي كافة المجالات بدون حدود!، ولكن كوني على يقين بأن الأمر مقصود وغير بريء ، ويتم تصويره على عجل وكأنه يتعلق بصعود مفاجئ بالعلاقات الدبلوماسية الفلسطينية وذلك إلى القمة ومنها لربما إلى القمر!، بالرغم من أن الإجراءات البروتوكولية المتعلقة بمثل هذه الأمور لا تتم بهذا الشكل من الأساس!.
أخيراً ، لا يسعني إلا أن أهنئ وزير الخارجية الفلسطيني د. رياض المالكي من صميم قلبي كاقتباس من كلام السيد الرئيس محمود عباس في خطابه أمام الدورة ال 71 للجمعية العمومية والتي خاطب المجتمع الدولي من صميم قلبه أيضاً!، وذلك على مهارات معالي السيد الوزير الكبيرة في مجال بيع الأوهام للشعب الفلسطيني وتقديمها على أنها إنجازات دبلوماسية نوعية !، وأتمنى أن يساهم هذا التطور كما يراه معالي الوزير وذلك في تشجيع السياح الفلسطينيين للذهاب إلى شواطئ هذه الدولة الدافئة خاصة أنها تتمتع بشواطئ جذابة وجميلة، أملاً أن يتم تخصيص عدد من المنح السياحية أسوة بالمنح الدراسية الفنزويلية والتي من المفترض أن تتوفر مستقبلاً تتويجاً لمفهوم العلاقات الدبلوماسية الغير محدودة ، كونها ستكون سخية في كافة المجالات !، وذلك لأبناء قطاع غزة البائسين والمحرومين والمتعطشين لمناظر جذابة وشواطئ نظيفة تشفي لهيب الاشتياق إليها !، وخاصة لبلاد مثل هذه ، تشجع على الاستثمار فيها ، ومن ثم توفر فرص الحصول على جنسيتها!، ولربما تشجيع الدول الأخرى الصديقة للاستثمار في إقامة علاقات دبلوماسية مماثلة وغير محدودة معها!، حيث أنها تبدو بأنها ستكون متوفرة حسب الطلب والحاجة لضمان البقاء في كرسي الوزارة!.
كما أنني أشد على يد فخامة السيد الرئيس محمود عباس حفظه الله وجعله ذخراً للوطن العزيز وابناءه المتخوزقين والمظللين عفواً المخلصين والمحببين!، وذلك للاستمرار في الإعلان عن تغيير حكومي جديد كل ثلاثة أشهر لتشجيع معالي السيد وزير الخارجية د. رياض المالكي للإبداع في الإعلان عن المزيد من العلاقات الدبلوماسية النوعية، ولضمان أن يأخذ كل أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات فرصتهم لكي يصبحوا وزراء في الحكومات الفلسطينية المتعاقبة، حيث أنه يبدو بأن هناك الكثير من دول أمريكا اللاتينية وجزرها الكاريبية لا زالت تنتظر دورها على أحر من الجمر !، وهي باتت رهن الإشارة لإقامة علاقات دبلوماسية غير محدودة مع دولة فلسطين العظمى وخاصة في مجال تكنولوجيا الفضاء والمجال النووي!.
في النهاية، لا يسعني إلا أن أقول دام وطننا عامراً بالأفراح الدبلوماسية والإنجازات والابتكارات النوعية، وابعد الله عن وطننا عيون الحاسدين والحاقدين وحفظ لنا معالي وزير الخارجية في كرسي يعشقه والتصق به!.

م . زهير الشاعر