بالسابع والعشرين من شهر ايلول سبتمبر من العام سبعين ... رحل القائد والزعيم وملهم الثورة المصرية ... وزعيم الامة العربية... أحد ابرز قادة الفكر القومي والوطني... واحد مؤسسي حركة عدم الانحياز... ومن اوائل المدافعين عن الفقراء ومن ابرز المطالبين بالعدالة الاجتماعية ومناصرة الضعفاء والفقراء... والوقوف في وجه الاعداء ومواجهة القوى الاستعمارية ومؤامراتها ومخططاتها وحتى احلافها وتحالفاتها .
رئيس الجمهورية العربية المتحدة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر وفي لحظة فراقه الاصعب على تاريخ امته وعلى واقع شعبه ووطنه العربي من المحيط الى الخليج ما بعد نكسة ألمت بالأمة بعد حرب خاطفة ارتكبها الكيان الاسرائيلي وما نتج عنها من احتلال للمزيد من الاراضي العربية والفلسطينية ... زادت من وقع الصدمة ومدى احتياج الامة الى زعيمها الذي لم ينكسر ... ولم ينهزم ... بل أصر على مواجهة العدو بحرب الاستنزاف التي امتدت لسنوات في ظل تجهيز واعداد القوات المسلحة المصرية لاستعادة الارض والكرامة واعادة الروح التي اهتزت نتيجة هذه النكسة... والتي سرعان ما تم استعادة الروح المعنوية من خلال حرب الاستنزاف وما تم تكبيده للعدو من خسائر فادحة .
بذكرى رحيل الزعيم الخالد عبد الناصر ... نقف اليوم امام لحظات تاريخية نعيد فيها لذاكرة الأمة مشوار حياة هذا الزعيم والقائد القومي العروبي المصري الذي رسم بمواقفه حدود ومعالم الخارطة السياسية الوطنية والقومية من المحيط الى الخليج العربي ... لبث روح التحدي والمواجهة للقوى الاستعمارية التي عملت على استمرار نهجها التامري وتنفيذ مخططاتها لاركاع هذه الأمة واضعاف مقومات قوتها ومحاولة كسر ارادتها .
الزعيم عبد الناصر تاريخ طويل ومشرف ... وعنوان بارز لقائد لامع... لا زال بذاكرة شعبه وشعوب امته وكافة احرار هذا العالم .
هذا الزعيم القومي الذي وقف وقال( لا) لامريكا ... كما وقف واعلن عن تامين قناة السويس كما هو ذات الزعيم الذي وقف واصر على بناء السد العالي ... هو ذاته الزعيم والقائد الذي وقف مع الفلاح والعامل المصري وعمل على تحقيق العدالة والكفاية كما عمل على توزيع الاراضي واستصلاحها... هو ذاته الزعيم الذي اكد على مجانية التعليم ومجانية الرعاية الصحية
... وهو ذاته الزعيم الذي رسخ سياسة الدعم للوقوف مع الفقراء ومحدودي الدخل .
هذه السياسة الناصرية المصرية الداخلية التي استمرت منذ عهد عبد الناصر وحتى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي مع كل ما طرأ من متغيرات سكانية واقتصادية واجتماعية تحتم المحافظة على ما رسمه عبد الناصر مع الأخذ بالاعتبار ما حدث من متغيرات اقتصادية عالمية... وما حدث على الاسعار من زيادة وارتفاع عالمي... وما طرأ على دخل الفرد من متغيرات اذا ما تم المقارنة مع عهد عبد الناصر .
الظروف مختلفة... كما الاسعار مختلفة... كما اليات الانتاج تختلف... في ظل متغيرات اقتصادية عالمية يجب ان تؤخذ بالاعتبار... وعدم امكانية تنفيذ سياسة منذ نصف قرن على واقع جديد يعيش الكثير من التحديات والمصاعب والمتغيرات الداخلية والاقليمية والعالمية .
نستذكر عبد الناصر وثورة يوليو 52 ... كما نستذكر عبد الناصر في خطابه في المنشية بمدينة الاسكندرية وهو يعلن عن تاميم قناة السويس ... كما نستذكر عبد الناصر ما بعد نكسة حزيران 67 عندما تنحى عن مسؤولياته وخرجت الملايين في التاسع والعاشر من يونيو متمسكة بقائدها وزعيمها ... ليؤكد الشعب المصري انه من اكثر الشعوب وفاءا وتمسكا بزعمائه وقادته في لحظات المحن .
محطات تاريخية وقومية لزعيم عربي افريقي ولأحد زعماء حركة عدم الانحياز واحد اهم قادة التاريخ الحديث الذي دعم الكثير من الثورات العربية والافريقية ... واحد عمالقة التاريخ بمشروعه الناصري القومي الذي لازال على قيد الحياة رغم كافة التحديات والمصاعب والمتغيرات .
مصر عبد الناصر تاريخ طويل لعطاء دائم ... ومواقف متجددة تؤكد على عمق واصالة وثبات المواقف المصرية منذ عهد عبد الناصر وحتى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي وهذا ما يؤكد على استراتيجية ثابتة ... لحقائق تاريخية لا تهزها رياح ولا تنال منها مؤامرات .
ذكرى وذكريات الرحيل لزعيم الامة الخالد جمال عبد الناصر لا زالت ثابتة ومتجددة بذاكرة الاجيال التي عاشت عهد عبد الناصر والتي شاهدت قاهرة العروبة بملايينها وبدموع ابنائها ... ٍتودع قائدها كما حال العواصم العربية التي كانت بوداعه قبل سنوات طويلة ولا زالت تستذكر هذا الزعيم الخالد .
فلسطين كانت احد عناوين الوداع... كما كانت احد محطات النضال والمواقف الشجاعة للزعيم الخالد عبد الناصر ... فلسطين التي بادلته الوفاء بالوفاء ... والحب بالحب ... والايمان بالايمان ... والمبادئ بالمبادئ... وفاءا للدماء المصرية التي سالت على ارض فلسطين كما سالت على ارض غزة... خرجت عن بكرة ابيها في وداعه في سبتمبر من العام 70 ... ولا زالت تستذكر مواقفه وكلماته والتي قالها حول ثورتنا... انها وجدت لتبقى وكان رد زعيمنا القائد ابو عمار ولتنتصر .
فلسطين بكافة مدنها وقراها خرجت عن بكرة ابيها بوداع زعيم الامة الخالد عبد الناصر لتبادله الوفاء والحب والتمسك بمبادئه القومية والوطنية ولن ينسى التاريخ ما قاله وزير الحرب الاسرائيلي موشي ديان عندما شاهد اهل فلسطين وهم يودعون زعيم امتهم عبد الناصر عندما قال عبارته المشهورة ...
هكذا الشعوب التي تقدر زعمائها
الشعب العربي من المحيط الى الخليج كما كافة الاحرار في هذا العالم لا زالوا على ذاكرتهم بالمواقف البطولية والانجازات السياسية الداخلية والخارجية للزعيم الراحل عبد الناصر وما قدمه من مساندة ودعم للثورات العربية في الجزائر واليمن وفلسطين والعديد من الحركات الافريقية .
هذا الزعيم الخالد وبصوته المدوي والمؤثر والذي لا زال بالعقول والقلوب ... وبخطاباته التي كانت تملأ سماء المنطقة والعالم لا زال يسكن القلوب ... وبذاكرة الشعوب والاجيال .
غزة ... هذا الجزء الجنوبي من فلسطين والجار الشقيق لمصر العربية والذي لمس من خلال اجياله مواقف عبد الناصر والذي سهل علينا تعليمنا... كما وسهل عليينا حركتنا ... كما وادار شؤوننا لفترة زمنية داعما ومساندا لنا ... لن ننسى صورته ومواقفه ونحن نستذكر اليوم مشهد الوداع لزعيم الامة وقائد مصر العربية ... لحظات لا تنسى ستبقى بالذاكرة وبصفحات التاريخ... لترسم عبر صفحاتها تاريخ زعيم عربي قومي ... اعتز بعروبته وامته وشعبه ... كما افتخر واعتز بمصريته وعمل بكل ما استطاع من اجل الحفاظ على كرامة الامة ومجدها واهدافها .
لا زالت عبارات وافكار زعيمنا الخالد عبد الناصر تتناقلها الاجيال المؤمنة بها ... وهذا ما يؤكد ان الرحيل جسدا ... لكن المبادئ والاهداف... لا زالت حية ولن تموت .
بقلم/ وفيق زنداح