قلق دولي متزايد بشأن الاستيطان وغياب المواقف الحاسمة ..!

بقلم: هاني العقاد

الدورة الحادية والسبعين للأمم المتحدة جاءت هذا العام بتعبير متزايد بشأن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس واحترام القرارات الشرعية والقوانين الدولية ,فقد عبر العالم عن قلقه الشديد من النشاط الاستيطاني الذي تتفاخر به اسرائيل وتسعي لتشريعه , يزداد قلق المجتمع الدولي من دورة الى اخري ولغة التعبير عن هذا القلق واحدة والتحذير من خطورة الاستيطان مازالت هي ذات اللغة خلال دورات الامم المتحدة الثلاثة السالفة ,نعم لغة القلق جاءت هذه المرة اكثر حدة من قبل بعض الدول المناصرة للنضال الفلسطيني لكن دون مواقف حاسمة , الواضح ان الكثير من دول العالم بدأت تدرك مدي خطورة تزايد الانشطة الاستيطانية في اراض العام 1967 والموسومة بأراضي الدولة الفلسطينية باعتبار ان الحل الوحيد هو حل الدولتين والرغبة الوحيدة لدي كل دول العالم بما فيها دول الرباعية الدولية والاتحاد الاوروبي هي لغة تعبر عن تهديد الاستيطان لحل الدولتين .

الدورة الحادية والسبعين للأمم المتحدة كشفت هذه المرة مواطن العجز في عمل هذه المنظمة الاممية المعنية بالأمن والاستقرار والسلم العالمي كما وكشف عدم قدرتها على وقف كل ما يعيق تحقيق السلام الشامل واهمها ممارسات دولة الاحتلال الاسرائيلي بحق الفلسطينيين وسرق ارضهم والاستيطان في بيوت وسعيهم لتشريع هذا الاسيتطان , السيد بان كي مون السكرتير العام للجمعية العامة للأمم المتحدة قال في كلمة هامة له اعرب فيها ان حل الدولتين اخذ يبتعد وحذر من ان تؤدي حالة انعدام الحل الى منع الحرية عن الفلسطينيين وقال "لقد اضاعت اسرائيل عشر سنوات من البناء الاستيطاني غير القانوني وهذا هو الجنون بعينه" . اذا كانت الامم المتحدة تجذم ان حل الدولتين اخذ يتباعد بسبب تزايد النشاط الاستيطاني دون ان تفعل شيء فان هذا دليل واضح على عجزها وعدم قدرتها على وقف كل اسباب الصراع والعدوان على شعب اعزل .وعجزها ايضا في توفير الحماية للشعب المحتل وهذا العجز بسبب رفض اسرائيل للانصياع للقانون الدولي والقانون الانساني , والنتيجة ان الفلسطينيين سوف تستمر معاناتهم بسبب هذا الاحتلال و بسبب عدم اتخاذ موقف حاسم يلزم اسرائيل باحترام القرارات والقوانين الدولية ويشرع بإنهاء احتلاله للأرض الفلسطينية ويحترم حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس .

رباعية الدولية والتي اصدرت تقديرا الفترة الماضية يساوي الضحية بالجلاد لم تكن اكثر زكاء في تحديد قلقها بشان الاستيطان الاسرائيلي وحذرت من تهديد هذا الاستيطان بتقويض فرص حل الدولتين كما انها أكدت معارضتها الشديدة للنشاط الاستيطاني المستمر والذي يشكل عقبة في طريق السلام وعبرت عن قلقها البالغ من تسارع البناء والتوسع الاستيطاني , لعل هذا التأكيد والقلق لا معني له وخاصة ان الرباعية تضم لاعبين كبار في الصراع و الداعم الكبير والاول لإسرائيل باعتبارها قوة احتلال وهي واشنطن , يأتي هذا التصريح متطابقا لما جاء على لسان اوباما عندما قال "ان الفلسطينيين والإسرائيليين سيكونون بأحسن حالا اذا رفض الفلسطينيين التحريض واعترفوا بشرعية اسرائيل واذا ادركت اسرائيل انه لا يمكنها احتلال واستيطان ارض فلسطين للابد" , للأسف ان اوباما هنا تحدث باعتبار ان الفلسطينيين والإسرائيليين هم ذات السبب في الصراع ولم يتطرق الى موقف واشنطن من الاحتلال ,وماذا يمكن لواشنطن ان تفعل اذا استمرت اسرائيل في مشروعها الاستيطان ولم يحدد موقف حاسم يدعوا لمبادرات دولية تفرض على اسرائيل وقف الاستيطان واذالته , حتي ان الرجل لم يتطرق الى سؤال اسرائيل عن مليارات الدولارات التي اخذتها من واشنطن اين ذهبت ولا يريد ان يتطرق الى الدعم الكبير الذي ستقدمه الى واسرائيل خلال العشر سنوات القادمة ,الرجل اكتفي خلال لقائه مع نتنياهو على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإعراب عن قلقه من استمرار البناء الاستيطاني في المستوطنات .

اما العرب فلم يبتعدوا كثيرا عن درجة القلق الدولية مع بعض المطالبات الناعمة بانتهاء الاحتلال وقبول اسرائيل بالسلام ,وبالتالي ومع تزايد هذا القلق الذي يفهم بانه لا معني له في ظل غياب مواقف دولية حاسمة بشأن الاستيطان و ممارسة ضغط دولي ايجابي على اسرائيل لوقفه تماما ,والجديد ان الرباعية العربية سوف تعقد اجتماعا قريبا بالقاهرة للتشاور حول الوقت المناسب لتقديم مشروع امام مجلس الامن يدين الاستيطان الاسرائيلي ويعتبره غير قانوني وذلك بسبب الانتخابات الامريكية التي ستؤثر على المشروع وقد تكون سببا في استخدام واشنطن حق النقد الفيتو لإسقاط المشروع . وكان بالإمكان الاعلان عن قطع علاقاتها بإسرائيل العلنية والسرية وذلك امام العالم وتحديد شروطهما لإعادة السفراء والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بالتوقف التام عن النشاط الاستيطاني بارضي العام 1967 , باعتبار ان اسرائيل تستغل ذلك لممارسة مزيد من الاستيطان والفجور السياسي بتزوير الحقائق وقلبها امام العالم في محاولة من حكومة نتنياهو العنصرية الاستيطانية بتغيير حقائق الصراع .

بقلم/ د. هاني العقاد