... على الدوام كان هناك اختلالا في علاقة مركز فتح بالأطراف والأقاليم مناطقيا أو قطاعيا وكان الأعضاء لا يتذمرون بالشكل الذي نراه اليوم في تفشي ظاهرة الشوفينية المناطقية أو القطاعية أو الانتسابية لجهاز أمني معين أو قطاعات تنتسب في وظيفتها لمقامات عليا كحرس الرئيس ..كان الفتحاويون منهمكين في تمكين مراكزهم ووظائفهم المكتسبة حتي جاء انقلاب حماس ليكشف المستور من تحول الثوار إلي موظفين ورواد استثمار ومشاريع تجارية اكتسبوا تسهيلاتها بحكم مواقعهم وتوسعت تلك الشريحة دون حسد من الآخرين فأقلهم قد ظفر بوظيفة تؤمن له العيش الجيد .. بعد الانقلاب كان هناك دعوات للتصحيح واستخلاص العبر وماسماه تروتسكي بالثورة الثانية وتصور الفتحاويون أن المؤتمر السادس سينقلهم لوضع أفضل ولكن علي ما يبدو أن أزمة فتح تفاقمت بعقد هذا المؤتمر ودبت اشكاليات اكبر لها علاقة باستمرار اهمال التنظيم وتماهي الفتحاويون بالسلطة وترعرع الشللية ومراكز القوي بصورة أبشع ما سبق المؤتمر السادس وضاعت في الطريق التوصيات والخطط التي خرج بها المؤتمر للنهوض بالحركة وتواصلت الاشكاليات وتعمقت مركزيا في أعلي هيئة قيادية تقود الحركة بين المؤتمرين السادس والسابع وهي اللجنة المركزية وكانت أخطاء الرئيس السياسية والادارية في السلطة وفي حركة فتح خطيرة وأخطرها علي الاطلاق ذلك الفصل التعسفي للنائب والشخصية الكاريزمية الأقوي النائب في المجلس التشريعي وعضو اللجنة المركزية الأقوي محمد دحلان وارتفعت وتيرة الخلاف وتغذية المواقف خاصة من قبل بعض أعضاء المركزية الطامعين في خلافة عباس الذي تصور الكثيرون أنه أوشك علي الرحيل ولكن الرئيس تمسك بالسلطة وبرئاسة حركة فتح وازداد التخبط والقمع وتجاوز الأنظمة والقوانين من قبل الرئيس حتي وصلنا الي ما نحن فيه من محاولات عقد المؤتمر السابع استخداميا في ظل الصراع علي الخلافة والتصدي للمبادرة الرباعية العربية للنهوض بالحالة الفتحاوية والوطنية الفلسطينية والآن يدفع أعضاء من اللجنة المركزية بعينهم ولهم من ورائهم اقليميا لتعميق الشرخ الفتحاوي الذي ظهر جليا بأنه صراع بين المركز في رام الله واقاليم الجنوب في قطاع غزة وأصبحت ردات الفعل تحكم المواقف في رحلة تخبط وارتباك لم تشهد لها الساحة الفتحاوية من مثيل .. الآن الرئيس بحقده علي غزة وعلي النائب محمد دحلان تتخذ المواقف طابع التشنج ورفض المبادرة الرباعية العرببة لللنهوض بحركة فتح والوطنية الفلسطينية .. المتوقع الاسراع في عقد المؤتمر السابع للتخلص النهائي من النائب محمد دحلان ومؤيديه دون حساب لردات الفعل الفتحاوية التي لا أحد يتوقع كيف ستكون وهل ستتعمق الخلافات بين غزة ورام الله ويذوب التنظيم والحركة وتضعف مكانته ونشهد ظهور جماعة فتحاوية قوية تقود التيار الوطني بديلا عن الفتح التي ستكون محطة المؤتمر السابع نهايتها التي عرفناها ... هذا ما ستجيب عليه الايام والاشهر الخمسة القادمة بعد انعقاد المؤتمر السابع بقليل أم سيكون في الأفق ما لا ندري من أحداث ومواقف وحروب وسيناريوهات تتمحور خلف من سيخلف الرئيس عباس وأين ستكون فتح في المستقبل؟
أما رسالة الأخ القائد محمد دحلان فقد حملت خطابا وحدويا عنوان وصولها للهيئات القيادية العليا في حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وكل أعضاء حركة فتح ومناصريها والشعب الفلسطيني قاطبة بفصائله وأحزابه وم ت ف ومؤسساتها التمثيلية تسابق الزمن في في محاولة انقاذ فتح والوطن والقضية .. هذا الخطاب الجامع ناشد الجميع وأوضح للجميع مواقف ومفاهيم وقناعات السيد محمد دحلان عضو اللجنةر المركزية في فتح ومبينا ما كان يدعو ومازال له رغم ألم الحال وظلم الفصل التعسفي في مقام بغير مقال... القائد دحلان غير أنه سجل موقفا تاريخيا ثابتا بتمسكه بحركته فتح دعا بكل قوة لوحدة فتح للخروج من المأزق الفتحاوي وصولا للخروج من المأزق الوطني الواقع تاريخيا علي عاتق حركة فتح في كل المحطات السابقة والآنية واللاحقة حيث شكلت ولاتزال حركة فتح قيادة المشروع الوطني التحرري وبين السيد دحلان كيف يفكر القائد المسئول والملتزم تجاه شعبه وقضيته الوطنية بداية بخصائص وفوائد وحدة فتح الداخلية علي الصعيد الفتحاوي الخاص وعلي الصعيد الوطني العام متحدثا عن المسئولية الوطنية تجاه الداخل والشتات ومعاناة أهلنا في مخيمات اللجوء في سوريا ولبنان وكيفية حماية شعبنا عبر مسئولية القيادة الفلسطينية التي تتخبط في حمايتهم من المؤامرات عليهم وعلي مستقبلهم وبين طريق الحل للانقسام والمصالحة الوطنية وكيفية الذهاب للمستقبل بوحدة وطنية تتصدي للاحتلال علي برنامج واستراتيجية وطنية موحدة .. في هذا الخطاب الحيوي المدرك لكل أبعاد المستقبل الفلسطيني قدم دحلان رؤيته للنظام السياسي المبني علي القانون الفلسطيني في اكمال العملية الديمقراطية وشدد علي دورية الانتخابات بكل مواقعها التمثيلية وأكد رفضه المطلق في الجمع بين الرئاسات في فتح و م ت ف والسلطة والمطلوب مغادرة هذه الحالة الديكتاتورية من النظام السياسي الفلسطيني وأكد دحلان في خطابه من جديد عدم وجود نوايا مسبقة للظفر بالرئاسة رغم حقه مثل أي مواطن فلسطيني في الترشح والانتخاب في الوقت الذي يري ذلك متاحا ديمقراطيا .. دحلان في خطابه اهتم كثيرا بموضوع العلاقات العربية والمبادرة الرباعية العربية كخارطة طريق وضعها إخوة عرب أحسوا بالمسئولية لانقاذ فتح والنظام السياسي الفلسطين وأهمية استجماع كل عناصر القوة الفلسطينية والعربية في الصراع مع الاحتلال بكل أدوات النضال التي يبتغيها الفلسطينيون ويتوافقون عليها دون أدني تدخل في القرار الفلسطيني وعاد في نهاية خطابه ليؤكد حقيقة أن الوطن والقضية ستكون بخير إذا عادت فتح لوحدتها الداخلية وإلا ستفقد فتح ذاتها ويفقد الشعب الفلسطيني قضيته ومد يده من جديد دون حرج للمصالحة مع الرئيس ومع اللجنة المركزية ونسيان الماضي من أجل أرواح ودماء شهداء فتح والوطن ومن أجل ألا تضيع معاناة الأسري والجرحي وكل من دفع ثمنا غليا في مسيرة حركة التحرير الوطي فتح التيار الوطني المركزي في منظمة التحرير ... لازال دحلان بحيويته المعهودة حارسا لفتح وللقضية رغم ظلم الآخرين.
ما أردت توصيله من جمع العنوانين مؤتمر فتح السابع ورسالة دحلان هي الشيفرة ما بين الحدثين والامتحان الفتحاوي الأعسر فإما الوحدة وإما أين فتح علي الخريطة وبين العرب القادمين بلا تردد هذه المرة.
بقلم/ د. طلال الشريف