بين بارقة حب الذات، وظلم البشر، تولد فاجعة تعكس ما شكله الواقع في حياة الأمهات والأبناء، لتكون الكلمة للأنا وما سواها كله هباء، ما بين رجل عشق الهوى، وسيدة حلمت بأن يكون المأوى بيت تجتمع فيه الذكريات التي ذهب الكثير منها تحت الركام، أحداث وحكايات يرويها الدمع والدم ليس وإلا في بيت هذه السيدة، ولكنها كارثة قد تطيح بأجيال كثيرة إذا لم يكن هنالك حد لها.
قبل أن تلجأ لجمعية وفاق لرعاية المرأة والطفل بقطاع غزة، عاشت السيدة (أ- س) والتى تبلغ من العمر (45) عاما وهي أم لثلاث أطفال، حياة مريرة من قبل زوجها الذي يعاني من انفصام في الشخصية، والذي دفعه لتعاطي المخدرات هروبا من واقعه والابتعاد عن تحمل مسؤولية أبناءه وبيته.
باع مأوى أطفاله
لم تفتأ أن تنتظر لدقائق قليلة حتى جشهت بالبكاء مسترسلة قصتها :"استلمت بيتا جديدا في الحي السعودي في (مدينة رفح جنوب) القطاع) بعد أن قصف منزلي خلال الحرب على غزة، وبعد عام من سكني في البيت فوجئت بمجموعة من الناس ومعهم سمسار عقارات يقولون لي بأن زوجك قد باع لنا هذا المنزل وعليك إخلاؤه بعد عدة أيام، وقتها صدمت لأني لم أكن اعلم شيئا عن هذا الموضوع".
وتتابع: "اللحظات الأولى حين سماع هذا الحديث شكلت لي صاعقة، قسمت فيها كل ما استجمعته من ذكريات بيتنا القديم، حتى بدأت في الصراخ بوجه من تواجدوا حولي لينهال علي زوجي بالضرب ويطردني، في ذلك الوقت لم أجد مأوى سوى بيت جيراني قبل الانتقال لبيت أخي".
وحيدة بين جدران المنزل وخربشات الزمن التي شتت حياتها استكملت السيدة ذات الخمسة وأربعون ربيعا حياتها في بيت أخيها الذي انتقل مسافرا إلى الجزائر، لتتساءل في هذا الحين قائلة:" من سيعينني على الحياة، وزوجي لا يعلم ماذا عشت طيلة 10 سنوات ماضية في إعالة أخي الذي رحل".
معاناة متواصلة
بعد عمر طويل وسنين عجاف عاشتها الأسرة التي فقدت أهم عناصرها استفاقت من حلمها لتجد القليل من الضمير الذي غاب، وتضيف:" بعد فترة وجدت زوجي قد اشترى لنا بيتا غير آهل للسكن، فأرضيته رملية وسقفه من الاسبست وحيطانه تحتاج للترميم ولا يوجد فيه أي منافع للحياة لا ماء ولا كهرباء".
فبعد أن صرف زوجها ما تبقى من المال على رغباته الخاصة والمخدرات أصبح يشك في كل شيء ويتخيل قصص غير موجودة، ويضربها وبناتها عند رجوعهن من المدرسة بقسوة وعنف وقد أصبحن من كثرة الضرب والتخويف والتهديد يعانين من مشاكل نفسية وسلوكية كالتبول اللااردي والعدوانية والكذب".
عندما يجمع الخير مع الشر فإن الكلمة تكون للحق بلا مفر هذا ما عبرت عنه السيدة (ا –س) في ختام حكايتها لتتحدى نفسها قبل ما يقع عليها من ظلم أقترفه زوجها طيلة الأعوام السابقة وتقول :" تجرأت هذه المرة بالرفض، ومع تدخل اهل الخير فقد تم منع زوجي من بيع البيت الثاني ولو باعه لأصبح مأوانا الشارع فقط".