(1) قائمة الإرهاب لدى البنك العربي
جَمَدَت إدارة البنك العربي حسابَ جمعية الامل التعاونية لإسكان الأسير قبل خمسة أشهر، مما منع الجمعية من إمكانية الحصول على دفاتر شيكات أو اصدار شيكات للمتعاقدين معها أو صرفها، دون سابق إنذار أو اتصال أي بقرار تعسفي من إدارة البنك العربي. وعند الاحتجاج لدى مدير فرع البيرة آنذاك لم يتلقَ أعضاء الجمعية أية إجابات واضحة محددة أو مكتوبة سوى كلاما عاما معسولا.
حرصُ إدارة الجمعية على تفهم الامر، لعلمها بالقضايا المرفوعة على البنك في الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، واستكمال الجمعية أعمالها أو مشروعها الاسكاني من جهة ثانية، حال دون اتخاذ إجراءات قانونية من طرفها بحق البنك سواء بالتوجه لسلطة النقد أو المحاكم الفلسطينية. بهذا الفعل "تجميد حساب الجمعية" خالفت إدارة البنك العربي قواعد السلامة المحاسبية والتدقيق المالي التي حرصت السلطة الفلسطينية على تعزيزها في أعمال الجمعيات الأهلية والخيرية والتعاونية وخاصة الانتقال من الاستخدام النقدي للأموال "الكاش" الى المعاملات البنكية لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في اعمال الجمعيات.
علما أن أموال الجمعية هي بالأصل من تمويل البنك العربي ذاته، ليس منّةً منه بل قروضا على أعضائها، أي لا توجد مصادر أخرى للتمويل. ويبدو أن إدارة البنك بعد استيفائها للفوائد على القروض قررت التخلص من الجمعية بحجة الخوف من قوائم الإرهاب أو الملاحقة في الولايات المتحدة الأمريكية.
المسألة لا تتوقف على حساب جمعية الاسرى أو الجمعيات الاخرى بل تعدى الى الأشخاص "الأسرى والاسرى المحررين" من تأخير رواتبهم ليوم إضافي، والطلب من بعضهم إغلاق حساباتهم، ومنعهم من الحصول على القروض الشخصية أو وضع بعضهم على "قائمة الإرهاب" لدى إدارة البنك العربي دون وجود قرار قضائي في هذا الشأن. وفي ظني أن هذه القائمة تتضمن أكثر من ثمانمائة ألف فلسطيني؛ هم أبطال فلسطين أمضوا أعز سنوات حياتهم في أقبية التحقيق وزنازين سجون الاحتلال دفاعا عن الوطن وحماية للأمل المتمثل بتحقيق الدولة التي يَنعمَ بخيراتها البنك العربي وادارته.
(2) استعلاء البنك العربي
خدمة العملاء أو الزبائن أو الجمهور في البنوك المحترمة هي غاية وهدف لإدراك رضى الناس والعملاء، وهي تحتاج إلى ان تكون قريبة وفي اتصال مباشر ومرئي مع العملاء وليس عبر الهاتف أو من خلف جدرانا اسمنتية أو زجاجية وطوابق علوية. ربما لا تدرك إدارة البنك العربي أن دائرة الشكاوى في البنك أو ضابط الامتثال هما ملجأ المحتجين والمعترضين والمستفسرين للحصول على إجابة مقنعة من ذوي الاختصاص.
وفي ظني أن المواطن أو "العميل بلغة البنوك" الذي يصل مبنى الإدارة الإقليمية قاطعا مسافات وأميالا متكبداً العناء؛ يعتقد ان لدية مشكلة تحتاج حلا أو استفسارا بحاجة الى إجابة شافية، يستحق الاحترام أو لباقة الاحترام على حد قول المثل الفلسطيني "لاكيني ولا تغديني". وفي ظني أن هذا المواطن "العميل" أيضا يدرك حقوقه وساعى للحصول عليها، بغض النظر عن ضخامة هذا البنك أو جمالية المبنى، وفقا للقانون وليس اتصالا للاستعلام من طرف دائرة الشكاوى وإخبار شفوي.
(3) البنك العربي وخرق تعليمات سلطة النقد
تنص احكام البند الثالث من المادة السادسة من تعليمات سلطة النقد الفلسطينية رقم 2 لسنة 2016 بشأن الإقراض المسؤول الصادرة بتاريخ 20/ 3/2016 والمتعلقة بالدراسة الائتمانية على "بعد انتهاء عملية الدراسة الائتمانية الشاملة لوضع المقترض الائتماني وضمانا للشفافية وحماية للحقوق وتعزيزا للمهنية في دراسة طلبات الائتمان، وفي حال طلب المقترض نسخة من القرار الائتماني النهائي، فإنه يجب على مزود الخدمة الذي قام بدارسة وتقييم طلب العميل أن يقدم له نسخة خطية مجانية من نتيجة قراره الائتماني النهائي بشأن التسهيل/ التمويل المطلوب من قبله، على ان يتم توضيح وذكر الأسباب الرئيسية والمهنية لرفض مزود الخدمة منحه التمويل/ التسهيل في حال كانت النتيجة الرفض".
هذا النص واضح وملزم لإدارة البنك العربي لتقديم إجابة مكتوبة للأسباب التي حذت بها لرفض منح قرضا (تمويل/ تسهيل) لأحد عملائها وعدم الاكتفاء بردِ شفوي على طلبه بعدم القدرة التمويلية هربا من المساءلة. وفي ظني أن إدارة البنك العربي هنا إما أنها تعتبر العملاء يجهلون أحكام القانون ويمكن "استغفالهم"، أو انها تجهل أحكام تعليمات سلطة النقد في هذا الخصوص، أو أنها تعتبر نفسها فوق القانون لضخامة حجم بنكها ولا تعبأ لتعليمات سلطة النقد، أو انها تعتبر نفسها غير خاضعة لمساءلة سلطة النقد الفلسطينية.
فالقرار المتخذ بغضون ساعتين لرفض التمويل بكل تأكيد لم يحظَ بالدارسة التمويلية الكافية المنصوص عليها في البند الخامس من المادة السادسة من تعليمات سلطة النقد المتعلقة بالإقراض المسؤول، إلا إذا كانت لدى إدارة البنك قوائم جاهزة ومعدة ترتبط بما عرضناه في القسم الأول من هذا المقال "قائمة الإرهاب"، وهي تمتنع عن تقديم إجابة مكتوبة لمعرفتها بعدم وجود أية أسباب ائتمانية تعوق هكذا تمويل إلا إذا كانت سياسية من قبيل تمويل الارهاب.
يتباهى الفلسطينيون بأن البنك العربي انطلق من القدس إلى العالم ويفتخر بنجاحاته. لكن الشعب الفلسطيني يفتخر أكثر بأبطاله القابعين في الأسر أو الذين أمضوا زهرة شبابهم في الاعتقال ويتباهى أكثر بهم فهم ثروة الوطن واستثماره.
--
Jehad Harb
Researcher in governance & policy issues