الرئيس عباس : لا تيأسوا ولا تقنطوا فإن الدولة قادمة لا محالة !

بقلم: زهير الشاعر

استشعارا من الرئيس محمود عباس بخطورة المرحلة وغليان الشارع الذي بات على وشك الانفجار في وجهه ووجه منظومته، طالب في المؤتمر الأول لمغتربي أبناء محافظة بيت لحم، أبناء الشعب الفلسطيني بالمزيد من الصبر وأن لا يدخل اليأس إلى قلوبهم ، وبشرهم بأن الدولة الفلسطينية قادمة لا محالة! ، جاء هذا الحديث متزامناً مع بيان لرئيس جهاز الأمن الوقائي الذي يبدو بأنه استشعر تململ ضباطه، بعد أن سجل الرئيس محمود عباس فضيحة تاريخية، لا زالت تبعاتها تتفاعل في كل بيت للفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم والأهم من ذلك أنها تسببت في استياء عام بين كل أطيافهم بشكل غير مسبوق!.
كما أن التسريبات التي خرجت من جهاز المخابرات العامة وعلى لسان ضباط شرفاء ووطنيين، بأن رئيس الجهاز افتعل حادثة تصادم السيارة بذكاء ليعفي نفسه من حرج المشاركة في الجنازة المذكورة إدراكا منه بتبعات ذلك! ، لذلك هناك تساؤلات مشروعة باتت ملحة، وهي لماذا لم يدرك الرئيس الفلسطيني محمود عباس خطورة الأوضاع في بلده وبين مواطنيه وأصر على تحدي مشاعرهم؟!، أم أنه بات بالفعل يعيش حالة عزلة بالكامل عن همومهم وألآمهم وأوجاعهم التي تسبب بها فريقه الحاكم ، وذلك من خلال سياسة التجويع والقمع وهو بذلك بات لا يدري ما الذي يدور من حوله وحجم حالة الغضب ضده وبالتالي بات مغيباً عن هذا الحال بالكامل؟!، أم أنه يعرف الحقيقة ولكنه يمنعن بتحدي تلك المشاعر لكي يعمل على استفزازها وكأنه في حالة عداء مع أصحابها وهم أبناء شعبه؟!، حيث يبدو بأنه لم يعد يحتمل أي انتقادات لسياساته الفاشلة لا بل أصبح يخشى حتى المصفقين له خوفاً من جبروته أو نفاقاً أو مجاملةَ عندما يدلي بأي أحاديث في أي مناسبة عامة!.
بالأمس وفي مدينة بيت لحم عندما وجه التحية للحضور أثناء المؤتمر ، التف حوله رجال الأمن والحراسة بشكل ملفت وكانوا على أهبة الاستعداد خوفاً من أي ردة فعل غير محسوبة من الحضور، مما يشير بأنه أصبح بالفعل يعيش حالة قلق غير مسبوقة تنعكس على أدائه مما جعله وكأنه في علاقة عدوانية اتجاه أبناء شعبه!، ويدرك يقيناً بأنه لم يعد لديه شعبية وبأن حالة الأمان له لم تعد موجودة أو متوفرة كما كانت!، مما أثاراً تساؤلاً حول مفاهيم الرئيس محمود عباس لضروريات العلاقة بينه وبين أبناء شعبه ومتطلباتها في ظل ما تمر فيه المنطقة برمتها!.
أيضاً لابد من أن نتساءل عن ماهية الهدف من طلبه في الوقت الحالي من أبناء الشعب الفلسطيني بالمزيد من الصبر الذي يتطلع إليه، وما هو المقابل لذلك بعد عشرة أعوام عجاف ، كانت سادية بكل معنى الكلمة، حيث كان عنوانها الفشل والقمع والفساد ، أذل فريقه فيها الناس وتغولوا على كرامتهم وحرموهم من أحلامهم وحاربوهم بلقمة عيش أطفالهم ودمروا بيوتهم العامرة واحتقروا تطلعاتهم واعتدوا على حرماتهم ، والأهم من ذلك رُسِخَ في عهده انقساما بغيضاً ومشبوهاً بين شطري الوطن بهدف إلهاء الناس في بعضها البعض عن ضياع أراضي الوطن ومصادرتها؟!.
فهل الصبر الذي كان يعنيه معناه أن هناك محاسبة للفاسدين الذين اغتنوا في مرحلة إذلال المواطنين الأمنين والعربدة على أمالهم وأحلامهم وتطلعاتهم وعلى حساب كرامتهم ؟!، وما الذي لا زال يملكه لكي يتمكن من تصحيح الخراب الذي تسبب به بعد هذا الدمار الهائل على المستوى الاجتماعي والإنساني والوطني الذي لحق بأبناء شعبه خلال هذه الفترة المسلوبة من أعمارهم كونهم أبناء شعب بات في فترة حكمه مكلوماً ومذلولا؟!.
أيضاً ، هل الرئيس عباس الذي يطالب أبناء شعبه بأن لا ييأسوا ولا يقنطوا من رحمة الله وهم كذلك بدون طلبه!، لديه استراتيجية وطنية واضحة لرد اعتبارهم والحفاظ على كرامتهم ورد حقوقهم ومداواة جراحهم وفوراً بدون خداع وهدر للوقت؟، أم أنه لا زال يعيش حلماً بات غير واقعياً، بأنه لا زال قادراً على بيع المزيد من الأوهام لاستهلاك المزيد من الوقت حتى يضمن البقاء في كرسي الرئاسة الذي يغتصبه بحكم القوة ولم يعد يتبوأه بحكم القانون؟!.
ما الذي يريده الرئيس عباس بعد أن انتشرت في أرجاء الدنيا بالأمس وثيقة صك براءة من أفعاله والمطالبة بعزله وذلك على أوسع نطاق بين أبناء الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجدهم في المعمورة ؟!.
ألم يصل لمسامعه بأن معظم أبناء أقاليم فتح في العالم بدأت ترفع صوتها وتتحدث بصوت عالٍ عن براءتها من سياساته ، لا بل طالبوه بالاعتذار أو الاستقالة؟!.
عن أي صبر يتحدث الرئيس عباس وهو يعلم يقيناً بأنه لو كان أيوب حياً لما وجد مقارنة بين صَبْرِه وما صَبَرهُ أبناء الشعب الفلسطيني على همجية وسادية وانحدار بعض رجال منظومته؟!، على أمل أن يعيشوا هم وأطفالهم حقهم في حياة كريمة وأن يكون لهم دولة يعيشون فيها بأمن وأمان وسلام كباقي البشر!، وهو الشعب الذي كان يمتلك بعزة وشموخ مقومات ما يجعله أن يحافظ على كل كرامته وكرامة وطنه، وليس على ما تبقى له من فتات كرامة ديست بأحذية أدوات الحاكم القذرة التي حطمت كل قيمه الإنسانية، ومع ذلك يطالبه بالصبر ويبشر بأن دولة الوهم قادمة!.
نعم دولة القانون والحرية والبناء والعدالة الاجتماعية قادمة بسواعد أبنائها، ولكنها ليست تلك الدولة الوهم التي يبشر بها الرئيس عباس، التي حتماً لن تأتي من خلال سياسة الخداع وبيع الوهم واستنزاف مقدرات الوطن واحتكار السلطات وقمع الحريات وحماية الفساد وهدر الثروات .
نعم الدولة قادمة لأنها حلم الأوفياء والشرفاء، ولكنها حتماً لن تأتي من خلال رؤية المنبطحين والطامعين في وطن لأن يكون شركة استثمارية تخدم مصالحهم لا شراكة وطنية !.
فعن أي صبر يتحدث الرئيس عباس وهو من سمح بكسر خاطر الطفل والمرأة والعجوز من أبناء شعبه، وعمق الجراح وفتح المجال لتفشي الأمراض!، فضاعت أجيال وصودرت أراضي الوطن، ولم يتبقى إلا بقايا الحلم الجميل الذي يريد أن يبيع أبناء شعبه وهماً جديداً من خلاله بأنه هو القادر على أن يحميه بسياساته الوهمية الفاشلة، وهو لا زال يتحدث وكأنه في عالم أخر لا يدري حجم المصائب وعمق الجراح ، ولا زال يفتح الأبواب أمام رجال عصابة وقطاع طرق يكدسون الأموال بدون حساب في الوقت الذي يجوعون فيه الشرفاء!.
كيف لا، وقد بات ذلك واضحاً للعيان بما فيهم المعنيين بالشأن الفلسطيني الذين يرون بأن المؤشرات توحي بأن النهاية قد بدأت بالفعل والأمر لا يحتاج سوى صبراً قليلاً وحكمة وتوافق وطني طبيعي ومسؤول تسود فيه المصلحة الوطنية العامة، حيث بدأت المؤشرات من داخل المؤسسة الأمنية بضابط أمن حر وشريف ، ومرت بالأطر الحركية من خلال الشبيبة الفتحاوية، ومترافقة مع بيانات أكثر جرأة للمطالبة بالاعتذار أو الرحيل من أبناء أقاليم فتح في الداخل والشتات ، ذلك كله بالتزامن مع نشر صك براءة بات يجوب دول العالم في كل أماكن تواجد الفلسطينيين للتوقيع على المطالبة بسحب الثقة من أهلية الرئيس عباس بالحكم !، كما يبدو بأنه سيكون هناك جرأة جديدة وغير مسبوقة في ميادين أخرى في خطوات متلاحقة !.
نعم ، كيف لا، والكثيرين من أبناء شعبنا وقواه الحية بدأوا يدركون بأنه لابد من نزع الشرعية عن الرئيس محمود عباس بشكل فوري لا يقبل المهادنة وعملي وليس فقط من خلال البيانات والتصريحات والصراخ والانتقادات! إن لم يتخذ موقفاً وطنياً منطقياً وجامعاً، لا بل البدء الفوري بالعمل على نشر محاكمات شعبية إعلامية لكل فرد من أعضاء فريقه يثبت عليه أنه سرق المال العام أو نهب مقدرات الوطن أو تعدى على كرامة مواطن بريء، وذلك كلٍ باسمه ليحق الحق ليروا في هذه الحالة نتاج الصبر الحقيقي!، غير ذلك فإن المراقبين يرون بأن الأيام المعدودة الباقية إن لم تحمل نتيجة النهاية الحتمية المنشودة لهذه المرحلة القمعية القذرة، فإن الكابوس الذي يريد له الرئيس محمود عباس الاستمرار بنفس أدوات الفساد المشبوهة من خلال مفهومه للصبر والقدرة على الاستمرار فيه، سيستمر لسنوات عديدة يضمن له خلالها من أن يفسح المجال أمام كل من يرغب بالتهام ما تبقى من كرامة الإنسان الفلسطيني ومقدرات الوطن وليس لأيام عدة تسجل نهاية هذه الحكاية المريرة! .
أخيراً، هل سيكون هناك مؤتمر وطني عاجل يعلن نهاية الحكاية بجرأة وبقوة وبمباركة شعبية واسعة وغير مسبوقة خلال أيام معدودة لتنشأ حالة تفاؤل جديدة مقرونةً بالإيمان برحمة الله وأن هناك لا زال أمل بدولة موعودة؟!.

م . زهير الشاعر