واضح بأن الغرفة التجارية في القدس حالها كجزء من الحالة العامة،حيث التخبط والخلافات تعصف بمجلس إدارتها،وبما يزيد من حالة الترهل فيها،حيث أعلن اثنان من رجال الأعمال المقدسيين المعروفين استقالتهم من عضوية مجلس إدارتها،هما خالد الكالوتي وعمر العلمي،وقد دعيا في بيان استقالتيهما الموجه الى وزير الإقتصاد الفلسطيني " " نحن نعتقد بانه ان الاوان لادخال اعضاء جدد في مجلس ادارة الغرفة مؤهلين وقادرين على خدمة القطاع التجاري في مدينة القدس خاصة لما تتعرض له عاصمتنا الجريحة تحت وطآة الاحتلال الغاشم .ان استقالتنا تهدف لافساح الطريق وتسيير هذا الامر.."
الجدل محتدم بين عدة أقطاب من اجل خلافة رئيس الغرفة التجارية الحالي "أبو هاشم الزغير" بسبب كبر سنه بالإضافة الى أن وضعه الصحي لا يمكنه من القيام بأعبائه ومسؤولياته بالحد الأدنى المطلوب،وعلى ضوء هذه الإستقالات وعدم قدرة الرئيس على القيام بمهامة ومسؤولياته نظراً لأوضاعه الصحية فإن اوضاع الغرفة التجارية تصبح مشلولة،وهذا يتطلب تشكل لجنة تسيير أعمال او الدعوة لتشكيل لجنة مؤقتة من رجال اعمال وتجار المدينة وفعالياتها تتولى بشكل مؤقت مسؤولية الغرفة التجارية لحين إجراء انتخابات ديمقراطية فيها، بعيداً عن ما يجري من كولسات من قبل البعض للسيطرة على الغرفة التجارية...مما يعمق من أزمة الغرفة التجارية،ويدفعها نحو المزيد من الخلافات ويشل العمل فيها.
الأصل في الغرفة التجارية ان تضم كفاءات مهنية وتجارية تتولى متابعة قضايا وهموم التجار،فالقطاع التجاري في مدينة القدس،وبالتحديد في البلدة القديمة،يعاني من حالة كبيرة من الركود والكساد،وأبعد من ذلك أكثر من (300) محل تجاري أغلقها أصحابها بسبب ان مصاريف اغلاقها أقل كلفة من مصاريف فتحها،نتيجة إجراءات وممارسات الإحتلال بحق تجار المدينة المقدسة،من تعدد أشكال الضرائب والمخالفات الباهظة التي تفرض عليهم،وفي المقدمة منها ضريبة المسقفات "الأرنونا"،ناهيك عن الإغلاقات التي يقوم بها الإحتلال للمدينة والبلدة القديمة،والحد من حرية وحركة الناس في المدينة وضواحيها،والتواجد المكثف لشرطة الإحتلال ورجال أمنه وجنوده على مداخلها وفي داخلها،وما يقومون به من تفتيشات مذلة وإرهاب وتخويف بحق الشبان المقدسيين والناس،هذا يحد من دخولهم للبلدة القديمة سواء للتسوق او السياحة او حتى التجول في البلدة القديمة،وهذا شلل للحركة التجارية والإقتصادية والسياحية في البلدة القديمة.
نتاج لكل ذلك وجدنا بأن العديد بل العشرات من المحلات التجارية تراكمت عليها مئات الآلاف الشواقل،وتجري متابعة ومعالجة اوضاعها من خلال محافظة ووزارة شؤون القدس،حتى لا نجد أنفسنا امام عمليات شراء غير قانونية او تسريبات لتلك العقارات الى جهات مشبوهة وجمعيات استيطانية وتلمودية وتوراتية.
ومن هنا نقول بان الوضع الناشىء في الغرفة التجارية،هذا الوضع المأزوم الذي جعل الغرفة التجارية المقدسية لا تترأس اتحاد الغرف التجارية الفلسطينية لأول مرة،يدفعنا الى التفكير بعمق وعقلانية ومسؤولية عالية،بعيداً عن التجاذبات الحزبية والعشائرية أو لغة المصالح،أو اللجوء الى "الفرمانات" والتعيينات التي تقتل الإبداع والتنافس،وتخلق المزيد من الإحباطات وحالة واسعة من فقدان الثقة في أوساط التجار،هؤلاء التجار الذين يتطلعون الى غرفة تجارية قوية،تلتفت وتعالج اوضاعهم بشكل جدي،من خلال تشكيل أذرع وطواقم مهنية،تنشط في إطار وضع برامج وخطط عملية واستراتيجيات،تمكنهم من الصمود والبقاء،فالمسألة ليست نظرية او شعارية،أو شكل من الأشكال "البرستيج الإقتصادي والإجتماعي" او "المخترة"،بل مسؤولية كبرى بحاجة لعقليات مبدعة ومبادرة في مختلف المجالات والميادين،عقليات تقول كيف لنا ان نحمي قطاعاتنا التجارية والسياحية من خطر الإغلاق والضياع والتفريغ للمدينة...؟؟،التي يمارس الإحتلال بحقها سياسة تطهير عرقي،يقع في صلبها السيطرة على الحركة التجارية فيها،من اجل تغيير فضائها العربي الإسلامي،وكذلك إقصاء الوجود العربي عنها،وطمس معالمها التاريخية والحضارية والأثرية والتراثية والدينية إسلامية ومسيحية.
نريد مجلس إدارة يقول كيف من الممكن التواصل عربياً وإسلاميا ودولياً وعقد إتفاقيات وتوامة من شأنها تعزيز التبادل والترابط التجاري والسياحي بين البلدين أو عدة بلدان وغرف تجارية ومؤسسات اقتصادية وسياحية وتجارية وخدماتية ؟؟.
قطاعي التجار والسياحة وغيرها من القطاعات الأخرى لن تصمد وتستمر بالشعارات والبيانات و"الهوبرات"الإعلامية،هي بحاجة الى أن يتعزز صمودها ووجودها عبر تقديم الدعم لها بأشكاله المختلفة،في وقت يضخ فيه الإحتلال المليارات من اجل القضاء على قطاعاتها الأساسية من تجارة وسياحة وغيرها.
ولذلك من غير المعقول أن يترك هذا الفراغ الحاصل في الغرفة التجارية نتيجة غياب الرئيس بسبب وضعه الصحي والإستقالات من الهيئة الإدارية لمجلس الغرفة التجارية مداياته وإستطالته مطولاً،بحيث يستخدم في المناكفات والتجاذبات والتحريض على بعضنا البعض،ومحاول البعض ان يستأثر بالقرار او رئاسة الغرفة التجارية عبر اللجوء الى لغة "الفرمانات" او التعيينات،فنحن في هذا الوقت بالذات الذي تشهد فيه المدينة حرب شاملة يشنها الإحتلال علينا في كافة مناحي وتفاصيل ومستويات حياتنا اليومية،بحاجة في مختلف القطاعات والميادين والمؤسسات الى قيادات وهيئات إدارية ولجان عنوانها الأساس العمل الوحدوي والجمعي والإبداع وإنكار الذات في مصلحة العام،فالخلافات والتراشق الإعلامي،لن يستفيد منها سوى المحتل،وذلك فليكن الشعار المرفوع الإنتخابات لغرفة تجارية جديدة في القدس هو العنوان،وليختار التجار ممثليهم عبر صناديق الإقتراع بشكل ديمقراطي،دون تدخلات او "فرمانات " من أي جهة .
بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
3/10/2016
0524533879
[email protected]