قرار محكمة العدل العليا ومعضلة الانقسام الفلسطيني

بقلم: علي ابوحبله

قرار محكمة العدل العليا القاضي بإجراء الانتخابات في الضفة الغربية وتعليق إجرائها في غزه ، وضع حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني والقوى والفصائل الوطنية والاسلاميه والقيادة السياسية أمام معضلة معقده وخطيرة لانعكاس هذا القرار على الوضع الفلسطيني المنقسم أصلا على نفسه ،
فقد قررت محكمة العدل العليا اليوم الاثنين، استكمال إجراء انتخابات الهيئات والمجالس المحلية في الضفة الغربية، وتعليق إجرائها في قطاع غزة، لحين إصدار قرار من مجلس الوزراء لتحديد إجرائها في غزة "لعدم قانونية المحاكم في القطاع".
وعقدت محكمة العدل العليا صباح اليوم، جلسة للنظر في دعوة لإجراء الانتخابات المحلية وبعد مداولات علقت الجلسة لمدة ساعتين قبل أن تعود للاجتماع وتصدر قرارها المتعلق بإجراء الانتخابات بالضفة وتعليقها بغزة، .
إن ما ذهبت له المحكمة العليا هو أنها قررت تكليف مجلس الوزراء بموجب الصلاحيات المخولة للسلطة التنفيذية باتخاذ إجراءاتها للسير بعملية الانتخابات في الضفة الغربية وهذا يقتضي تعديل المرسوم الوزاري بشان إجراء الانتخابات في الضفة الغربية وغزه ليسار إلى إجراء الانتخابات في الضفة الغربية وتعليقها في غزه ، استنادا إلى قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية في المادة 291، بالاستمرار في العملية الانتخابية في الضفة الغربية، وبخصوص قطاع غزة قررت تكليف الحكومة باتخاذ كافة الإجراءات التي تضمن إجرائها هناك".
واستنادا إلى قرار المحكمة إذ يؤكد انقطاع الانتخابات في الضفة الغربية لفترة من الزمن ومن ثم سيصار إلى استكمالها وعلى لجنة الانتخابات المركزية أن تباشر باستكمال الإجراءات وإجراء الانتخابات في أي موعد، بالتنسيق مع مجلس الوزراء، وانقطاع الانتخابات في قطاع غزة إلى أن يصدر قرار آخر من مجلس الوزراء بتحديد الموعد، شريطة أن تكون البيئة صحية كما تضمنه قرار المحكمة.
وهنا تكمن معضلة القرار الصادر عن محكمة العدل العليا في إمكانية السير بالانتخابات في الضفة الغربية دون قطاع غزه ، وهل بمقدور حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني أن تسير قدما في تنفيذ قرار محكمة العدل العليا لإجراء الانتخابات للمجالس المحلية والبلدية في الضفة الغربية وتستثني قطاع غزه ، علما أن قرار حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني بإجراء انتخابات حكم الهيئات المحلية والبلدية قصد منه تحريك المياه الراكدة في مسيرة إنهاء الانقسام وتوحيد الجغرافية الفلسطينية
إن حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني شكلت بموجب اتفاق الشاطئ ومهمتها توحيد الجغرافية الفلسطينية وإنهاء الانقسام وتوحيد أجهزة ومؤسسات ألدوله الفلسطينية والتمهيد لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعيه
قرار محكمة العدل العليا عدته حماس تكريس للانقسام الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزه وان مضمون القرار هو في سحب الشرعية القانونية عن القضاء في غزه والمؤسسات ألقائمه هناك وهي التي حالت دون إمكانية الاستمرار بإجراءات الانتخابات وهنا فإننا أمام مخاطر تجسيد الانقسام وتعطيل مسيرة المصالحة والتعلل بوضع العصا في دواليب الاستمرار بالمصالحة وهذا قد يقودنا لسيناريوهات وانزلاق خطير في الوضع الفلسطيني ما لم يتم تدارك وإصلاح الخطر الذي انعكس بقرار محكمة العدل العليا بمنع إجراء الانتخابات في غزه وهو موضع احترام
حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني أمام معضلة وخيارات صعبه للغاية أحلاهما مر إن هي قررت إجراء الانتخابات في الضفة الغربية دون قطاع غزه وهي بقرارها هذا تكون قد سحبت الغطاء السياسي عن كونها حكومة وفاق وطني شكلت بموجب اتفاق حركة فتح وحماس وتوجت باتفاق الشاطئ وقد ينفرط عقد حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني في المضي قدما بإجراء الانتخابات في الضفة واتخاذ قرار بتعليقها في غزه
وإذا انفرط عقد حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني يعني تشكيل حكومة جديدة وهذا يعيدنا للمربع الأول للانقسام وكأنك يا ابوزيد ما غزيت بحيث نعود للانقسام الذي بتنا نتخوف من نتائجه وعواقبه وهو حجر عثرة في وحدة الشعب الفلسطيني وإنهاء الانقسام ويصبح الانقسام خطر يتهدد رؤيا الدولتين بحيث تستفرد حكومة الاحتلال بالضفة الغربية وتستمر في تمرير مشروعها الاستيطاني التوسعي حيث أن حكومة الاحتلال ترى بتوصيفها للصراع في الضفة الغربية انه تنازع على أراضي وليس صراع على حقوق
الوضع يتطلب إعادة تقييم معمقه لأننا بحاجه لدراسات معمقه متانيه لدراسة انعكاسات ومخاطر إجراء انتخابات في الضفة الغربية دون قطاع غزه
محكمة العدل العليا رمت الكره في ملعب حكومة الوفاق لتعديل مرسومها بإجراء الانتخابات في الضفة الغربية ووقف إجرائها في قطاع غزه وان موقف الحكومة سيسجل لها إن هي اتخذت قرار وموقف تاريخي لإصرارها على إجراء الانتخابات في كافة الجغرافية الفلسطينية لأنها بالأصل حكومة وفاق وطني وتشمل ولايتها الجغرافية الفلسطينية كامل التراب الفلسطيني
وان أي تعديل على مرسومها لإجراء الانتخابات في الضفة الغربية دون قطاع غزه تعني فرض عقدها كما أوضحنا وهنا يكمن أهمية الموقف الذي ستقدم عليه حكومة الوفاق وهي أمام عدة سيناريوهات بحيث إما أن تقدم الحكومة استقالتها للسيد الرئيس محمود عباس ويؤذن بتشكيل حكومة بدون تمثيل لحركة حماس وينفرط عقد حكومة الوفاق وهذا ما يسعى البعض لتحقيقه خاصة وان هناك أصوات تنادي بذلك وفق مصلحتها في استمرار الانقسام
أو أن تلجأ الحكومة لتعديل قانون الانتخابات لحكم الهيئات المحلية والعودة إلى الانتخاب الفردي بدلا من ألقائمه وهو مطلب شعبي بحيث تتجاوز عقدة الانقسام والالتزام ببرنامج حكومة الوفاق والسعي قدما في محاولات تضييق الخلافات والاستمرار في حوار إنهاء الانقسام بين فتح وحماس
لا بد من ضرورة التريث وعدم الاستعجال في اتخاذ مواقف تنعكس بعواقبها على الشعب الفلسطيني وتزيد من المخاطر التي تتهدد المشهد والوضع الفلسطيني والمأزق الذي نعاني منه جميعا وتهدد القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني حيث لا تسمح الانقسامات الحادة في إجراء الانتخابات في ظل الوضع الراهن
إن أي قرار وموقف فيما يتعلق بتنفيذ القرار الصادر عن محكمة العدل والذي لم يتطرق لموضوع القدس المشمول بعملية الطعن له مخاطر تتهدد الوحدة الوطنية وتجسيد الانقسام ونأمل أن تتغلب لغة ألحكمه والتفكير مليا قبل اتخاذ أي قرار أو موقف لأنه يبنى عليه مواقف سياسة محفوفة المخاطر ويتهدد بالفعل رؤيا الدولتين ويتهدد مشروعنا الوطني ويكرس الانفصال والانقسام وفرصه لمواقف إقليميه لدعم إقامة إمارة غزه وهنا تكمن المعضلة بقرار محكمة العدل العليا وتكمن ألحكمه في كيفية التعاطي مع قرار المحكمة


المحامي علي ابوحبله