قراءة في بيان محكمة الجنايات الدولية !

بقلم: زهير الشاعر

أصدرت المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية صباح اليوم الأربعاء الخامس من أكتوبر 2016 بياناً أوضحت فيه أهداف زيارة الوفد الذي سيقوم بزيارة إلى كل من تل أبيب والقدس ورام الله وذلك إبتداءاً من 5 إلى 10 تشرين الأوّل/أكتوبر 2016 ، حيث جاء فيه كما نشر على موقع المحكمة الإلكتروني باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية:
بيان المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، قبل زيارة المكتب إلى إسرائيل وفلسطين من 5 إلى 10 تشرين الأوّل/أكتوبر 2016 .
Statement of the Prosecutor of the International Criminal Court, Fatou Bensouda, ahead of the Office’s visit to Israel and Palestine from 5 to 10 October 2016.
Déclaration du Procureur de la Cour pénale internationale, Madame Fatou Bensouda, en amont de la visite de représentants du Bureau en Israël et en Palestine du 5 au 10 Octobre 2016.
في إطار التزام مكتب المدعي العام (يشار إليه في ما يلي باسم "المكتب") بالمحكمة الجنائية الدولية (يشار إليها في ما يلي باسم "المحكمة") بتحقيق تفهم أفضل للدور الذي يضطلع به، يزور وفد من المكتب إسرائيل وفلسطين في الفترة من الخامس إلى العاشر من تشرين الأوّل/أكتوبر 2016.
ويتمثل الغرض من هذه الزيارة في القيام بأنشطة تواصل وتثقيف بغية التوعية بالمحكمة، ولا سيما بعمل المكتب، للتصدي لأي تصورات خاطئة عن المحكمة ولتوضيح عملية الدراسة الأوّلية. وتأتي مثل هذه الزيارات من باب الممارسة المتبعة، حتى في الدول غير الأطراف في نظام روما الأساسي.
ووفقاً لما تجري عليه ممارسة المكتب في هذه المرحلة من عمله، لن ينخرط الوفد في جمع الأدلة المتصلة بأي جرائم مـُدّعى بوقوعها: فالوفد لن يزور أي مواقع، ولن يُقيّم كفاءة الأنظمة القانونية المعنية للنظر في الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة.
ومن المقرر أن يسافر الوفد إلى تل أبيب والقدس ورام الله، وسيعقد اجتماعات مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين على مستويات العمل. وسيشارك الوفد أيضاً في مناسبتين بمؤسستين أكاديميتين وفي مقابلات تلفزيونية وصحفية في إسرائيل وفلسطين كليهما. وسيعقد الوفد، إضافة إلى ذلك، اجتماعاً على سبيل المجاملة مع وكالات الأمم المتحدة برعاية منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط (يشار إليه في ما يلي باسم "المنسق الخاص"). ولن يشارك الوفد في مناسبات أو اجتماعات غير مقررة نظراً لأن مدة الزيارة محدودة.
والمكتب ممتن للسلطات الإسرائيلية والفلسطينية على حدّ سواء لتيسيرهما الزيارة، وهو ممتن أيضاً للمنسق الخاص لتقديم الدعم اللوجستي.
ولا تزال الدراسة الأوّلية للحالة في فلسطين جارية، سالكة مسارها الطبيعي، شأنها في ذلك شأن أي دراسة أوّلية أخرى. ولا تتصل الزيارة بأي استنتاجات بشأن أي مسألة، ولن يصدر أي إعلان في ذلك الشأن.
وتشمل هذه العملية تحليلاً لعدد من المسائل القانونية المعقدة ومراجعة لكميات ضخمة من الوثائق. وهي عملية شاملة يجب أن يحصل في خلالها المكتب على السعة والوقت اللازمين لأداء أنشطته، التي يؤديها في كل الأحوال باستقلال وتجرّد. وما زال المكتب يعمل في هذا السياق مع إسرائيل وفلسطين كليهما، ويفحص حالياً كل المعلومات المرتبطة بالجرائم المـُدّعى بارتكاب جميع الأطراف لها. وسيظل المكتب في الزيارة متمسكاً باستقلاله وسيستمر في حماية نزاهة الزيارة وعملية الدراسة الأوّلية في وجه أي محاولة للتسيس.
مما يعني بشكل واضح أن فريق محكمة الجنايات الدولية ذاهبين في زيارة تثقيفية وأكاديمية وإستطلاعية على مواضيع فنية بهدف التوعية بعمل المحكمة وأهدافها ، وستلتقي مع الجانب الإسرائيلي والفلسطيني بعيداً عن بدء أي إجراءات تتعلق بأي تحقيق دولي إتجاه أي جرائم إنسانية أو جرائم حرب!، حيث أوضحت المدعية العامة في بيانها بشكل واضح بأن الزيارة ليس لها ابعاد سياسية ولا علاقة لها بالدراسة الأولية التي تتعلق بالحالة الفلسطينية.
مما يعني أن المدعية العامة حرصت في هذا البيان أن تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف وكانت غاية في الدبلوماسية في بيانها الذي حرصت على أن تؤكد فيه بأن الزيارة لا تتصل بأي إستنتاجات بشأن أي مسألة قانونية ، وكانت بذلك على ما يبدو ترسل رسالة إلى الجانب الفلسطيني لخفض توقعاته من هذه الزيارة من جهة، ومن جهة أخرى لطمأنة الجانب الإسرائيلي بأن الزيارة لن تخرج عن سياقها المتفق عليه.
كما أنها حرصت من باب أخر على إعطاء الجانب الفلسطيني أمل بأن ما تقدم به من إدعاءات هو قيد الدراسة الحيادية ولن يخضع لأي إبتزاز سياسي بالرغم من التعقيدات الهائلة التي ستواجه فريق المحكمة في هذا السياق ، حيث أن هناك حاجة لتحليل عدد من المسائل القانونية المعقدة وكميات ضخمة من الوثائق!.
في تقديري ، أن الأمر سيبقى في إطار ضيق ولن يخرج عن سياق زيارة بروتوكولية وأكاديمية ومحاولة الإستماع لكلا وجهات النظر من باب المجاملة فقط، حيث أنه بلا شك أن المدعية العامة تدرك جيداً حجم العقبات والتعقيدات والتحديات التي تتعلق بهذا الملف لذلك أغلقت الباب أمام أي إجتماعات غير مقررة!.
تنويه على الهامش: حول ما اشيع في وكالات الأنباء صباح هذا اليوم ، أود التنويه إلى أنني كنت أول من أشار إلى أن هناك محاولة لفتح قناة خلفية سرية للتفاوض بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني في لندن بغض النظر عن تفاصيلها ، وذلك في مقال سابق لي بعنوان " قراءة في معركة خطابات الجمعية العمومية للأمم المتحدة"، بالإمكان الرجوع إليها من خلال الرابط التالي:

https://www.amad.ps/ar/?Action=Details&ID=139342

م . زهير الشاعر