التصريحات التي أطلقها السيد خالد مشعل في الندوة التي نظمها مركز الجزيرة للدراسات في الدوحة ، بعنوان " التحولات في الحركات الإسلامية " ، تصريحات استحوذت على اهتمام واسع لدى الأوساط السياسية والإعلامية الفلسطينية ، لما حملته من جرأة الاعتراف بالأخطاء التي وقعت فيها حماس ، أولاً " حين تفردت واستسهلت حكم قطاع غزة بمفردها قبل نحو عشر سنوات بعد أحداث الانقسام الفلسطيني مع حركة فتح عام 2007 . وظنت بأنه أمر حكمها للقطاع ميسور ثم اكتشفت بأنه صعب . ولا يحق لأحد التفرد بالقرار السياسي والنضالي " . وثانياً في قول أبو الوليد : " أن الإسلاميون خلال وقت ما أسماه بالثورات قد وقعوا بخطئين ، الأول مبالغتهم في تقدير الموقف وقلة الخبرة بسبب غياب المعلومة الدقيقة ، والثاني نقص الخبرة والقدرة على إقامة شراكات سياسية في المنطقة " .
هذه التصريحات وإن اختلفت الأراء والمواقف حولها ، ولكن جميعها تقاطعت عند حقيقة جرأتها رهناً في توقيتها ودلالاتها ربطاً باللحظة السياسية الخطيرة التي تمر بها المنطقة ، على وقع ما تشهده الكثير من دولها . وعندما يتناول أبو الوليد في تصريحاته الحركات الإسلامية ، وحركته حماس ضمناً من بينها ، فهو لم يمس السلوك وحسب ، بل وبتقديري ذهب إلى أبعد من ذلك ، حيث الفكر الأيديولوجي الذي يوجه السلوك السياسي ، الذي أسقط وسريعاً تجربة الإخوان المسلمين في الحكم ، واستفرادهم به بعد أن أقصوا الأحزاب والقوى السياسية جانباً .
شكلت اعترافات أبو الوليد بأن حركة حماس ارتكبت أخطاءً ، صدمة إيجابية لدى البعض ووجد فيها فرصة يجب تثميرها في إنهاء الانقسام وإنجاز المصالحة المعلقة على حساب فتح وحماس . ورأى فيها البعض الآخر أنها تقليد لتجربة الرئاسات الأمريكية التي لا تعترف بأخطائها إلاّ حين تغادر مواقعها في الحكم ، ونحن نريد منها نقطتين ، أولهما الاعتراف بالخطأ فضيلة تستوجب التصحيح ، وثانيهما أن تشكل حافزاً لدى الآخرين من أجل المراجعة والاعتراف بالأخطاء المرتكبة ، وهي في أغلبها فاضحة بالمعنى السياسي والوطني وحتى الأخلاقي .
رامز مصطفى