التفوق والتعصب والتمييز والفصل العنصري أركان العنصرية اليهودية
في موعظة بمناسبة عيد الفصح اليهودي أعلن الحاخام عوباديا يوسيف، الزعيم الروحي لحزب شاس الديني عن أمله في أن «يبيد الله العرب، ويعاقبهم بإبادة نسلهم ويدمرهم ويذلهم ويزيلهم من العالم» وقال إنه «محظور الترحم عليهم، ويجب ضربهم بالصواريخ وتدميرهم لأنهم المجرمون الملاعين». وسبق أن وصف الحاخام عوباديا العرب في الماضي بالأفاعي السامة. وبالتالي يدعو أكبر حاخام لليهود السفارديم بحسم الصراع بالإبادة الجماعية للعرب بالصواريخ تماماً كما يفعل قادة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي لبنان.
فهل تعتبر هذه التصريحات والممارسات الإسرائيلية من قبيل الصدفة أم أنها تجسد جوهر اليهودية والسياسة الإسرائيلية؟
رسّختْ اليهودية الاعتقاد في أذهان اليهود أنهم «شعب الله المختار»، وأنقى الأعراق وأذكاها والنخبة بين بني البشر.
وتمتلئ التوراة والتلمود بعبارات الاختيار والتفوق والنقاء والثأر والانتقام وبقصص الإبادة الجماعية والاستعلاء. وترجع روح الاستعلاء والقتل والتدمير إلى الإله «يهوه» رب الجنود. وسارت اليهودية منذ نشأتها في الاتجاه العنصري والإرهابي البغيض، وبنت عنصريتها على أساس أن اليهود جماعة فريدة مختارة تتمتع بحقوق إلهية لا تتمتع بها غيرها من الجماعات البشرية، وأن اختيار يهوه لإبرام ليس له فقط وإنما لأبنائه وسلالاتهم وأنه ملزم إلى الأبد.
وأقامت اليهودية مقولاتها العنصرية على أساس هذا الوعد الإلهي المزعوم لتبرير غزو القبائل اليهودية لأرض كنعان تماماً كما تفعل إسرائيل حالياً باستغلال مقولة الأمن الإسرائيلي لتبرير استمرار الاحتلال وبناء المستعمرات اليهودية.
وانتشرت الأفكار والمقولات العنصرية في شريعة موسى عندما خلّص جماعته من العبودية في مصر كردة فعل على العبودية والشعور بالدونية.
وغرس في أوساطهم مقولات التفوق والاستعلاء.
ونظر إلى الدين اليهودي على أنه قوة قاهرة تخضع السواد الأعظم من العامة لمشيئته.
وانطلقت تشريعاته من مفهوم القبيلة وانحصرت في ربط اليهود بعضهم ببعض في جماعة محاربة غير قابلة للاندماج مع الآخرين.
وجاءت ضيقة منغلقة وعنصرية تدور في دائرة القبيلة الإسرائيلية وتأمر بقتل غير اليهود والحقد عليهم والغدر بهم والانتقام منهم والاستيلاء على أموالهم وثرواتهم.
وتزعم التوراة أن يهوه يحارب مع اليهود وينتصر لهم ويريد إبادة الشعوب والأمم غير اليهودية كي يسود شعبه المختار على جميع الشعوب. وتتضمن التوراة أن يهوه لا يقبل بأن تتساوى الشعوب مع شعبه المختار وأن كل الشعوب والأمم ستصبح بمثابة الخدم والعبيد لبني إسرائيل إن هادنت ورضيت بالصلح اليهودي وإلا ستباد من الوجود إن رفضت المهادنة. ويعني هذا النص المغرق في الحقد والعنصرية أن على جميع الشعوب القبول بأن تكون مستعبدة لخدمة اليهود وإلا ستمارس بحقها الإبادة الجماعية. وتحض التوراة على عدم الاختلاط بالشعوب الأخرى وعدم التزاوج معهم والانعزال عنهم، لذلك ترفض اليهودية الزواج المختلط والاندماج في الشعوب، مما يظهر بجلاء سياسة الانغلاق والعنصرية التي تسير عليها اليهودية.
وجاءت وصايا اليهودية مشبعة بالانعزال والانغلاق والتفوق والاختيار العنصري والحقد على غير اليهود وكراهية الشعوب الأخرى واحتقارها والحض على إبادتها. ويربي الحاخامات والآباء والأمهات الأطفال والشباب والشيوخ على هذه النظرة الانعزالية الضيقة والتي تمثل جوهر الفكر الديني اليهودي الذي دونه كتبة التوراة والتلمود والمعادي والكاره لغير اليهود على كوكب الأرض.
وتعج التوراة والتلمود بالأفكار والمقولات العنصرية وكراهية اليهود لجميع البشر غير اليهود وأن لا خلاص لليهود بحسب التعاليم الواردة فيهما إلا باستئصال جميع الشعوب غير اليهودية من المنطقة والتي تزاحمهم وتنافسهم على مصادر الماء والكلأ والنفوذ السياسي والعسكري.
ويغرسان في نفوس اليهود حب سفك الدماء وارتكاب المجازر الجماعية والإبادة الكلية للشعوب الكنعانية. ويكشف كتبة التوراة والتلمود طبيعتهما العنصرية والوحشية حيث يأمر يهوه اليهود بارتكاب المجازر الجماعية وقتل الأطفال والنساء والشيوخ والبهائم وتخريب الزرع
وقطع الأشجار وحرق القرى والمدن، وتميّز اليهودية أرواح اليهود عن سائر الأرواح بأنها جزء من العزة الإلهية عزيزة عند يهوه، بينما الأرواح غير اليهودية تشبه أرواح الحيوانات وأن غير اليهود حيوانات في صورة إنسان، وأن اليهودي عند يهوه أهم من الملائكة.
وينص التلمود على أن الله خلق الأجنبي على هيئة إنسان ليكون لائقاً لخدمة اليهود الذين خلقت الدنيا ومن فيها من أجلهم. وهكذا تغرس تعاليم التوراة والتلمود في عقلية اليهودي ونفسيته الأركان الأربعة للعنصرية وهي: التفوق العنصري والتمييز العنصري والفصل العنصري والتعصب العنصري.
ويعتبر المفكرون والرواد والمؤسسون الصهاينة أن اليهودية هي الأساس الذي تقوم عليه الأيديولوجية الصهيونية لذلك تعود عنصرية الصهيونية إلى مصدرين أساسيين: الأول التوراة والتلمود وبروتوكولات حكماء صهيون، والثاني: الأفكار العنصرية التي ظهرت في ألمانيا في القرن التاسع عشر.
إن التوراة والتلمود هما الكتابان المقدسان لدى اليهود، يربون أطفالهم على تعاليمهما.
ويطبع التلمود حياتهم بطابعه الخاص، كما أن الولاء للدين هو الذي جمع بين اليهود في الماضي، بينما الولاء للصهيونية والكيان الصهيوني هو الذي يجمع بينهم في الوقت الحاضر.
إن حقد اليهود على غير اليهود وحب الثأر والانتقام منهم، والاستعلاء عليهم واحتقارهم وإذلالهم واعتبارهم حيوانات وبيوتهم زرائب، وتحريم إنقاذ غير اليهودي، ومكافأة الذي يقتل أجنبياً بالخلود في الجنة، وإجازة الربا والسرقة من غير اليهود يظهر بجلاء عنصرية اليهودية وخطورتها على البشرية جمعاء.
وتظهر خطورة اليهودية ليس فقط على شعوب المنطقة والعالم وإنما أيضاً على الديانتين المسيحية والإسلامية، حيث حرّض اليهود منذ ظهور الإسلام على الكيد به وبالمسلمين ومحاولة وقف تيار الدعوة الإسلامية والتصدي لها. ورسموا الخطط والمكائد لتنفيذ ذلك. وحاربوا النبي محمد صلعم وتصدوا لدعوته وحرضوا المشركين على محاربته. ويلعب الحاخامات وقادة الصهيونية والكيان الصهيوني دوراً أساسياً في بلورة عنصرية اليهودية المعادية للعرب وللديانتين المسيحية والإسلامية وفي عزل اليهودي عن محيطه، وتلقينه الأفكار العنصرية
والاستعمارية والإرهابية، وبث الإيمان في ذهنه وروحه بأن يهوه خوله حق التسلط على الشعوب وثرواتها.
وتمسَّك رجال الدين اليهودي بالعزل الاجتماعي والاقتصادي لليهود وأقاموا الغيتوات لهم نتيجة للتربية اليهودية وانعزال اليهود ومقاومتهم للاندماج وتحقيقاً لرغبات حاخامات اليهود لتعزيز سيطرتهم على الجاليات اليهودية. وأقامت الصهيونية غيتو يهودياً في فلسطين العربية لجميع اليهود في العالم. وركزت على التفوق والاختيار والانغلاق والانعزال والهجرة اليهودية وترحيل العرب وبناء المستعمرات اليهودية على أنقاض القرى والأراضي العربية لإقامة إسرائيل العظمى في الوطن العربي لخدمة المصالح الإمبريالية واليهودية العالمية.
إن مقولة «شعب الله المختار» تقود اليهود إلى الاعتقاد بتفوقهم وتميز عن بقية البشر وبالتالي إلى ممارسة التمييز العنصري وعرقلة الاندماج وتحقيق الانعزال، مما يدفع المجتمع الإسرائيلي إلى تبني الأفكار والممارسات العنصرية والإيمان بها والترويج لها.
فالمجتمع الإسرائيلي العنصري هو الذي اغتال الجنرال رابين، جنرال تكسير عظام العرب في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وهو الذي أسقط مجرم الحرب وسفاح مجزرة قانا شمعون بيريز عندما شك بأنه أقل تطرفاً ومعاداة للعرب من نتنياهو، وهو الذي انتخب سفاح صبرا وشاتيلا شارون وأسقط الجنرال باراك كي ينفِّذ سياسة الإبادة الجماعية والأرض المحروقة تجاه العرب.
وبالتالي فإن المجتمع الإسرائيلي عنصري أكثر من المجتمع النازي في ألمانيا، والصهيونية أسوأ من النازية، وإسرائيل أسوأ من ألمانيا النازية، وحكام إسرائيل أسوأ من مجرمي الحرب النازيين وأسوأ بني البشر.
وتكرّس المنظمات الصهيونية وإسرائيل اهتمامها الأساسي في غرس تعاليم التوراة والتلمود وبروتوكولات حكماء صهيون في نفوس اليهود أينما كانوا.
وتغذي الحقد والكراهية والبغضاء والتعالي والنقاء والتفوق العنصري تجاه العرب في البيت والمدرسة والمجتمع. لذلك ينظر اليهود إلى تصرفات الجيش الإسرائيلي الوحشية والمجازر التي يرتكبها والإبادة الجماعية التي يمارسها والعنصرية في القوانين الإسرائيلية وكأنها تصرفات شرعية يجب تأييدها والدفاع عنها واتهام الضحايا العرب بالإرهاب.
وبالتالي تبعد تربية اليهود التوراتية والتلمودية , والصهيونية والاسرائيلية عن المفاهيم الإنسانية والقيم الحضارية وتفقدهم الإحساس بالحق والعدالة تجاه العرب. ويدعم اليهود سياسة إسرائيل الإرهابية والعنصرية والتوسعية سياسياً ومالياً وإعلامياً. ويقومون بالتجسس على حكوماتهم لمصلحتها. ويركزون على اجترار جرائم النازية ويبثون ليل نهار الأكاذيب والقصص عن الهولوكوست للدفاع عن سياسة الإبادة الجماعية التي تسلكها إسرائيل ولممارسة المزيد من الضغط والابتزاز على ألمانيا والشعوب الأوروبية لتبرير الهولوكوست الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
لقد أصبح الدين اليهودي بمثابة الرشاش والمدفع والصاروخ في يد حاخامات وجنرالات اليهود وقادة اسرائيل لتهويد الأراضي والمقدسات العربية الإسلامية منها والمسيحية، لذلك فإن مواجهة إسرائيل والصهيونية واجب وطني وقومي وديني وإنساني لا يقل أبداً عن الواجبات اليومية، لأن إسرائيل اغتصبت الأرض والحقوق ودنست المقدسات وتعمل على تدميرها وتهويدها، وأوحش وأخطر دولة على كوكب الأرض ومصيرها إلى الزوال.
بقلم/ د. غازي حسين