اليوم العالمي للقضاء على الفقر بالأرقام

بقلم: محمد العاروري

بالرغم من الجهود الأممية المبذولة للقضاء على الفقر، فإن دائرة الفقر آخذة في الازدياد والتوسع على المستوى العالمي، لتشمل الدول الصناعية المتطورة نفسها، بفعل الأزمة المالية والاقتصادية التي تفتك بها وتزج سنويا بملايين العاطلين عن العمل  في دوامة الفقر والإفلاس والتشرد.

 عالميا : الولايات المتحدة الامريكية تعاني من أزمة مالية طاحنة فرسانها الحزب الجمهوري والديمقراطي وكلاهما وجهان للنظرية الرأسمالية والسوق الحرة ومن الممكن أن تؤدي هذه الازمة الى الدخول في ركود اقتصادي لن تعاني منه الولايات المتحدة فقط بل كافة دول العالم وستخسر العديد من الدول نتجة استثماراتها في الولايات المتحدة التي تقدر بالمليارات وفي مقدمتها الصين واليابان ومنها أيضا بعض الدول العربية الخليجية .

وحسب معطيات الامم المتحدة لا يزال أكثر من  مليار نسمة يعيشون تحت خط الفقر المدقع ، وعاش 384 مليون عامل على أقل من 1.25 دولار في اليوم والذي يمثل خط الفقر ، وأن حوالي 870 مليون شخص يعانون من نقص التغذية ، وأن أكثر من 100 مليون طفل تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية ونقص الوزن .

 أعترف الامين العام  للامم المتحدة بأن التقدم غير كافي في خطة الالفية للقضاء على الفقر حتى عام  وناشد رؤساء الدول بالوفاء بتعهداتهم والسير قدما للقضاء على الفقر وانقاذ مئات الملايين من الفقراء حتى نحقق أهداف الالفية بالقضاء على الفقر المدقع .

عربيا : توضح تقارير التنمية البشرية العربية  أن نسبة الفقراء الى اجمالي السكان في الوطن العربية ان نسبة الفقر في ازدياد تصل الى 40% مما يعني وجود 68 مليون فقير عربي على الرغم من أن الدول النفطية العربية تمتلك مئات المليارات من الدولارات في صناديقها الاستثمارية ويتم استثمار الجزء الاكبر منها خارج الوطن العربي

أما بالنسبة لفلسطين فقد تبين أن 48.6 %من الافراد يقل دخلهم الشهري عن خط الفقر الوطني ، وأن 37.6% من الافراد يقل دخلهم الشهري عن خط الفقر الشديد ، لذلك يتبين بأن هناك مئات الآلاف لا زالوا يعانون من الفقر ومن الانتهاك السافر لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

إن ارتفاع الأسعار والارتفاع الحاد لنسبة غلاء المعيشة وازدياد نسبة البطالة تفاقم مشكلة الفقر وخاصة في أوساط النساء مما يؤدي  إلى الاستياء والإحباط، خصوصا في أوساط الشباب، والاحتقان والغضب وبسبب عدم جدية الحكومات في تنفيذ الخطط الهادفة الى مكافحة البطالة والفقر ومكافحة الفساد وتكريش العدالة الاجتماعية وتقليص الفجوة الواسعة بين الاغنياء والفقراء بل ان السياسات الاقتصادية والاجتماعية في العديد من البلدان النامية ومنها العربية تزيد الاغنياء غنى والفقراء فقرا.

ان الحالة الاقتصادية الصعبة التي وصلها الشعب الفلسطيني جراء الممارسة اليومية لسلطات الاحتلال الاسرئيلي، الذي لم يتوقف عن قهر وافقار وتجويع هذا الشعب. ودعت تقاريردولية ومنها تقرير الامم المتحدة اسرائيل إلى وقف هذه الممارسات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقالت ان التنمية المستدامة ستواجه صعوبات في ظل الممارسات الاسرائيلة على الأرض. فهناك زيادة في في معدلات الفقر والبطالة، وتدني في مستويات المعيشة، وانخفاض في الإنتاج الغذائي بسبب الاستيلاء والتهويد المستمر للأراضي الفلسطينية باقامة المستعمرات والجدار العنصري عليها إضافة إلى تجريف للمحاصيل وقطع الاشجار وخاصة أشجار الزيتون المعمرة وغيرها من الأشجار وسرقة المياه وهدم المنازل وإغلاق للأسواق المحلية والدولية أمام المنتجات الفلسطينية وإغراق السوق الفلسطينية بالبضائع الإسرائيلية  وبأسعار تنافس المنتج الفلسطيني من اجل زيادة خسارة المزارع الفلسطيني وإجباره طوعية لهجرة أرضة ومزروعاته. وفوق هذا وذاك، هناك هدر وقلة تنظيم وضعف برامج  المعونات الاغاثية التي تقدم للشعب الفلسطيني لاسباب سياسية انتم تعرفونها جيدا و بسبب عدم تمكنها حتى الآن من وقف التدهور الحاصل في معدلات الفقر.

ان الارتفاع الجنوني في اسعار الكهرباء والمحروقات والسلع الغذائية وغياب التدخل الجدي في حماية المستهلك من خلال القوانين والانظمة والرقابة على الاسعار وتحديدها وخاصة السلع الاساسية ومكافحة جشع التجار وتجريم المخالفين بعقوبات رادعة وخاصة المروجين للسلع الفاسدة , اضافة الى مكافحة الفساد بتجريمهم وتقديمهم للعدالة ووقف هدر المال العام وتكريس مبادىء العدالة الاجتماعية من شأن ذلك زيادة نسبة الفقراء في فلسطين وما يشكله ذلك من خطر على السلم الاجتماعي ان شح الموارد الذي يؤدي الى وقف برامج التنمية واهمال تقديم الدعم للمزارعين الا ( سكب البنزين على النار ) وما الاحتجاجات الاخيرة في الشوارع على زيادة رواتب المعلمين والضمان الاجتماعي وأرتفاع الاسعار وزيادة نسبة الفقر وغياب العدالة الاجتماعية ومااضراب طلبة الجامعات كما حصل في جامعة بيرزيت والمعلمين واساتذة وموظفي الجامعات  الا ناقوص ينذر بتجدد الاحتجاجات في الشوارع في الوقت الذي نحن أكثر الشعوب حاجة الى الوحدة والتعاضد والتكافل الاجتماعي ورص الصفوف في مواجهة سياسات الاحتلال المدعوم من العديد من الدول التي تنكر على الشعب الفلسطيني حقه المشروع في العودة والاستقلال وبناء دولته الحرة المستقلة ذات السيادة الخالية من المستوطنات والجدار على الاراضي الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس .

وبمناسبة اليوم العالمي للقضاء على الفقر فان الامم المتحدة وكافة منظماتها وكافة الدول التي تعهدت بالقضاء على الفقر في الالفية الثالثة حتى عام  مطالبون اليوم بالقضاء على أسباب الفقر ولا شك أن الاحتلال الاسرائيلي هو السبب الرئيس في زيادة حدة الفقر في فلسطين والاعتراف بفلسطين كدولة تحت الاحتلال والوقوف في وجه سياسات الاحتلال قولا وعملا واجباره على الانسحاب من الاراضي المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره على أرضه واقامة دولته الحرة .....

والمطلوب من كل أصدقاء فلسطين حكومات وشعوب ومنظمات حقوقية وانسانية وعمال ونساء وشباب تقديم الدعم المادي والسياسي والدبلوماسي للشعب الفسطيني والضغط على اسرائيل بمقاطعتها ومقاطعة كافة الذين يدعمونها لاستمرار احتلالها للاراضي الفلسطينية وعدم انصياعها للقانون الدولي وتطبيق قرارات الامم المتحدة .

ونكرر المطلوب من القيادة والحكومة الفلسطينية الاستجابة الى مطالب الجماهير المحقة بمكافحة الفساد وتقليص الفجوة بين الاغياء والفقرء , ومطلوب من السلطة الفلسطينية تطوير وتطبيق قانون العمل والحد الادنى للاجور و قانون الضمان الاجتماعي واقرار قانون منصف وعادل لتنظيم العمل النقابي يستند الى اتفاقيات الحريات النقابية العربية والدولية رقم 87  وقانون الحماية من البطالة وصندوق للطالب الفقيروتقديم الدعم للمزارع للثبات على ارضه وتوفير الامن الغذائي , كل ذلك كفيل بأن يشعر المواطن الفلسطيني الذي يعاني من قهر وظلم الاحتلال بالامن الاقتصادي والاجتماعي وهذا كفيل باستعادة الوحدة الوطنية والاجتماعية والتكافل للوقوف صفا واحدا في مواجهة التحديات أمام الشعب الفسطيني وقيادته وخاصة أستمرا الاحتلال وسياسته المدمرة وصولا الى أهداف وحلم كل فلسطيني بالعيش بكرامة في وطنه الحر .

 *بقلم النقابي محمد العاروري أمين سر منظمة التضامن العمالية وعضو الامانة العامة للاتحاد العام لعمال فلسطين