عن أزمة الغرفة التجارية.....ووقفية القدس

بقلم: راسم عبيدات

تحدثنا في مقالة سابقة حول أوضاع الغرفة التجارية في مدينة القدس،وكشكل من أشكال دمقرطة وتفعيل أوضاعها،طرحنا ان يكون خيار الإنتخابات بديلاً لسياسة التعيين عن الأعضاء المستقلين ورئيس الغرفة التجارية الذي تقدم في السن واوضاعه الصحية لم تعد تساعده على القيام بدوره وبمهامه في رئاستها،والبعض قال من وجهة نظره بأن هذا الخيار غير واقعي واعتبره أنه يشكل إنقلاباً وتحريضاً على الغرفة التجارية،فخيار الانتخابات غير ممكن بسبب الإحتلال،وكفى الله المؤمنين شر القتال،نتكيف في أوضاعنا مع ما يريده الإ حتلال وما تريدة قيادة السلطة التي لا تريد مجابهة او اشتباكاً سياسيا سلميا مع الاحتلال في أي عملية انتخابية بلدية ومجالس محلية وغداً اندية ومؤسسات رياضية،أي نجح الاحتلال في تطويع عقولنا،وجرنا الى الخانة التي يريد بأنه صاحب السيادة على القدس،ولا شيء خارج سيادته.
وكذلك قلنا وبدون الطعن بأحد او تحميل المقالة ما لا تحمله بأنها تأتي لخدمة (سين) او (صاد) من الناس فأنا لا احمل اجندات خاصة ولست تاجراً ولا طامحاً بمنصب،بأن هناك من يعمل على أن ينصب من نفسه رئيساً للغرفة التجارية،وبالمناسبة هو لا شك شخصية اقتصادية وتجارية،ولكن الطريقة والشكل الذي جرى الإعلان عنه بترأس الغرفة التجارية،لم يكن موفقاً ويفتح المجال لكي تصبح مثل هذه الممارسة شكلاً سائداً في العمل المؤسساتي،فالعملية تمت بدون أي شكل انتخابي ولا حتى توافقي،أو نظامي وحتى خارج إطار النظام الداخلي ليدخل الغرفة التجارية في أزمة جديدة،ولتظهر الوزيرة المسؤولة عن هذا الملف بأنها غائبة طوشة أو لا تمتلك الصلاحية والقرار.
مكتب الوزيرة يشهد حركة نشطة وزيارات مكوكية ورسائل وعرائض من التجار تطالب بإجراء انتخابات للغرفة التجارية،وهناك من اختزل القضية بأن يكون له موقعاً في الغرفة التجارية وتنتهي القضية،لكي يظهر بمظهر المتصارع على الكرسي،وليس مسألة تحمل بعداً مبدئياً وموقفاً،والبعض الآخر كان لديه رؤيا بعقد لقاء تشاوري يضم العديد من الفرقاء للبحث في كيفية وآلية الخروج من الأزمة،وحتى إن لم يجر الاتفاق على إجراء الانتخابات،فملىء الشواغر عبر عمليه تحمل بعداً ديمقراطياً وليس طريقة التعينات السرية،فهؤلاء التجار المطالبين بإجراء الانتخابات ليسوا وقوداً او حطباً لهذا المرشح او ذاك،فيفترض ان يسمع صوتهم ويكون لهم دور وازن في تعيين واختيار المرشحين لمجلس الغرفة التجارية.
ناهيك عن ان أي عملية تعيين او استبدال لأي عضو،يجب ان يكون قد مضى على عضويته في الغرفة التجارية ثلاث سنوات،وأن يكون صاحب مصلحة تجارية محل أو منشأة تجارية او اقتصادية في القدس.
قطاع الإسكان يشكل واحد من أهم القطاعات الأساسية التي تشكل ركيزة من ركائز صمود وبقاء الإنسان المقدسي فوق أرضه وفي قدسه،وهذا القطاع بسبب إجراءات الاحتلال البيروقراطية والتوجهات السياسية التي عبر عنها نائب رئيس بلدية الاحتلال "مائير ترجمان"،بأن بلدية الاحتلال،كما هي دولة الاحتلال وجدت لتهدم منازل المقدسيين وليس بنائها،ولذلك هناك صعوبة بالغة في الحصول على رخص بناء،وتغيب المخططات الهيكلية للقرى والبلدات الفلسطينية المستجيبة لحاجة السكان في الزيادة الطبيعية،ناهيك عن ارتفاع تكاليف الترخيص للشقة الواحدة،لتصل الى (50) ألف دولار للشقة الواحدة،وليرتفع ثمن الشقة الواحدة التي مساحتها (120) متراً مربعاً الى 300 – 350 ألف دولار.
هذا خلق أزمة حادة في قطاع الإسكان في القدس،تم التعبير عنها بلغة الأرقام من خلال المؤسسات والجمعيات التي تعنى بالإسكان ب (40000) شقة سكنية للسنوات الخمس القادمة.
مصادر الدعم والتمويل لقطاع الإسكان في القدس محدودة،وهي جاءت على شكل قروض طويلة الآجل مستردة وبفوائد معقولة،وليست على شكل هبات أو منح،ونظراً للظروف وأوضاع المقدسيين الصعبة إقتصادياً،وأيضاً حتى لا نجافي الحقيقية لتسيد عقلية الإرتزاق والنفعية،وجدنا تعثر وتقطع في عملية الدفع والسداد،فالبعض يعتقد ليبرر سلوكه وعدم دفعه "بأن السلطة والمؤسسات لصوص وبالتالي هذه حصة له".
دخل على سوق وقطاع الإسكان رجال أعمال ومؤسسات منها جمعية مجلس الإسكان والقابضة ووقفية القدس والإتحاد – التجمع المقدسي للإسكان،ولعل القطاع الخاص استطاع بناء المئات من الوحدات السكنية وأقام أكثر من مشروع اسكاني في مدينة القدس،وظل سعر الشقة الواحدة فوق طاقة الإنسان المقدسي،وأقصى ما استطاعت تلك المؤسسات الفاعل منها،وايضاً القطاع الخاص التقسيط للمواطن لمدة لا تزيد عن ثمان سنوات (اخوان علي شقيرات) وقروض مستردة طويلة الآجل وبفوائد معقولة من قبل جمعية مجلس الإسكان،في حين نجح الإتحاد – التجمع المقدسي للإسكان برئاسة المهندس محمود زحايكه مؤخراً بالحصول على قروض للمواطنين طويلة الاجل ولمدة لا تقل عن (15) عاماً وبدون فوائد،تصرف لأصحاب الشقق الحاصلين على تراخيص،وهذا يشكل انجاز نوعي.
المقدسيون يعتقدون بأن حنفيات الدعم العربي والإسلامي مفتوحة في هذا الجانب،وحالة فقدان الثقة تجعلهم يصبون جام غضبهم على أي مؤسسة أو جمعية تعمل في هذا الجانب،لأنهم يعتقدون بأنها مؤسسة للنهب او لجمع الأموال باسم القدس،وفي ظل فساد مستشري،فالناس تفقد الثقة،وهذا شيء طبيعي،وأنا لست هنا بصدد التحدث عن هذه المؤسسات ودورها،ولكن الحديث هنا عن وقفية القدس التي روج لها بأنها ستكون الرافعة والداعم الأساسي لمشاريع الإسكان في القدس،وأن حجم وكثافة الضخ والحديث عنها في وسائل الإعلام جعل الإنسان المقدسي يستبشر خيراً.
وهنا نقدي للوقفية والقائمين عليها،هو نقد في الإطار الوطني العام الشمولي،فهناك من يوجه سهام النقد ارتباطاً بمصالحه ودعم أو عدم دعم الوقفية لأنشطته ومشاريعه.
الوقفية ليست نوعاً من "التكايا" علينا أن نفهم جيداً نحن المقدسيون،فهي ملك لرجال اعمال مستثمرون،يريدون أن يحققوا ربحاً من استثماراتهم،لا يوجد من بينهم "موسكوفيتش" يهودي،وحجم التوقعات العالي منهم في هذا الجانب لا يستند الى واقع،واذا كنا نحن في القدس طامحين،لأن يكون للرأسمال المحلي والفلسطيني دور في تعزيز صمود المقدسيين،من خلال مشاريع الإسكان،فإما أن يتعاملوا معنا كمستثمرون دون الضجيج والصخب الإعلامي عن أن هذه المشاريع الإسكانية هي لدعم صمود المقدسيين،بل هي جزء من استثماراتهم،ونحن نشجع استثمارهم في القدس في هذا الجانب،فهو أيضا يحمي الأرض من التهويد،ولكن الإنسان المقدسي ما يريده هنا،أن يكون دوراً للرأسمال الوطني في دعم حقيقي لمشاريع الإسكان،بما يعزز من صمودهم وبقائهم في المدينة.
وما يتوقعه الإنسان المقدسي من رجل الأعمال الملياردير الفلسطيني منيب المصري وغيره من رجال الأعمال كبير جداً، دوراً يليق به كرجل أعمال له دوره ومكانته الاقتصادية محلياً وعربياً ودولياً،يريد منه هو وغيره من رجال الأعمال،أن يكون لهم بصمات واضحة في مشاريع وأنشطة وقطاعات القدس المختلفة،فعلى سبيل المثال لو أقام السيد المصري مئة وحدة سكنية أو أكثر،وجعل أجرة كل شقة سكنية فقط الف شيكل،فهذا شكل من أشكال الدعم للمقدسيين،أو أنه قام ببناء مشاريع إسكان شعبية،بتكلفة لا تزيد عن (150) الف دولار للشقة الوحدة،فهذا يجعله يحوز على ثقة المقدسيين واحترامهم،وبعيداً عن الإتهامات والتخوين وغيرها،نحن نريد أن نرى "طحيناً ولا نستمر في سماع الطحن"،فخطوة عملية في هذا الجانب أفضل من دستة برامج،وكذلك نحن نثمن أي خطوة او جهد او دعم لأي قطاع أو مؤسسة مقدسية من الوقفية او غيرها.
الأوضاع في القدس صعبة،وثقة المقدسيين بالسلطة والمؤسسات المجتمعية والدول المانحة وغيرها،تكاد تكون معدومة،فالحرب الشاملة التي يشنها الإحتلال عليهم في كل تفاصيل حياتهم اليومية الاقتصادية والإجتماعية والخدماتية،تخرجهم عن طورهم وتفقدهم أعصابهم،وإستعادة الثقة وخلق قناعات عندهم بالجدية في العمل،بحاجة الى مشاريع وأفعال تترجم على أرض الواقع...
بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
20/10/2016
0524533879
[email protected]