نهاية الحقبة السعودية في لبنان

بقلم: راسم عبيدات

السعودية بقيت تعتبر لبنان محمية او مزرعة سعودية،تتحكم في كل مفاصل الحكم فيها،هي من تلعب الدور الرئيسي الى جانب السفارات الغربية والسفارة الأمريكية في تشكيل حكومتها وتعين رئاستها،وكانت من خلال أموالها ونفطها،تسعى لتحجيم قوى المقاومة في لبنان،وفي المقدمة منها حزب الله اللبناني،والذي تعتبره قاعدة متقدمة لايران عدوها الرئيسي،بما يشكل تهديداً مباشراً على مصالحها ونفوذها واهدافها في المنطقة عامة ولبنان خاصة،ولذلك وقفت ضد الرئيس العروبي المقاوم اميل لحود،الذي اكد على شرعية سلاح المقاومة،ووقف الى جانب حزب الله اللبناني،وكذلك هي من ساندت ودعمت امريكا ودول الغرب الإستعماري،في توجيه الإتهامات لسوريا وحزب الله باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري،وسعت الى تجريمهما عبر تشكيل لجان تحقيق ومحاكم دولية،وأيضاً دعمت هي والعديد من دول الخليج والدول العربية،في اصطفاف شبه علني العدوان الإسرائيلي على حزب الله والمقاومة اللبنانية في عدوان تموز /2006،تحت يافطة ان حزب الله قامر بمصير لبنان،ولم يستشر الدولة اللبنانية بإقدامه على أسر الجنديين الإسرائيليين،وهو يخوض هذه الحرب،ليس من اجل مصلحة لبنان،بل خدمة لأجندات واهداف ايرانية . مع بداية ما يسمى ب"ثورات الربيع العربي"،والتي كانت السعودية تقف في مقدمة داعيمها ومغذيها رجالاً ومالاً وسلاحاً واعلاماً،سعت السعودية لبسط سيطرتها الكلية على لبنان،على اعتبار أن سوريا التي تتعرض لعدوان كوني،تصطف ضدها فيه اكثر من ستين دولة ستسقط،وستكون الطريق الى بيروت سالكه،فالأسد سيسقط وحزب الله سيختفي عن الخارطة السياسية اللبنانية،حتى وصل الأمر برئيس حزب المستقبل "دمية" السعودية في لبنان سعدي الحريري للقول بانه سيعود الى لبنان من باريس من خلال مطار دمشق الدولي. واضح بأن التطورات اللاحقة،أتت على نحو مغاير لما خططوا له،حيث ليس فقط لم تسقط سوريا،بل ان كل المشروع الذي استهدف الأمة العربية جغرافيةً وقيادةً وجيوشاً،يتعرض لخطر السقوط والفشل الذريع،ولم تستطع لا السعودية ولا مروحة الحلف الأمري صهيوني – التركي- الإستعماري الغربي،فرض رئيس على لبنان،من ضمن معسكر 14 آذار،او المؤتمرين بأمر هذا التحالف وداعميه الخارجيين،وبقي الفراغ الرئاسي قائماً لأكثر من عامين والنصف،ولم تفلح كل مناورات و"جعجعات" وضغوط وتحريض جماعة 14 آذار على حزب الله اللبناني،في فرض رئيس وفق مقاساتها. ما تحقق من انتصارات اقليمية ودولية لحلف المقاومة من روسيا ومرورا بطهران والعراق وسوريا والضاحية الجنوبية وصنعاء،وصمود وثبات حزب الله على موقفه بترشيحه لحليفه الموثوق العماد ميشيل عون رئيساً للجمهورية، وكذلك ثبات العماد على نفس الموقف،هي التي دفعت ب سعد الحريري زعيم تيار المستقبل الى ترشيح عون رئيساً للجمهورية،حيث انه في فترة "تبجحه" و"عنتريته" واوهامه بسقوط سوريا رشح قائد القوات اللبنانية المجرم سمير جعجع لرئاسة الحكومة اللبنانية،ومع الصمود والثبات السوري،تراجع ليسحب ترشيح جعجع ويرشح سليمان فرنجية،حليف حزب الله للرئاسة،والهدف من كل هذه المناورات السياسية،إحداث تصدع في تحالف حزب الله- امل- المردة ،فأمل ترتاح اكثر الى وجود فرنجية في الرئاسة،حيث لها وللمردة العديد من التناقضات مع العماد عون. الحريري اضطر ساغراً امام ثبات حزب الله على موقفه،وعدم حدوث أي اختراق او إنتصار على سوريا،الى ترشيح العماد ميشيل عون لرئاسة الجمهورية اللبنانية،وهو يدرك تماماً،بأن ذلك سيشكل انتحاراً سياسياً له،وقد يقامر بمستقبله السياسي وحتى حياته،فالسعودية لن تغفر له ذلك،ناهيك عن التصدع الكبير الذي سيحدث في شبكة تحالفات وقواعد 14 آذار.ومما لا شك فيه بان ما تحقق لحزب الله في هذا الملف من نصر يعادل انتصاره العسكري في تموز/2006 على دولة الإحتلال الإسرائيلي،واختيار الحريري للمر على الأشد مرارة،جاء بعد تراجع الضخ المالي السعودي للحريري الى حد كبير،بسبب حربها العدوانية على اليمن،والمقامرة التي خاضتها بتخفيض اسعار النفط،من اجل توجيه ضربات قاسمة للإقتصاد الروسي والإيراني والفنزويلي،والان جاء دور قانون "جاستا" الأمريكي،والذي سيجمد وسيصادر لاحقاً الودائع والممتلكات السعودية في امريكا،لحساب من قتلوا في احداث 11 سبتمبر /2001 . دائماً الرئيس اللبناني كان ثمرة توازنات دولية وإقليمية وعربية،"يصنع" خارج لبنان،ولكن هذا الرئيس الأول للبنان الذي "يصنع" في لبنان،وبإرادة لبنانية،رئيس حليف موثوق لحزب الله والمقاومة وصديق ولسوريا،ولكن النصر المتأتي بإنتخاب عون رئيساً للجمهورية نتيجة ما تحقق من انتصارات دولية وإقليمية،يجب أن لا ينعكس سلباً او تشظياً على تحالف المقاومة حزب الله – التيار الوطني الحر – امل – المردة. على حزب الله ان يدير اللعبة والمعركة بطريقة ذكية جداً،عليه ان يعرف كيفية تدوير الأرباح المتحققة دولياً وإقليمياً لكي تعم هذه الأرباح على كل الحلفاء،وليس ربح لحليف وخسارة لاخر،فهذا من شأنه ان يبهت ويضيع وهج هذا الإنتصار المتحقق،وقد يدفع نحو التشظي والتشقق الداخلي لهذا الحلف،وعلى الرئيس عون أن يجسد قيم الشراكة في الحكم والوفاء لهذا التحالف، وان يبدد من توجس وتشكك حلفائه (امل والمردة). هذا النصر المتحقق يجب ان يكون جامعاً للحلفاء،وياتي على قدر كبير من العدالة في توزيع المكاسب فيما بينهم،واذا ما احتكر العماد عون تلك المكاسب،فهو سيوجهه ضربة في الصميم لحلفائه وشركائه،وهذا ما ستدفعه إليه جماعة 14 من آذار،فالحلفاء يجب ان يكونوا شركاء كاملين في رسم الخيارات واتخاذ القرارات،وليس مجرد "ديكور" او شركاء هامشيين،إنتهى دورهم بمجرد بلوغ عون للرئاسة. الأيام والتطورات المقبلة تضع حلف المقاومة امام الإختبار الجدي والحقيقي،هو اختبار من شأنه أن يعزز من دور ومكانة هذا التحالف، وهو الذي سيقول ما إذا كان حلف المقاومة الداخلي قادراً على استيعاب نصره ويؤسّس لعهد الاستقرار والازدهار وقيام الدولة،ام أن الأمور ستقود نحو تشظي وتشقق داخلي في حلف المقاومة على ضوء لا سمح الله ممارسات وقرارات خاطئة،وشكوك وهوجس لا تجد لها مكانة حقيقية في التطمينات،بالفعل والممارسة وليس بالقول والحديث فقط بين الحلفاء..؟؟.

بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
21/10/2016
0524533879

[email protected]