مبادرة الجهاد.... قراءتها ...والرأي حولها

بقلم: وفيق زنداح

طالما اعلن الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي مبادرته السياسية على الرأي العام الفلسطيني والعربي والدولي ....فإنها تكون بذلك قد دخلت بحيز التحليل وابداء الراي حولها.... ونقاش مضمونها.... والرد عليها وحتي انتقادها وابراز عيوبها.... وايجابياتها ...كما ودراسة ابعادها..... وأهمية توقيت طرحها .
قلت بمناسبة ذكري انطلاقة الجهاد الاسلامي ...وذكري الوفاء للشهيد المؤسس فتحي الشقاقي أننا نختلف ونتفق مع هذه الحركة الفلسطينية الوطنية المقاومة ....وعلى هذه الأرضية والقناعة اري واجب الرد المهني الاعلامي في اطار حرية الرأي..... وابداء أعلي درجات النقاش والحوار طالما أصبحت المبادرة من حق الرأي العام ....وليست حقا حصريا لحركة الجهاد الاسلامي .
بداية يطالب الدكتور رمضان عبد الله شلح أمين عام الحركة من الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ممثلنا الشرعي والوحيد رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الغاء اتفاق أوسلو من الجانب الفلسطيني ....وما يعنيه هذا الالغاء..... وما يترتب عليه من نتائج وانعكاسات لم يتطرق اليها الدكتور شلح .....لأنها بالمجمل نتائج خطيرة ....وانهيار حتمي للسلطة الوطنية أحد مكتسبات شعبنا ...والكيان السياسي والمعنوي والاقتصادي والامني الذي يقوم على توفير خدماته للملايين من أبناء فلسطين ....ولا نعرف كيف يمكن مليء الفراغ بحال انهاء السلطة ؟؟!! ....كما ولا نعرف اذا ما كانت دولة الاحتلال ستعيد انتشارها وستثبت احتلالها.... وستنهب المزيد من الأرض بما لا يتعارض مع أفعالها وتصرفاتها على المستوي السياسي والدبلوماسي..... فهل من الحنكة السياسية أن نعود من حيث بدأنا ؟؟!! ......وهل تم دراسة أبعاد ونتائج الغاء أوسلو على واقع شعبنا بالضفة والقطاع والقدس ؟؟!!....وهل تم دراسة الابعاد والنتائج السياسية الداخلية ...العربية ...الاقليمية والدولية بحالة الغاء الاتفاقية ؟؟!!.
هناك الكثير مما يمكن أن يقال ويرد عليه ....في هذا المطلب الذي يمكن ان يطرب البعض منا بسماعه ...لكننا لا نحسب الحساب للنتائج والردود الحقيقية التي يمكن أن تشكل واقعا لا نستطيع تحمله .
مطالبة منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد بسحب الاعتراف بدولة الكيان على اعتبار أن الاعتراف متبادل .....ويترتب عليه نتائج سياسية توصلنا الي دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس بحدود الرابع من حزيران 67 ....باعتبار أن هذا الهدف الوطني هو المتاح في ظل معادلة اقليمية ودولية اذا ما كنا نريد تحقيق هذا الهدف .....أما ما يتعدى هذا القول فإمكان كل منا أن يتحدث كما يشاء وأن يطالب بالدولة من البحر الي النهر كحق تاريخي .....صحيح أن دولة الكيان غير ملتزمة بالاتفاقيات ....كما أنها غير ملتزمة بالقرارات الأممية ....الا أن عدم الالتزام لن يستمر طويلا .
ولكن سيبقي السؤال حول امتلاكنا للجاهزية والقدرة والوحدة والتماسك والقوة التي تمكننا من تحقيق هذا المطلب .
طالما تمت المطالبة بأن يعاد بناء منظمة التحرير خاصة من القوي المعارضة وهذا المطلب سيبقي مثار جدل ونقاش حول المقصود بهذا المطلب..... فاذا كان المطلوب تطوير مؤسسات منظمة التحرير واصلاح بنيتها وتعزيز اليات عملها ....فهذا جائز ومتاح ومطلوب .....اما اذا كان الهدف هدم القائم .....وبناء منظمة جديدة ....والعودة الي نقطة الصفر..... فهذا خطيئة كبيرة.... واهدار لمكتسبات سياسية ونضالية تراكمت عبر عقود طويلة لا يجوز العبث بها.... أو القفز عنها.... لأنها تعبير عن مسيرة ونضال شعب بأكمله قدم التضحيات والشهداء ...الأسري والجرحى من أجل أن يعلي ممثله الشرعي والوحيد وأن يدافع عن شرعيتها واستقلالية قرارها الوطني ..... ومؤسساتها الوطنية التي نستند عليها باعتبارها مؤسسات الشرعية الفلسطينية المعترف بها والمجمع عليها عربيا ....اقليميا ...ودوليا .
اننا بحق نعيش مرحلة تحرر وطني لكننا نعيش أيضا مرحلة تأسيس مؤسسات دولة فلسطين من خلال بناء مؤسسات السلطة الوطنية.... بما لتلك المؤسسات من أهمية وضرورة وطنية نحن بحاجة اليها لمواجهة عدونا المحتل بكافة المنابر والمؤسسات الدولية السياسية والقانونية .
وحتي يمكن أن نرتب أوضاعنا الداخلية ....وأن نقوي من عزيمتنا..... ونصلب من ارادتنا ....ونتمكن من مخاطبة العالم حول مشروعنا الوطني التحرري .....كانت أهمية انهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية التي أشار اليها الدكتور شلح في البند الخامس من مبادرته السياسية والتي تحتاج الي جهود الجميع وكما وتحتاج الي ارادة جامعة ....ونوايا صادقة ....وثقة متبادلة .
الحديث الدائم عن صياغة برنامج وطني وكأننا نناضل منذ عقود طويلة دون برنامج..... يؤكد أننا لا زلنا نعيش حالة انقسام برامجي في الفكر والاليات والوسائل.... وهذا الموضوع يحتاج الي جهد الجميع حتي نوحد مواقفنا واليات فعلنا وخياراتنا ....في اطار أجندة وطنية واحدة .....وليس الابقاء على اجندة كل منا دون الالتقاء بالهدف والوسيلة ....وهذا ما يحدث الخلل الذي نحن عليه .
البند السابع لمبادرة الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي ومطالبته بالخروج من حالة اختزال فلسطين أرضا وشعبا بالضفة والقطاع .... تعبر عن رؤية صادقة وأمينة..... ولكنها بذات الوقت رؤية جزئية غير مكتملة لطبيعة الدور المناط بمنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي والوحيد لكافة ابناء الشعب الفلسطيني بكافة أماكن تواجدهم .....ولا أحد يتحدث عن اختزال قضية شعبنا بمن يتواجدوا داخل الضفة والقطاع والقدس وبالأراضي الفلسطينية بالعام 48 .....وبأهلنا بالشتات والمنافي ومخيمات اللجوء نحن أبناء فلسطين ...نحن أبناء الشعب الفلسطيني نقارب على نحو 12 مليون ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا لأننا أصحاب قضية واحدة ...ومطلب واحد ....حتي وان اختلفت الرؤي والاجتهادات .
البند الثامن لمبادرة الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي يتم التأكيد عليها على مدار سنوات طويلة والقيادة الفلسطينية منذ عهد احمد الشقيري ويحيي حمودة ....والقائد الرمز الشهيد أبو عمار وحتي الرئيس محمود عباس الذي يواصل مسيرة التحرك والجهد السياسي والدبلوماسي ....واختراق كافة الحواجز والموانع التي كانت قائمة..... والتي وفرت أرضية ومناخ صدور قرارات أممية .... أجازت لنا عضوية الأمم المتحدة كدولة بصفة مراقب .....كما عضوية العديد من المؤسسات الدولية.... كما وفرت لنا امكانية رفع علم فلسطين كدولة بمبني الأمم المتحدة ....وهذه انجازات سياسية تأكدت بفعل الاتصالات المستمرة والمتواصلة ....كما كان للاتصالات واللقاءات والحضور الدائم على المستوي العربي الاقليمي والدولي أن استطاعت القيادة الفلسطينية أن تعزل دولة الكيان .....وأن تجردها من كافة مبرراتها ....التي كانت تحاول تسويقها لتبرير احتلالها وعدوانها وهذا ما هو ملموس للجميع .
السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية وعضوية محكمة الجنايات الدولية.... والحق الكامل بملاحقة مجرمي الحرب ضد شعبنا ...كما أشار في البند التاسع أمين عام الجهاد الاسلامي يعتبر مطلب وطني قانوني وسياسي .....يجب أن نوفر كافة سبل الدعم والاسناد له حتي نتمكن من محاسبة القتلة والمجرمين الذين ارتكبوا الجرائم والمجازر ضد شعبنا .
البند العاشر لمبادرة الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي حول اطلاق حوار وطني شامل..... دعوة صادقة من رجل صادق ....وأمين مع نفسه ...ومع شعبه ...لكن هذه المطالبة تحتاج الي أرضية ومناخ وارادة صادقة والمتابع لأحوال فصائلنا ومواقفهم وخلافاتهم ..... يجعل من امكانية الحوار الوطني الشامل محاولة للعودة الي نقطة الصفر في ملفات وحوارات اشبعت بحتا.... واليات تطبيقها معروفة للجميع ....لكن الاجندات الخاصة والمصالح الذاتية .....تحول دون ان نلمس النتائج التي نتمنى أن نراها ونسمع عنها .
نحن نعتز بكل مبادرة صادقة بتحريك المياه الراكدة .....لكننا نحتاج الي خطوات فعلية ....والي ادراك تام ووعي شامل ....أن ما تشهده الساحة الفلسطينية يحتاج الي معالجة وطنية شاملة ....نستطيع من خلالها انهاء هذا الانقسام الأسود ....وترتيب البيت الفلسطيني بما يوحد طاقاتنا ويحقق أمانينا ....وأهدافنا بالحرية والاستقلال .
الكاتب : وفيق زنداح