احكي يا شهرازد

بقلم: صلاح صبحية

احكي شهرزاد فكل الكلام أصبح مباحا، لا شيء يستر الكلام، لا دفة كتاب ولا إطباق شفاه، فقد تغشت حروف الأبجدية الكذب الحلال، وتعرت الكلمات من صدقها، فغادرت القدسية اللسان، وانتفت الثقة بين الخلان، وأصبح كل واحد قطا يأكل بنيه، فكيف نتخلص من مستنقع الكلام المكلل بالنفاق؟
احكي شهرزاد الكلام المباح ، هذا أنا بين يديك ماء زلال، فكيف أتيمم بكفيك لكي تجوز لي الصلاة، وكيف أقرأ فاتحة الكتاب عند ولوج الشمس الغياب.
احكي شهرزاد كلامك المباح في الليل وفي النهار، احكي كلامك على سرير شهريار أو في الطرقات، فلن يسمع كلامك إنس أو جان.
احكي يا شهرزاد ما شئت من كلام، فقد انكسر السيف بيد شهريار ورحت أنت في سبات، لن يصيح الديك معلنا قدوم الصباح، فبالكلام المباح ولج المساء بالصباح، والسماء افتقدت نجمة الصباح، فقد أضعنا الطريق منذ أن أصبح كل الكلام مباح.
احكي شهرزاد فقد عشقنا الكلام المباح، عشقنا القبلة الأولى وأول لقاء، عشقنا أزهار اللوز تنعقد في آذار، فينشق الربيع خفايا وأسرار تشذو بكل العطر المباح، فمن يهدي للصبايا ثوب عرس وشال، فلم يعد العريس يسمع همسا قبل الزفاف، فقد أصبح كل شيء مباح، فلا تخجلي يا عروس هذا المساء.
احكي شهرزاد فليس للحكايا قفل وبواب، ما أغرب الكلام المباح، فوجه الصبايا ما عاد تكسوه الدماء، فما يقال أغرب من الخيال، فتنهض الشفاه كأنها الجواد يقتحم المعمعان، لا شيء يحجب السر فكل العشق مباح، موز ورمان وبستان حياة، فلا تخجلي شهرزاد من الكلام المباح.
احكي شهرزاد فنحن على رصيف الطريق نمارس العشق المباح، ونسبح في بحر من الدماء، فقدسية الإنسان فقدت بكارتها منذ أن عرضنا البلاد في سوق النخاس ، فمن يأخذنا في حضنه شهوة الكلام المباح.؟؟؟

صلاح صبحية