الرئيس ودحلان: نهاية مرة أم بقاء مشترك

بقلم: باسل خليل خضر

عند نشوب أي صراع في العالم, فانه يحمل إحدى الصفتين, فإما أن يكون صراع متجه نحو نهاية مرة وفانية لأحد الطرفين, أو يكون صراع يحمل بوادر التعايش والبقاء المشترك, فمثلا الحرب العالمية كانت نهايتها مدمرة وفناء لأحد أطراف الصراع, ولكن الحرب الباردة انتهت ببقاء وتعايش مشترك للطرفين, واي صراع سواء كان بين دول أو أشخاص سياسيين فانه سينتهي في واحدة من اثنين إما نهاية مرة أم بقاء مشترك.

وعند تطبيق هذه النظرية على الصراع بين دحلان والرئيس, فيجب علينا معرفة مؤشرات ذلك الصراع, فهل المؤشرات تدل على وجود صراع يميل إلى النهاية المرة أم صراع يميل إلى البقاء المشترك, ويجب معرفة الأساليب التي يستخدمونها في إدارة الصراع, فان كانت أساليب تدميرية فان الصراع يتجه نحو الدمار, وان كانت أساليب عقلانية فان الصراع يتجه نحو البقاء والتعايش السلمي, , وفي هذا المقال سوف نبين كيف ينظر كل طرف منهم إلى الصراع:

الرئيس أبو مازن نهاية مرة للصراع

الرئيس أبو مازن ينظر إلى الصراع مع دحلان على انه صراع أساسي ويستخدم أساليب تدل على انه يرغب بنهاية مرة لخصمة, ويمكن استنتاج ذلك من خلال عدة مؤشرات وهي كالاتي:

أولا: حرق التاريخ: لقد استخدم الرئيس أبو مازن في صراعه معد دحلان أساليب من شأنها تشوية التاريخ النضالي والوطني لدحلان, وهذا إن دل فإنما يدل على انه لا يوجد نية لدى الرئيس للتعايش السلمي مع دحلان, وخاصة عندما تصل إلى درجة اتهامه بالخيانة العظمى, وسرد قصص لذلك.

ثانيا: قطع الأرزاق: اتجه الرئيس ابو مازن في الصراع مع دحلان إلى أسلوب خطير وهو قطع رواتب الموظفين المناصرين والمؤيدين لدحلان، وهذا احد الأساليب التدميرية في الصراع مما سيجعل الصراع يتجه نحو نهاية مرة.

ثالثا: الفصل والإقصاء: ان استبعاد أو فصل مناضل فتحاوي له تاريخ عريق في حركة فتح أمر خطير جدا, وهذا مؤشر ان الرئيس لدية نية لاقتلاع كل منافس أو معارض من جذوره, وبذلك يمكن القول ان الرئيس يستخدم طرق متطرفة جدا في إدارة الصراع مما يجعل الصراع يتجه نحو نهاية مرة.

رابعا: رفض التصالح من حيث المبدأ: غالبا ما يدعو محمد دحلان بانه مستعد للتصالح بدون اي مقابل, وكل المبادرات التي دخلت في التصالح تؤكد عدم وجود شروط مسبقة لدحلان, ولكن الرئيس يرفض التصالح مع دحلان من حيث المبدأ وليس من حيث الشروط, وان رفض التصالح من حيث المبدأ اخطر مراحل الصراع, وهذا يدل على وجود نية تدميرية للخصم والقضاء علية نهائيا.

خامسا: إدارة الظهر للدول العربية: لا يمكن لرئيس فلسطيني ان يدير ظهره للدول العربية وليس من المنطق وخاصة مصر, لان فلسطين لا يمكنها الصمود  ولا الوجود بدون بعدها العربي, والدول العربية لها الفضل الكبير على الفلسطينيين, وخاصة المصرين الذين ضحوا بألاف الشهداء من اجل فلسطين, ومستخلص الفكرة انه من يدير ظهرة للدول العربية فانه يتخبط ويريد أي حل ويريد أي نهاية ومستعد لأن يدفع حياته مقابل عدم التصالح مع دحلان, وهذا اخطر ما في الصراع.

دحلان وعقلانية الصراع

استخدم محمد دحلان في الصراع مع أبو مازن طرق عقلانية وفي اطار قانوني لا يمكن أن يوصف بانه انقلاب أو خروج عن المألوف, باستثناء بعض الشتائم على الإعلام في بداية الصراع, وهذه النقطة الوحيدة الغير عقلانية في إدارة دحلان للصراع, أما باقي الأساليب فهي تتصف بالعقلانية وهي كالاتي:

أولا: حشد المناصرين: يسعى دحلان لإيجاد قاعدة شعبية واسعة تحتضنه وتزيد من قوته, وتعطي صلابة لموقفة في الصراع, وهذا من حقة وهو أسلوب عقلاني, لا يخالف القانون ولا يمكن لاحد تجريمه.

ثانيا: استقطاب المثقفين والمفكرين: يسعى دحلان لإيجاد كم كبير من المثقفين والكتاب حولة, وذلك لأهميتهم في مجتمعهم وأهميتهم في الدفاع عن فكرتة, وللحصول على شرعية من قبل النخبة, وهذا اكثر الأساليب عقلانية في الصراع وأخطرها على الرئيس.

ثالثا: الدخول للتنظيم من أبوابه الديمقراطية: يحاول دحلان في صراعه ان يدخل عناصره في قيادة التنظيم وبالطرق الديمقراطية المعروفة لدى الحركة, وذلك من اجل إيجاد نفوذ وقوة له داخل التنظيم.

رابعا: استخدام الإعلام في الصراع: إن الإعلام أداة قاسية في الصراع، ويستخدمها دحلان بقوة كبيرة, ولكن تبقى هذه الوسيلة مندرجة ضمن القوة الناعمة التي لا تؤدي إلى نهاية تدميرية للصراع, ولكنها وسيلة تؤدي إلى بقاء مشترك, فهي ليست وسيلة قهرية أو تدميرية.

خامسا: اللجوء إلى الدول العربية: ودحلان لا يملك جيش جرار او قوة اقتصادية جبارة كي يؤثر على الدول العربية, ولكن بالإقناع والحجة والبرهان استطاع حشد الدول العربية ضد الرئيس, وهذه الوسيلة أيضا لا تعتبر قهرية وتدميرية.

يمكن القول ان دحلان عندما رضي بان يعتذر للرئيس ويكون تحت إمرة الرئيس, ويتنازل عن حقه الشخصي, والتصالح بدون شروط مسبقة, كل ذلك يجعل من دحلان رجل عقلاني يريد نهاية أقل ضرر للصراع, وهذا ما يجعلنا نناشد الرئيس بان يكون اقل حدة في الصراع, وان يستخدم أساليب غير قهرية من اجل تمهيد الطريق لنهاية جيدة للصراع.