متى قاومنا المحتل آخر مرة ؟

بقلم: عدنان الصباح

أحد ما ولست ادري حقيقة من هو بالتحديد يريدنا ان ننسى متى قاومنا الاحتلال آخر مرة, فمنذ وضعت اسطورة الصمود والبطولة التي غنينا لها بحق او بدون حق اوزارها في الانتفاضة الثانية ونحن ننشغل ببعضنا البعض بلا توقف واحد منا لن يستطيع اقناع الشاب الذي يقف اليوم على مشارف العشرين اننا كنا نقاوم الاحتلال ايام كان طفلا صغيرا وهو يرى الاحداث تتلاحق يوما بعد يوم في صدامات واقتتال وشقاقات وانقسامات بيننا بأشكال وأشكال لم تعد خافية على احد والشبان الذين باتوا يرون في جنود الامن الوطني والشرطة والأجهزة الامنية الفلسطينية في مخيماتنا هم انفسهم اشقاء وأفراد عائلات ابطال الصمود الذين سلبنا منهم عمدا حكايات البطولة وحولناهم عامدين على ما يبدو الى اعداء من الطراز الاول.

يوما فيوم تتفاقم الصدامات بين الامن الوطني والشرطة وسائر الاجهزة الامنية مع شبان المخيمات وصار من الطبيعي ان ينسى اطفال الصمود الاسطوري لمخيم جنين ان ابو جندل كان معهم واستشهد على ترابهم وصار في الذهن هذه المطاردة اليومية بينهم وبين الاجهزة الامنية الفلسطينية وبالتأكيد فان مواصلة هذا الاحتكاك سيشكل اساسا طبيعيا لصراع محتدم من قبل الطرفين ان نحن لم نوقف هذه المهزلة الان وفورا.
لا زال شعبنا يذكر لمن اراد ان يذكر كيف تفاقمت الصراعات بين فتح وحماس في قطاع غزة من صدام هنا وطوشة هناك وخلاف صغير في حي صغير وإطلاق رصاص طائش الى انقسام لم يندمل بعد ويبدو اننا لا نريد له ان يندمل فقد اصبح في عداد الماضي ونحن نتحدث عن مصالحة فتحاوية فتحاوية او مصالحة بين الريف والمدينة وبين المدينة والمخيم وتزداد الانقسامات بيننا وتماما كما كنا نسعى لصلحة هنا وصلحة هناك دون حل جذري للخلاف بين فتح وحماس ها نحن نتحدث عن صلح هنا وصلح هناك مع مخيم جنين صاحب البطولة الاسطورية ومع بلاطة الذي ظل مصدر قلق لجيش الاحتلال والجلزون الشوكة في خاصرة المستوطنين وغيرهم وغيرهم.
نحن نأتي بشبابنا وأطفالنا رغما عنهم من مواجهة المحتلين الى مواجهة مع ذواتهم ونصوغ الانشقاق من جديد وقد لا تكون الامور بعد اليوم ممكنة للحل بعد ان ننسي اطفالنا متى آخر مرة قاومنا المحتلين بها وان نسوا فسينسوا قبل هذا وذاك ان لهم وطنا محتل ان اجبرناهم على القتال دفاعا عن ذواتهم دون ان يدروا لماذا, تلك هي عبثية الدمار حين نرسل ابناءنا في الاجهزة وفي الشارع اليها رغما عنهم ويا ويل من سيذكر كيف كان حال الناس في ليبيا وكيف هو حالهم اليوم, كيف حال الناس في سوريا وكيف حالهم اليوم ويا ويلنا ونحن ننسى انه كان لنا هدف استعادة الوحدة بين الضفة وغزة أو بين فتح وحماس, حين تغيب فتح عن فتح وتغيب جنين عن الخليل وتغيب بيت لحم عن نابلس ويغيب باب بيتنا عن باب بيت الجار في نفس الحي, يا ويلنا حين نهرب من ذواتنا ولا نجد من يقول لنا تعالوا الى كلمة سواء.
تعالوا بنا معا الى كلمة سواء نلتقي تحت خيمة الوطن ونرفع اعناقنا لنذود عنه فالموت معا بكرامتنا اهون الف مرة من ان نذبح بعضنا بلا كرامة وصور اللاجئين من ابناء جلدتنا من العراق وسوريا وليبيا ماثلة للعيان فحذار من كف تلطم ذاتها حتى الموت او الانزلاق للهروب بالذات من الذات فيضيع البيت حين يغيب صاحبه طلبا للامان لنفسه وعائلته بعيدا عنه.

بقلم
عدنان الصباح