عندما يتحدث الارهابي لبرمان عن دولة غزة والعصا والجزرة والبلديات ورجال الاعمال وتجاوز السلطة لايتحدث من فراغ وفي نفس السياق والبعد الاخر يتحدث موشيه ارنز وزير الامن السابق ويعالون عن ضم الضفة الغربية لاسرائيل واعطاء الجنسية الاسرائيلية لسكانها، وفي خبر لاحق تتحدث وكالات الانباء عن زيارة للرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر بنيته زيارة غزة للتوسط في قضية اعادة الاعمار وفك الحصار مقابل اعتراف امريكا بحماس، وفي بعد اخر يفتخر نتنياهو بمقدرته على تحطيم اتفاق اوسلو الذي من احد بنوده الوحدة السياسية والجغرافية بين غزة والضفة في منظور حكم ذاتي يتم تطويره زمنيا.
رزمة تصريحات لها مؤشرات ودلالات تقودنا الى فهم الموقف الاسرائيلي والامريكي القادم ،وفي ظل تراجعات جادة للرئيس الامريكي اوباما عما حمله من وعود حل الدولتين من الرئيس السابق بوش وفقدان امريكا من عامل بناء الثقة مع العالم الاسلامي والفلسطنيين، وحل الدولتين، ودعم مايسمى بالاسلام المعتدل، ودوما يقف الموقف الامريكي تحت سيطرة الاخطبوط الاسرائيلي بانهم يلعبون بالموقف الامريكي كيفما يشاءون وقلما كان انتقاد خجول لعملية الاستيطان، وزيارة نتنياهو الاخيرة وممارسة لوي الذراع لاوباما عن طريق اللوبي الاسرائيلي والصقور في الكونجرس الامريكي والبيت الابيض.
قبلها يتحدث عباس مع الايباك الصهيوني في امريكا حديث ممتع ووفضفاض نقلت عنه وكالات الانباء انطباعا بان عباس كان يتحدث معهم وكانه بين اهله وعشيرته ، وباعتراف يرقى للقانونية بالصفة الاعتبارية بانه رئيس منظمة التحرير ورئيس السلطة، وبما يمثل صك اقوى من وعد بلفور، ولان وعد بلفور اتى من دولة احتلال ليس لها أي منسوب من الشرعية لياخذ هذا الوعد صفة الشرعية، يقول عباس الذي لايمثل أي شرعية لدى الشعب الفلسطيني والقانون الدولى وبمنطوق قانون الديموقراطية الغربية”بان ارض اسرائيل للشعب الاسرائيلي، واسرايل تدعي منذ قيامها ان ارض يهودا والسامرا تقصد الضفة هي جزء من ارضها، وينازلات مؤلمة من جانبها باعطاء الفلسطينيين حقوق مدنية ومفاهيم سياسية محدودة.
تلك التصريحات والمواقف والتقاطعات التي سبقتها عدة قرارات باجهاظ المقاومة ونبذ فكرتها وتصفية منظمة التحرير وحركة فتح عمليا كاطارات تطالب بالتحرير تضع قواعد اللعبة في اطار قابل للفهم والاستقراء
عمليا نجحت اسرائيل في ظل برمجيات السلطة ان تغير الهوية الديموغرافية في اجزاء كبيرة في الضفة الغربية.
لم تكن المعركة المباشرة بين فتح وحماس في يونيو 2007م الابداية تنفيذ خارطة طريق الانفصال الجغرافي والسياسي والامني عندما تمكنت حماس في معركة الحسم او الانقلاب من اقصاء حركة فتح وعندما قام عباس بعد رحيل عرفات بتصفيات هامة لموالين لياسر عرفات ادت الى ضعف في حركة فتح وقوات الامن كانت تسير الاحداث منذ عام 2000 في اتجاه اللعب على اوراق مختلطة المقصود منها الفوضى والفوضى بالذات بناء على نظرية كوندا ليزا رايس التي طبقت في قطاع غزة،حيث تصاعد خلط الاوراق عندما صرح دايتون في الكونجرس الامريكي بأن قوى حماس وقوى المقاومة في داخل قطاع غزة تحت قبضة الحرس الرئاسي .
ربما كما قلت لم يدرك هؤلاء مستوى الجريمه التي يسيرون بها في تنفيذ المخطط الجديد بتطبيق سايكس بيكو جديد على غزة والضفة.
من نقاط الضعف لكشف هذا السيناريو الرهيب ان محمود عباس قام بتشكيل حكومة فياض بعد اسبوع فقط من سيطرة حماس على غزة،تشكيلة الحكومة والتوقيت وبرنامجها كان يقول انه معد مسبقا ً وربما حماس قد ابتلعت الطعم المراد في تجزأة ما تبقى من ارض الوطن في الضفة وغزة وما زالت تبتلعه بقصد او بدون قصد وربما كافة الاطراف التي اصبحت تدرك الآن معنى حديث ليبرمان ووزير الامن الصهيوني وتصريحات وزير الامن الاسرائيلي وتصريحات نتنياهو عن مقدرته في قتل اتفاقية اوسلو وربط ذلك بتصريحات عباس امام اللوبي الصهيوني بأن ارض اسرائيل للاسرائيليين أي يشمل يهودا والسامره بالمفهوم السياسي الصهيوني.
عباس يقوم بمنهجية عالية الدقة في تنفيذ مخطط فصل غزة عن الضفة الغربية واقامة دولة الكنتونات البلدية واجهزة الامن في احسن ظروفها بهوية امنية واقتصادية مرتبطة ارتباطا ً كاملاً بالمنظور الأمني الصهيوني.
ليس مهماً كثيراً ان تعترف حماس او لا تعترف بأفكار نتنياهو حول انهاء الاحتلال بالكامل عن غزة واعلان دولة غزة المهم ما هو ممكن ان ينفذ على الأرض وما تمتلكه حماس وما يمتلكه الآخرين دول اقليمية ودولية بما فيها اسرائيل،يمكن ان تعلن الدولة باجراءات دولية واقليمية كفتح المعابر والحدود السياسية لغزة والجغرافية في ظل تنامي اعتراف امريكي بحماس كقوة على الارض في غزة وبرنامجها يسعى الآن الى التهدئة طويلة الأمد وفرض مؤسساتها على كل القطاعات في غزة، من ضمن اهداف زيارة كارتر الذي في عهده لغي الميثاق الوطني الفلسطيني وهو اعتراف امريكي بحماس مقابل تسهيلات.
في الجانب الاخر مفاوضات عقيمة هدفها زمنيا ً فقط يعمل على محورين هوا اما دمج الضفة الغربية بالكيان الصهيوني مع سلطات حكم ذاتي تأخذ منشيت الدولة وهناك مخرج لكلا الطرفين ان تعتبر،دولة غزة الضفة الغربية جزء محتل من العدو الصهيوني يجب تحريره والمنظور السياسي للموقف السلطوي في رام الله ان غزة تشكل عبئا ً سياسياً وامنيا واقتصاديا عليها .
دوافع تجعل سلطة رام الله وحكومة رامي الحمد الله المحسنة والمعدلة الدائمة إلى ان تتم الخطوات النهائية لفصل غزة في دويله صغيره وارساء دولة الكنتونات في الضفة الغربية يجعلها تتقدم قدما ً نحو الاندماج الكامل في سياسة العدو ومخططاته،فالقدس لن تكون قدس العرب ولا قدس الفلسطينيين والخليل لن تبقى فلسطينية فللاسرائيليين بها موطئ قدم مهم واريحا والغور لن تكون صافية فلسطينياً ،هذا هو المخطط الرهيب وما المفاوضات المباشرة والغير مباشرة الا لعب في الوقت من محمود عباس والكيان الصهيوني ولعب من الاطراف الاخرى الامريكية واليمين الصهيوني من اجل ارساء دولة غزة بمواثيق دولية حاكمة وتحكم تصرفات حماس وخاصة في قضية المقاومة وفصائل المقاومة،اما عباس فهو يطالب الآن ومن خلال عروضه بقوات من حلف الناتو او دولية ليعلن دولته في الضفة من خلال سيناريو توزيع الادوار بين عباس واسرائيل وحلف الناتو وقوى دولية.
انه المخطط الرهيب ومخطط الامر الواقع التي تغيب فيه حقوق الشعب الفلسطيني وحقوق اللاجئين والعودة ويغيب فيه البرنامج الوطني قولا وفعلا.
بقلم/ سميح خلف