نتيجة لقراءة معينة من قبل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، بعد حرب الخليج الثانية، وتراجع الدعم الإستراتيجي من القوى الخارجية خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ومعسكره، وانتهاء الحرب الباردة، وسيولة النظام العربي الذي رأى في صيغة مؤتمر مدريد سبيلاً للحل، فضلاً عن تراجع الانتفاضة وتكيف إسرائيل معها، عوامل ومبررات كافية، لتبرير المشاركة في مسيرة التسوية السلمية، التي هندستها الإدارة الأمريكية عام 1991، للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة للصراع العربي – الإسرائيلي.
وما من شك، أن منظمة التحرير الفلسطينية، مرت بأصعب مراحل تاريخها بعد هذه المستجدات التي وقعت، الأمر الذي جعل البعض يتوقع أن لا تقوم لها قائمة، وباتت المهمة الجوهرية المطروحة على جدول أعمال القيادة الفلسطينية، هو البحث عن سبل حماية الذات والحفاظ على المكاسب المحققة؛ مما دفعها نحو تبني أهداف سياسية، تتوافق مع الشرعية الدولية، طبقاً لصيغة مدريد.
وجاء تشكيل الوفد الفلسطيني لمؤتمر مدريد ومفاوضات واشنطن من داخل الأرض المحتلة برئاسة الدكتور حيدر عبد الشافي، وكانوا خير سفراء لقضيتهم ووطنهم، وجلبوا الاحترام للشعب الفلسطيني، والذين أكدوا مراراً وتكراراً أن منظمة التحرير الفلسطينية تمثل التجسيد السياسي للشخصية الوطنية الفلسطينية، والتي اكتسبت عبر مراحل الكفاح صفة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
إلا أن الرئيس الراحل ياسر عرفات كان واقعاً تحت هاجس القيادة البديلة من الداخل، ولم يكن مرتاحاً للصيغة والشروط الأميركية التي شكلت الوفد الفلسطيني من داخل الأرض المحتلة، لذا اختار عرفات الدخول في مفاوضات سرية في أوسلو أبطالها من قيادة الخارج، لذلك أخفق مؤتمر مدريد، ونجحت مفاوضات أوسلو، وكان ما كان.
بقلم نعمان فيصل