واضح بان المشاريع الإستيطانية التهويدية في مدينة القدس تتسارع بشكل جنوني غير مسبوق،في إستهداف واضح للتاريخ والجغرافيا والطابع العروبي الإسلامي للمدينة، وكذلك محو كل ما له علاقة بالتاريخ العربي – الإسلامي في المدينة،والتدمير الكلي لبقايا القرى العربية المهجر سكانها واهلها قريتي لفتا والشيخ بدر،فحسب المخططات الإستيطانية الجديدة "وجه القدس" التهويدي،هذا المشروع الذي وضع له حجر الأساس الأسبوع الماضي رئيس بلدية "القدس" نير بركات ووزير ما يسمى بالقدس زئيف اليكن ووزير المواصلات يسرائيل كاتس،فإن مشروع سكة الحديد الخاصة به ستمر من فوق بقايا أراضي لفتا،وكذلك هذا المشروع الجديد المقام على ما مساحته (211) دونماً في مدخل القدس الغربية،قريباً من مجمع البنايات الحكومية الإسرائيلية،سيحتوي على مراكز تجارية،مراكز سياحية،فنادق،مراكز ترفيه،ومركز مؤتمرات،بتكلفة اجماليه قدرها 10 مليارات شيكل (2.5) مليارات دولار أمريكي،وأيضاً يشتمل على إقامة ابراج سكنية (14) برجاً كل برج منها (24) طابق،و(9) أبراج كل برج تسع طبقات،ومبنى ضخم يحتوي على مواقف سيارات يتسع ل(1300) سيارة. ويخطط أن يتم توفير نحو 40 ألف مكان عمل جديد من خلال هذا المركز الاقتصادي المتنوع.
سيحتوي الحي الاقتصادي الجديد على أكبر مركز مواصلات، من ضمنه محطة قطار سريع،ومحطتان للقطار الخفيف،وسيتضمن أكبر مركز مؤتمرات من خلال ترميم "مركز مباني الأمة".
عندما يقول وزير المواصلات الإسرائيلي"كاتس" في إحتفالية وضع حجر الأساس بأن الحديث يدور عن مشروع قومي متقدم وخاص ويزف بشرى طيبة لمدينة القدس وزائريها،و"إلكين" وزير ما يسمى بالقدس يقول "إنه مشروع استراتيجي لتطوير القدس" فهذا يعني بأن الناظر للمشروع من الجهة الغربية،عندما يجد أبنية جميلة وشاهقة،فهو لا يدرك بان هذه المدينة محتلة وبان هناك حق لشعب فلسطيني فيها طرد وهجر بالقوة عنها، وعندما يقول رئيس بلدية "القدس" العنصري نير بركات بأن القدس بعد هذا المشروع ستكون غير القدس اليوم،فهذا يعني " بان الأبنية النوعية التي يتضمنها المشروع ستكون من اجل تغيير القدس بشكل كامل."
هذا المشروع بالإضافة الى المشروع التهويدي الآخر الذي كشفت عنه صحيفة "هارتس" الإسرائيلية حول ربط القدس بتل ابيب عبر القطار السريع من خلال نفق طوله 2 كم وبعمق 80 متراً يلتف حول أسوار البلدة القديمة وليصل الى ساحة البراق،والمشروع التهودي الاخر الذي كشفت عنه القناة العبرية الثانية اليوم الأربعاء 2/11/2016 من ان وزير المواصلات الإسرائيلي "كاتس" صادق على خطة لربط القدس بمستوطنات الضفة الغربية بواسطة القطار الخفيف،بحيث يكون مسار القطار باتجاه مستوطنات معاليه ادوميم وادم وجفعات زئيف ومستوطنات رام الله،هذه المشروع سيكون لها آثار تدميرية على مدينة القدس وسكانها لجهة محو التاريخ وتزويره والتغيير الجغرافي والإنقلاب الديمغرافي،بحيث تزال الأسماء العربية للقرى والشوارع وكذلك الأماكن التاريخية والسياحية وغيرها،وتصبح المدينة ذات أغلبية يهودية،على ان يستكمل هذا المشروع بالإنفصال والحصار للعديد من الأحياء المقدسية ذات الكثافة السكانية العالية مثل جبل المكبر وصورباهر والعيسوية ومخيم شعفاط وغيرها،ضمن خطة المحافظة على نقاء يهودية القدس،وخطة الوزير وعضو الكنيست السابق "حايم ريمون" ومعه مجموعة من القادة العسكريين والأمنيين المتقاعدين بالإنفصال من جانب واحد عن تلك القرى والتجمعات السكنية الفلسطينية.
هذه المشاريع الإستيطانية التهويدية "وجه القدس" الإقتصادي ربط القدس بالساحل الفلسطيني،التواصل بين البؤر الإستيطانية داخل البلدة القديمة ومحيطها وبالذات جبل الطور وسلوان،وسهولة الوصول الى ساحة البراق وباعداد ضخمة من المصلين اليهود والزوار،وكذلك ربط القدس بمستوطنات الضفة من خلال القطار الخفيف،تحمل عدة مضامين ورسائل واضحة،عبر عنها نتنياهو في خطابه الأخير أمام الكنيست في دورتها الشتوية،حينما قال "بأنه لا إنسحاب لحدود الرابع من حزيران 1967 " ولا "تقسيم جديد للقدس او انسحاب منها"،وضمن هذه المشاريع الإستيطانية،وما يجري من إستيطان في قلب الأحياء العربية،فالمسالة واضحة لكل من يقرأ سياسة ولديه بعد بصر وبصيرة،وغير مصاب بالعمى السياسي،من دعاة الإشتباك السياسي الفلسطينيين،بأن "القدس الكبرى" " ستكون غير "القدس اليوم" وخصوصا ضمن مشروع 2020، وهذا يعني مزيدا من التهويد وخنق المقدسيين وطردهم.
المخاطر المحدقة بالقدس كبيرة وتستهدف حسم السيطرة عليها بشكل نهائي،في ظل حالة فلسطينية ضعيفة ومنقسمة ومنشطرة على ذاتها وتزداد ضعفا وتقسيماً،وحالة عربية منهارة بشكل غير مسبوق،حيث الهموم الداخلية والقطرية والحروب المذهبية والطائفية،وتراجع الإهتمام بالقضية الفلسطينية،وحتى الإنتقال للتحالف والتطبيع مع المحتل على حساب الحقوق العربية،يضاف لذلك حالة دولية معطلة إرادتها السياسية ومشتبكة أقطابها الرئيسة ومروحة تحالفاتها من اوكرانيا حتى اليمن،ولها اولوياتها على القضية الفلسطينية.
"الزحف" الإستيطاني من جهة الغرب يستهدف محو وتدمير آثار قرى عربية هجر سكانها،ربط للساحل الفلسطيني بالقدس مواصلاتياً وجغرافياً وتاريخياً،والربط لمستوطنات الضفة بالقدس وغيرها من المشاريع الإستيطانية الأخرى،هدفها جعل القدس الكبرى مدينة "يهودية" تشكل بؤرة جذب لليهود والسياح،وطاردة للفلسطينيين المطاردين والملاحقين بسياسيات التطهير العرقي والعقوبات الجماعية والقوانين والتشريعات والقرارات العنصرية التي تضطرهم لمغادرة المدينة قسراً،فهم سيصبحون جزر متناثرة في محيط اسرائيلي واسع،سيحاصرون في "جيتوهات" و"كانتونات" ،معازل مع بوابات لكل معزل و"كانتون".
وكذلك تلك المشاريع الإستيطانية،وبالذات الربط بين القدس ومستوطنات الضفة،من اجل إضفاء الشرعية على تلك المستوطنات كجزء من القدس وضمها للسيادة الإسرائيلية معاليه ادوميم وآدم،ولكي تحكم السيطرة على القدس،وتشطر شمال الضفة عن جنوبها،وتمنع أية إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتواصلة جغرافياً،كمقدمة لضم مناطق (سي) من الضفة الغربية التي تشكل (60)% من مساحتها لدولة الإحتلال،كما يخطط لذلك معسكر نتنياهو – ليبرمان – بينت وشاكيد.
الخطر داهم وجدي ونحن نتقاتل على جلد الدب قبل اصطياده ونخوض نقاش بيزنطي وسفسطائي حول جنس الملائكة ذكر ام أنثى..؟؟ وحتى نصل الى معرفة ذلك لن يتبقى لا قدس ولا مقدسيون.
بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
2/11/2016
0524533879
[email protected]