مبادرة النقاط العشر ..متى يتعظ الفلسطينيون؟

بقلم: نعيم إبراهيم

من نافل القول إن مبادرة النقاط العشر التي طرحها الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين محمد رمضان شلح ، ليست الأولى و لن تكون الأخيرة في الساحة الفلسطينية . فقد طرح عدد كبير قبلها منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في ستينيات القرن الماضي ، من قبل  ساسة و مفكرين و مثقفين و قوى و تنظيمات وطنية و قومية ، غير أن مصيرها كان الفشل الذريع لأسباب ذاتية و موضوعية متداخلة و متشابكة عايشها الصراع العربي – الصهيوني  .

المبادرة الجديدة  تأتي للخروج من المأزق الفلسطيني الراهن في وقت عصيب تمر به القضية الفلسطينية في ظل " الربيع العربي " الذي فتك براهن الشعب الفلسطيني على الصعد كافة ، و بات مرض الانقسام بحاجة إلى علاج جذري و إلا فان مستقبل هذا الشعب سينذر بما هو أسوأ.

لا شك أن الفلسطينيين داخل و خارج فلسطين المحتلة يأملون أن تشكل هذه المبادرة أرضية لإعادة تصويب الحالة الفلسطينية و الوصول إلى ترتيب حقيقي لوضع منظمة التحرير الفلسطينية و إنهاء التشرذم و إجراء حوار وطني فلسطيني يصل إلى مستوى أهداف الشعب الفلسطيني في تحرير وطنه كاملا و عودة اللاجئين إلى ديارهم و منازلهم التي هجروا منها قسرا بفعل الاحتلال الصهيوني ..

يراد اليوم كما كان في الماضي للشعب الفلسطيني ، أن يستسلم بالكامل والمطلق للمشيئة الصهيونية والأمريكية و الرجعية . و هذا يتجلى بمؤامرة الربيع العربي التي فعلت ما فعلت بالفلسطيني وأجبرته على الرحيل إلى مناف جديدة بعيدة و تم تدمير غالبية مخيمات اللاجئين الفلسطينيين و تفريغها من أعداد كبيرة  من سكانها ، تحديدا في سورية نتيجة إرهاب المسلحين الذين استهدفوا الحجر و الشجر و البشر تماما كما فعل و يفعل الاحتلال الصهيوني في فلسطين ، فيما بقيت الساحة الفلسطينية بعيدة كل البعد عن أي شكل من الحوار و الوحدة الوطنيين ، لا بل زادت هذه الساحة شرخا و فسادا و تدميرا للذات  و ذهب بعض الفلسطينيين من أصحاب القرار  إلى مشاركة الإرهابيين في تنفيذ هذا المخطط العدواني تحت مسميات مختلفة .

الواقع الفلسطيني اليوم  يسبر غوره بذاته .. فصائل و قوى و سلطة و منظمة تحرير و مجلس وطني و مفكرون و مثقفون و أدباء و كتاب و صحفيون مؤسسات إعلامية و اجتماعية و اقتصادية ... الخ ، كلهم يعيشون انقساما حادا في النظريات و الممارسات و تسير الأمور خبط عشواء ، إلا من رحم ربي .

السؤال الآن ، هل يمكن لقيادة منظمة التحرير و السلطة الفلسطينيتين ان تتخلص من اتفاقات أوسلو و تبعاتها التي شرعت الاحتلال و كيانه المصطنع و ممارساته الإرهابية ؟

السؤال الآخر ، هل يمكن أن تتوصل حركتا فتح و حماس لقواسم مشتركة على الأقل في سبيل إنهاء الصراع بينهما و الذي زاد الطين بلة ما أدى إلى تعقيد الحوار الفلسطيني و محاولات التوصل إلى وحدة وطنية في الساحة الفلسطينية تضم كل الأطياف و القوى  و الأيديولوجيات ؟

شخصيا أستبعد ذلك راهنا و مستقبلا طالما استمر التناحر الفلسطيني – الفلسطيني و الذي وصل إلى مرحلة دموية يندى لها الجبين .

لذلك الخوف يتزايد أكثر من ذي قبل من انتزاع قلب الأمة  "فلسطين " لصالح العدو الصهيوني و حلفائه  وصولا إلى طي الصراع الوجودي ضده  ليحل مكانه صراع طائفي ومذهبي وعرقي بدأ يجتاح المنطقة الآن ، و" ينذر بتفكيك دول مركزية في الأمة وعلى رأسها سوريا الغارقة في بحر من الدماء منذ أكثر من خمس سنوات، فهذه أعظم هدية مجانية تقدم لإسرائيل لأن هذا هو هدفها وبرنامجها المدعوم أمريكياً وغربيا بتفتيت المنطقة وتقسيمها إلى كيانات صغيرة متناحرة تتسابق على الارتماء في أحضان الكيان الصهيوني الذي سيهيمن على المنطقة بلا منازع " بحسب شلح .

بعيدا عن الترف السياسي و تأكيدا على المضامين الوطنية و القومية و الدينية للقضية الفلسطينية يمكن القول بصريح العبارة  ، من تعب عليه أن يتنحى جانبا و يدع من هو أهل لقياد الشعب الفلسطيني لكي يتابع طريق المقاومة الشاملة  حتى تحرير أرضه و إنسانه و تحقيق العودة المظفرة إلى  قلب الأمة "فلسطين" بمساحتها الكلية التي تزيد على 27 ألف كيلو متر مربع  .

بقلم/ نعيم إبراهيم