من المسميات التي لا تخضع للتقييم الموضوعي والنضوج في دراسة المتقدم عن سابقه من مستوجبات يجب دراستها وتحليلها ووضع المعالجات للمكون والحالة الوطنية ولكي نطرق ابواب المستقبل بظواهره المتعددة ومعوقاته وازماته، وقد يكون المسمى كبير "" الامن القومي الفلسطيني "" واذا تطرقنا لهذا العنوان الضخم ولكي لا نقع تحت المثل القائل """" استكبرها ولو كانت عجره"" فيجب ان نحصر مفهوم الامن القومي الفلسطيني بين مفهومين :
1-الامن الثوري ولان فلسطين ما زالت محتله وثلثي الشعب الفلطيني مشتت وبقايا الشعب الفلسطيني داخل فلسطين المحتلة منقسمة بمنظور فصائلي منقسم على نفسه وما يوجد من ثقافات مختلفة في الخارج وفي الداخل
2- امن الدولة وسيادتها وقوتها في حماية شعبها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا من خلال قوة الدولة ومؤسساتها وحماية حدودها ومقدراتها من التدخلات الخارجية وقوى التخريب الداخلي .
الامن الثوري وفي الثورات قد يكون هو الرديف للامن القومي باعتبار ان الدولة جغرافيا وبرمجيا تخضع لقوى الاحتلال وبالتالي تكون الثورة وادبياتها هي القوة التي تعمل لتنظيم حياة المجتمع المحتل بقوة الثورة ومنطلقاتها واهدافها لدحر الاحتلال لتحقيق هدف السيادة وفرض قانون الدولة ومؤسساتها من خلال تشريعات قانونية لحماية الافراد والمجتمع وملاحقة اي قوى تنسجم مصالحها مع اطراف خارجية او مع قوى الاحتلال ، وهذا ما تخلت عنه منظمة التحرير وفصائلها حيث عقدت اتفاق مذل يسمى اوسلو يكرس تعامل امني واقتصادي وثقافي مع قوى الاحتلال وبواقع نشأ من تزايد الفساد وظواهره ومظاهره وقد يكون العنف الثوري هو الاهم في التطبيق بعد مقاومة الاحتلال بكافة الطرق العسكرية والسياسية وهو الاختصاص بملاحقة قوى الردة والانشطار والانزلاق والفساد المجتمعي وهذا المبدأ لم تعمل فيه الثورة الفلسطينية مطلقا واطلق العنان لكل قوى الفساد من ان تمارس دورها في هدم الثورة وانحرافها .
اما امن الدولة وهي الحالة التي لا تنطبق على الشعب الفلسطيني لكي نقول ان لدينا امن قومي فلسطيني فوحدة الشعب مشتته بين الداخل والخارج في ظروف تخلي منظمة التحرير الفلسطينية عن دورها الثقافي والادبي في ممارسة مسؤلياتها عن الشعب الفلسطيني سواء في الداخل او الخارج وبمقابل هذا التخلي وجدت ظاهرة الامن الفصائلي وهو الذي يبحث في نظرية امن الفصيل بحد ذاته وحمايته من الاطراف الخارجية سواء فلسطينية او غير فلسطينية ، فلكي يكون امن قومي للفلسطينيين في تعريف امن الدولة هي الدولة وحدودها واقتصادها وجغرافياتها ومواردها ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية ومناهجها التعليمية وقوةاتها المسلحة التي تحمي حدودها وقوى الامن الداخلي التي تعمل على تماسك المجتمع وحماية الافراد والاقتصاد والسلم الاهلي من محاولات العبث فيهن وهذا تفتقر له الحالة الفلسطينية جملة وتفصيلا فبالاضافة لقوى الاحتلال وعدم وجود اي عوامل من مكونات الدولة وامنها القومي فان الشعب الفلسطيني يتعرض لحالة اللاشرعيات حتى في مكون الحالة بموجب اتفاقية اوسلو وتدرجها ومؤثراتها وسلوك السلطة الملتزم بتلك الاتفاقية وسلوكيات رجال السلطة اي قادتها في عدم توفير الامن النفسي والامن الاجتماعي والاقتصادي والحرية الفكرية للانسان بل ممارسة سلوك الحصار وقطع الرواتب واجتياح المخيمات ليس لفرض اي عامل من عوامل الامن القومي بل لمطلبات تحافظ على العلاقة بين السلطة والاحتلال .
من المضحك ومن النكت ان نسمع عن انعقاد مؤتمر رابع للامن القومي الفلسطيني ينظمه مركز دراسات في غزة بمشاركة الفصائل وبعض النخب لمناقشة وعد بلفور وةالانقسام الذي تم مناقشته طوال عشرة سنوات في حين لم يدخل الجميع في عمق كيف يمكن تحقيق الامن القومي الفلسطيني على محورين اولا محور تحرير الارض واقامة الدولة بعد التحرير وليس في ظل الاحتلال باعتبار ان الاحتلال هو المعوق الاكبر لتحقيق الامن القومي الفلسطيني وعودة اللاجئين وفلسطيني الشتات فمن العبث التحدث عن فكرة الامن القومي بمناقشة الانقسام بدون الدخول في المبادي الاساسية للصراع وم المضحك ايضا وسلوك النهج العاطفي الذي لا يثمر ان يطالب المجتمعون بريطانيا بالاعتذار عن وعد بلفور ودولة اسرائيل تسيطر على الارض الفلسطينية وتقتل وتحاصر .
" ولعل روبرت مكنمارا" وزير الدفاع الأمريكي الأسبق وأحد مفكري الإستراتيجية البارزين اوضح في كتابه "جوهر الأمن".. حيث قال: "إن الأمن يعني التطور والتنمية، سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية في ظل حماية مضمونة". واستطرد قائلاً: "إن الأمن الحقيقي للدولة ينبع من معرفتها العميقة للمصادر التي تهدد مختلف قدراتها ومواجهتها؛ لإعطاء الفرصة لتنمية تلك القدرات تنمية حقيقية في كافة المجالات سواء في الحاضر أو المستقبل"..
من هنا فإن شمولية الأمن القومي تعني بابعاده المتعددة
أولها: البُعْد السياسي.. ويتمثل في الحفاظ على الكيان السياسي للدولة.
ثانيًا: البُعْد الاقتصادي.. الذي يرمي إلى توفير المناخ المناسب للوفاء باحتياجات الشعب وتوفير سبل التقدم والرفاهية له.
ثالثًا: البُعد الاجتماعي.. الذي يرمي إلى توفير الأمن للمواطنين بالقدر الذي يزيد من تنمية الشعور بالانتماء والولاء.
رابعًا: البُعْد المعنوي أو الأيديولوجي.. الذي يؤمِّن الفكر والمعتقدات ويحافظ على العادات والتقاليد والقيم.
خامسًا: البُعْد البيئي.. الذي يوفِّر التأمين ضد أخطار البيئة خاصة التخلص من النفايات ومسببات التلوث حفاظاً على الأمن.
وطابت اوقاتكم
بقلم/ سميح خلف