عقد مؤتمر فتح العام السابع يشكل النبضة الأولى في عملية الاستنهاض الوطني. وكعادة فتح فهي السباقة في كل شيء، ليس أنها أطلقت الثورة وكان آباؤها مغامرين يحملون أرواحهم على أكفهم وهم يقولون "إنها لثورة حتى النصر"، بل إنها تبدأ ببناء نفسها قبل أن تشرع في دفع عجلة البناء الوطني.
فإن عقد مؤتمر فتح هو الخطوة الأولى المطلوبة من أجل تصحيح مسار النظام السياسي الفلسطيني برمته، ومن أجل إطلاق مسيرة تجديد الشرعيات لمؤسسات الحركة الوطنية بما يساهم في تقويتها وتصليب عودها. لأنه حين يصلح حال فتح يصلح حال الحركة الوطنية، وحين تصر فتح على تجديد شرعية وأطرها القيادية المختلفة، فإنها ترسخ نهجاً صحياً في الحياة السياسية والحزبية في فلسطين.
ويأتي الحديث عن مؤتمر فتح في ظروف دولية وإقليمية وعربية وفلسطينية خطيرة جداً، ولهذا يحضر السؤال الأهم ما هي شروط نجاح المؤتمر؟ ولهذا فالواجب والضرورة الوطنية يحتمان التحضير الجاد، وبما يكفل نجاح المؤتمر، ليشكل رافعة ومحطة هامة للخروج من الأزمة الشديدة.
- عضوية المؤتمر وضمان مشاركة الأعضاء في الشتات وقطاع غزة، لان فتح طوال تاريخها بفضل تعدد وجهات النظر والاجتهادات الفكرية والسياسية في اطار وحدة الحركة، وتعايشت فيها مختلف المدارس والاتجاهات .
بما يعكس الخارطة الفتحاوية الجغرافية والقطاعية والعمرية والفكرية والسياسية والتنظيمية، كما أن الضرورة تستدعي تمثيل حقيقي للأسرى المحررين والاكاديميين والمثقفين والاعلاميين وقادة الاتحادات والنقابات والأسرى داخل السجون .
- لنجاح المؤتمر فهو مناقشة تمهيدية للبرنامج السياسي للحركة الأمر الذي يحتم إجراء حساب شامل للانجازات والاخفاقات، والذي يحتم مراجعة شاملة بشجاعة لمسيرة النضال الوطني، والتوقف أمام الاخفاقات وضخامة التحديات، وبخاصة في ظل فشل عملية المفاوضات ورهانات التسوية السياسية، واستمرار العدو الصهيوني في الاستيطان وتهويد القدس ، وان حركة فتح مطالبة بتقديم اجابات واضحة وشجاعة من هذه التحديات، وهذا يستدعي اعادة الاعتبار لخطاب التحرر الوطني بكل مفرداته وفق قواعد وشروط وآليات والتصرف وفق قواعد مرحلة التحرر الوطني، بما يمثله من علاقة صراع ومقاومة مع الاحتلال .
- وضع أسس لاستراتيجية فلسطينية جديدة تعيد وحدة الشعب الفلسطيني في كل مكان، ويعيد الاعتبار للتمثيل الفلسطيني، وبما يقود لعقد مؤتمر وطني شامل بمشاركة ممثلي الشعب الفلسطيني في كل مكان في الداخل الفلسطيني والشتات ، على قاعدة شعب واحد وطن واحد ومصير واحد وتمثيل واحد، وكذلك تقديم تصور واضح لانهاء الانقسام وانجاز المصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية بما يمهد الطريق لاجراء انتخابات تشريعية ورئاسية والمجلس الوطني وبما يتيح المجال لاعادة بناء وتطوير (م.ت.ف) بمشاركة الجميع والحفاظ عليها كاطار تمثيلي جامع للفلسطينيين في كل مكان.
- الحفاظ على حركة فتح حركة وطنية ثورية ديمقراطية، تناضل من أجل تحرير الأرض والانسان واحترام التعددية السياسية والحزبية، وتكريس مبدأ الشراكة الوطنية والديمقراطية بين جميع الفلسطينيين على اختلاف اطيافهم الفكرية والسياسية، واحترام حق الانسان وكرامته وحرية التعبير عن الرأي وحرية الاعتقاد والتفكير وحرية الصحافة والاعلام .
- اجراء عملية محاسبة ومسائلة ومحاسبة مرتكبي الفساد السياسي والسلوكي والمالي.
فأنا أرى أن الظروف القاسية و المصيرية التي يمر بها الوطن و قضيته هي التي تدفع لعقد مؤتمر الحركة وليس العكس أليس مؤتمر الحركة هو البلسم الشافي للأزمات التنظيمية و الوطنية؟ أليس المؤتمر هو الذي يقدم الحلول للخلافات التنظيمية حسب الفانون وأليس هو ملتقى القيادات و الكفاءات و العقليات التنظيمية المخضرمة القادرة على الدفع بالسفينة من خضم الأمواج المتلاطمة الى بر الأمان؟ أجزم بأن المؤتمر يمكن أن يكون الأداة الفاعلة لمواجهة الواقع الصعب وهو الذي يمنح الشرعية للقرار السياسي و التنظيمي على حد سواء وذلك إن أعطي دوره المنصوص عليه في النظام الداخلي للحركة، وقبل ذلك إن تم إختيار أعضائه وفق القانون و المعايير بعيدا عن المزاجيه والمحاور والاسترضاء والإرضاء. لحظتها يتم اطلاق العنان للمؤتمر ليقول كلمة الفصل اتجاه كافة الموضوعات المطروحة امام المؤتمرين وعلى قاعدة ان المؤتمر سيد نفسه ولا سلطان عليه الا النظام.
بل هو الذي يغير ويطور ويحدث في النظام على اعتبار انه مصدر التشريع الحركي ان جازالتعبير. ليس خافياً ان الحركة تمر بأسوأ الظروف وأقساها، ولست أبالغ بالقول أن وضع الحركة هو الأصعب على الإطلاق منذ انطلاقتها، فهي المرة الأولى التي تعاني فيها الحركة من محنة هويتها، ووجودها. حيث أن أمام مؤتمرها قضايا وهموم كبيره يعيشها ابناء فتح الذين ينتظرون من المؤتمر ان يكون مؤتمر فكر وفلسفه وبرنامج سياسي ومجموعه من البرامج المتشعبه التي تسهم في تطوير الحركة على كافة المستويات.
ينتظر أبناء الحركة من المؤتمر أن يقوم بإعادة صياغة الهيكل التنظيمي للحركة وترسيخ قواعد العمل على كافة المستويات الحركية التي تضمن وحدة الأداء وشمولية المنظومة التربوية الثوريه، مع تنشيط أدوات الفعل القادرة على حشد الطاقات للاستمرار في معركة التحرر والبناء وفرض الوحدة الوطنية بفعل القوة التنظيمية وقوة وصلابة الفعل المؤثر الناتج عن وحدة الحركة العاملة بمنظومة تفرض الهيبة والاحترام ليس على صعيد جماهيرنا الفلسطينية فحسب بل على المستوى العربي و الإقليمي وصولاً الى التأثير الدولي.
لابد إذن من الخروج بتغييرات حقيقية على كافة الصعد تضمن اعادة بث روح الأمل عند ابناء الحركة بشكل خاص وأبناء شعبنا بشكل عام. يجب أن ننفض غبار اليأس والإحباط، وان نتفرغ لقول الحق وفعل الحق .لابد من تفعيل الضوابط لكل المراتب التنظيميه واعادة بناء مؤسسات الحركة بناء سليما يرتبط بالنظام والقانون الحركي وتفعيل ادوات الرقابه على اداء كل الاخوة بالحركة بدءاً باللجنة المركزية وانتهاء بأصغر حلقة من حلقات العمل التنظيمي .
إنها لثورة حتى النصر
جمال ايوب