حركة فتح في المؤتمر السابع : الواقع والتحديات والتوقعات

بقلم: حسني المشهور

أمسية الخميس 3 / 11 / 2016
حركة فتح في المؤتمر السابع : الواقع والتحديات والتوقعات

تمهيـد:

منذ النكبة وحتى الانطلاقة تواجدت أربع قوى أساسية مهيمنة على المنطقة العربية سواء كانت في الحكم أو المعارضة ( الناصريون ــ البعثيون ــ القوميون العرب ـ الإخوان المسلمون ) وكلها كانت ترفع شعار التحرير لفلسطين دون فعل حقيقي بحجة الإعداد لمعركة التحرير وحق الاختيار للزمان والمكان ، وهذا الإعداد الذي بدأ ولم يكتمل ولم يأتي زمانه ولا مكانه حتى اليوم ، وأصاب بعدواه قوى ظهرت وتوهجت بعد فتح بعشرات السنين ( حماس وحزب الله وغيرهما) . في هذا الوضع انطلقت فتح كحركة للتحرر الوطني للشعب الفلسطيني، وثورة تستهدف تثوير الشعب الفلسطيني وتوحيده وتنظيمه وتحرير إرادته لإنهاء الاحتلال والاستيطان، وإعادة اللاجئين إلى وطنهم ، و في ثوابتها نأت الحركة عن تبني أي فكر حزبي أحادي باعتبارها حركة تحرر وطني تمثل الشعب بطوائفه وطبقاته وقطاعاته كافة، وفتحت الباب أمام تيارات سياسية وفكرية للانتماء إليها ليس من الفلسطينيين فحسب بل شملت أبناء الدول العربية والإسلامية وشعوب العالم حتى انتقلت أليها راية الثوار ودعاة الحرية في العالم أجمع بعد انتصار الثورة الفيتنامية ، وأصبحت حركة فتح هي الخيمة التي تظللهم والمنارة التي تنيرالدروب لهؤلاء في بلدانهم ، كما استطاعت فتح أن تنتقل بعلاقتها مع معظم هذه القوى ، وتنقل علاقة هذه القوى ببعضها من التنافس إلى التكامل حيناً والمهادنة أحياناً . وكانت فتح قد حددت مبادئها وأهدافها وأساليبها في الباب الأول من نظامها الأساسي وسأخص بالذكر بعضاً منها ليعرف فتح ويراها من لم يعرفها ، أو لا يريد أن يعرفها ويراها ... ونرى سوياً إن حادت هي وكوادرها المؤثرة عن العهد وعن القسم ، ومن بينها :

أولاً : من المبادئ الاساسية للحركة
المادة (6) – المشاريع والاتفاقات والقرارات التي صدرت او تصدر عن هيئة الامم المتحدة او اية مجموعة من الدول او اي دولة منفردة بشأن قضية فلسطين والتي تهدر حق الشعب الفلسطيني في وطنه باطلة ومرفوضه.

المادة (7)- الصهيونية حركة عنصرية استعمارية عدوانية في الفكر والاهداف والتنظيم والاسلوب.

المادة (8)- الوجود الاسرائيلي في فلسطين هو غزو صهيوني عدواني وقاعدة استعمارية توسعية وحليف طبيعي للاستعمار والامبريالية العالمية.

المادة (11) – الجماهير التي تخوض الثورة وتقوم بالتحرير هي صاحبة الارض ومالكة فلسطين.

ثانياً : من الاهــداف
المادة (12) تحرير فلسطين تحريراً كاملاً وتصفية دولة الاحتلال الصهيوني اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وثقافياً.

المادة (13) اقامة دولة فلسطينية ديمقراطية مستقلة ذات سيادة على كامل التراب الفلسطيني وتحفظ للمواطنين حقوقهم الشرعية على اساس العدل والمساواة دون تمييز في العنصر او الدين والعقيدة وتكون القدس عاصمة لها.


ثالثاً : من الاســاليب

المادة (17) – الثورة الشعبية المسلحة هي الطريق الحتمي الوحيد لتحرير فلســطين.

المادة (19) -الكفاح المسلح استراتيجية وليس تكتيكاً والثورة المسلحة للشعب العربي الفلسطيني عامل حاسم في معركة التحرير وتصفية الوجود الصهيوني ولن يتوقف هذا الكفاح الا بالقضاء على الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين.

المادة (22) مقاومة كل الحلول السياسية المطروحة كبديل عن تصفية الكيان الصهيوني المحتل في فلسطين، وكل المشاريع الرامية الى تصفية القضية الفلسطينية او تدويلها او الوصاية على شعبها من اية جهة.

المادة (27) – حركة (فتح) لا تتدخل في الشؤون المحلية للدول العربية ولا تسمح لاحد بالتدخل في شؤونها بعرقلة كفاح الشعب الفلسطيني لتحرير وطنه.

الـواقع

من خلال مسيرتها منذ الانطلاقة عام 1965 وما طرأ على الموقف العربي في أحداث أيلول/ سبتمبر في الأردن، وخلال وبعد حرب تشرين / أكتوبر وملابساتها السياسية جرت بعض التعديلات والتغييرات التكتيكية ، ومن المهم أن نعرف أنها جرت على الأساليب فقط دون المساس بالمبادئ ولا بالأهداف مما ساعدها على تطوير نضالات الشعب الفلسطيني ومراكمة الكثير من الإنجازات .

كان من أهم هذه التعديلات على بنود الأسلوب في المرة الأولى : (الثورة الشعبية المسلحة هي الطريق الحتمي الوحيد لتحرير فلسطين ) ، هي : الكفاح المسلح وكافة أشكال النضال المكملة له هو الطريق لتحرير فلسطين . هذا التعديل دفع بالمزيد من فئات الشعب الفلسطيني والعربي وشعوب العالم للانخراط في صفوف الثورة ومناصرتها وأعطاها زخماً تٌوّج باعتراف الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بالشعب الفلسطيني ، وبمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً له . ومن جهة أخرى كان اعتماد مرحلية النضال عندما أضيفت عبارة : إقامة سلطة وطنية على أية بقعة أرض فلسطينية يتم تحريرها أو جلاء الاحتلال عنها .

ثم كان التعديل الثاني هو التوضيح لمرحلية النضال بشكل يتماشى والواقع المستجد بعد النتائج التي ترتبت على غزو لبنان 1982 ومعركة الصمود البطولي دفاعاً عن بيروت وما أسفرت عنه من خروج م ت ف من لبنان، وانتشار المقاتلين في تسعة دول عربية ( سوريا ـ العراق ـ اليمن الشمالي ـ اليمن الجنوبي ـ السودان ـ ليبيا ـ تونس ـ الجزائر ) ، إضافة إلى النتائج التي ترتبت على حرب الخليج الأولى وانهيار الاتحاد السوفييتي وخفوت زخم الانتفاضة الأولى ، وكان ذلك بإعلان وثيقة الاستقلال 1988 ( حل الدولتين ) ، واتفاق الإطار في أوسلو 1993 . ثم التعامل مع الواقع المترتب على غزو العراق وخذلان المحيط العربي والإسلامي والدولي للانتفاضة الثانية ( انتفاضة الأقصى ) بالسكوت عن المقاومة المسلحة دون التخلي عنها ، وتبني المقاومة الشعبية السلمية، وتنشيط العمل السياسي والديبلوماسي على الساحتين الإقليمية والدولية . ثم بدأ يتبلور العالم المتعدد القوى والأقطاب وفي هذا التبلور جاءنا ما ترتب على الشره الكامن في عقول جماعات الإسلام السياسي وتعطشهم للسلطة بإغواء حركة حماس لتقوم بانقلابها وما تلاها من تزعم هذه الجماعات تحت شعار هم الشهير بتقديم الحرية على الشريعة ، وإقامة دولة الخلافة التي أوصلتنا ما نحن عليه اليوم نتيجة ما سموه بالربيع العربي الذي أشعلوا به ما نراه اليوم من الحرائق والدمار في البلاد العربية .

ويمكن تلخيص أسلوب أو رؤية أو خطاب الحركة في هذه المرحلة (حل الدولتين) بما يلي:

أولاً: إنهاء الاستيطان والاحتلال وإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس على الأرض الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل بعد الرابع من يونيو 1967، وحق اللاجئين في العودة والتعويض، استناداً إلى ميثاق الأمم المتحدة، وقرار الجمعية العامة رقم 194. والسعي الدائم إلى تنمية علاقاتها الدولية وتطويرها، موسعة دائرة أصدقائها وحلفائها، ملتزمة استراتيجياً بالقانون الدولي، وبشرعة الأمم المتحدة، ملتزمةً بميثاقها. كونها حركة تحرر وطني تكافح ضد الاحتلال الإسرائيلي، مستندة دائماً في حركتها الشعبية والرسمية إلى حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وحقه في تقرير المصير والعودة (توأم سيامي لن ينفصل ويعيش إلا بتحقيق أهداف البيان الأول الانطلاقة ) ، كما أنها تستند إلى الحماية التي كفلها القانون الدولي الإنساني، وبالأخص اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية المدنيين في زمن الحرب، وحماية المدنيين تحت الاحتلال الأجنبي، وإلى أحكام القانون الدولي، التي أكدت حق الشعوب في مقاومة الاحتلال، والحق في الكفاح من أجل حريتها واستقلالها وتقرير مصيرها. هذا إضافة إلى العمل الدؤوب لعزل الكيان الصهيوني وحجب الشرعية عنه والضغط على القوى الداعمة له .

التحديات

علينا جميعاً أن ندرك بأن رؤية حركة فتح لأهمية انعقاد مؤتمراتها تكمن في الحاجة إلى استنباط الأجوبة على المسائل المفصلية والمصيرية الناشئة ، وتحديد المهام التي تساعد على وضع ما تفرضه هذه الإجابات من مهام وبرامج، ولم تكم فتح في أي يوم تنظر إلى انعقاد المؤتمرات كواجبات تنظيمية لروتين الأيدولوجيا. وإذا استعرضنا ظروف انعقاد المؤتمرات الستة السابقة سنجدها كذلك .

لعل أهم التحديات التي سيقف أمامها المؤتمر تنحصر في خمسة جوانب باعتبار التصدي لها أمراً مصيرياَ ليس بالنسبة للحركة وإنما لمسار ومصير الشعب والقضية برمتها وهي :

أولاً: تثبيت الحضور الفلسطيني ووجوده كشعب وقضية ودولة على الخارطة السياسية الجديدة التي يجرى تشكيلها هذه الأيام في العالم الجديد المتعدد القوى والأقطاب .

ثانياً: ما أنتجه انقلاب حماس من هذا الانقسام البغيض الذي أصبح عـاراً وعيرة لشعبنا ، وأصاب أمهات الشهداء في أعز ما تتباهى به الأمهات الفلسطينيات تاج أمهات الدنيا ، عندما أصبحت الواحدة منهن تجلس بين قبرين من قبور أبنائها وأحبائها وتنحبس الكلمات في صدرها عندما لا تعرف من هو الشهيد فيهم ؟ كما أصبح هذا الانقسام درعاً واقياً لكل متخاذل ومتهرب من التزاماته لدعم القضية والشعب الفلسطيني ، وملاذاً للتهرب الإسرائيلي من التزاماته .

ثالثاً: تجديد الشرعيات الفلسطينية الأساسية منظمة التحرير في مجلسها الوطني ولجنتها التنفيذية كعنوان للشعب الفلسطيني ، وفي حركة فتح كمؤسس وقائد وحارس للمشروع الوطني الفلسطيني حتى يكتمل تحقيقه تماماً كما حدده البيان الأول للانطلاقة ، وحماية هذه الشرعيات من الاستلاب أو الاختطاف .

رابعاً: كيفية استثمار هذا التطرف الصهيوني والتغول في الاستيطان لزيادة طوق العزلة على هذا الكيان وحجب الشرعية الدولية والشعبية عنه ، وإيقاع المزيد من الضغوط على القوى الداعمة له للاعتراف بحقوق شعبنا وتمكينه من استعادة هذه الحقوق .

خامساً: إفهام القوى الإقليمية وغيرها بأن لا جدوى من كل ما تطوعت به للعبث في قضيتنا من خلال الدعم المشبوه الذي تقدمه لأدعياء المقاومة المسلحة وأدعياء الإصلاح ومقاومة الفساد، ومعالجة حالة المتسكعين في أزقة وحارات مخيماتنا وبلداتنا لنشر الفوضى محتمين بشعارات الإصلاح ومقاومة الفساد والتغيير الديمقراطي تماماً كما دربتهم عليها معاهد كارنيجي وفريدم هاوس في قطر وتركيا وصربيا وحتى في بيروت وغيرها ، ودربت بعضهم على أسس الإدارة الحكومية وكيف يكونوا وزراء ومسؤولين حكوميين في أكسفورد وهارفارد وغيرها .

سادساً : محاولات التعطيل لانعقاد المؤتمر سواء ببعض الإجراءات أو افتعال حالات من الفوضى .

التوقعات :

لو نظرنا إلى مسودة البرنامج السياسي سنجد أن مقدمته علاوة على وصفها للواقع الحالي تتضمن مراجعة ونقداً جريئاً لبرنامج المخاطرة رغم ما استطاع أن يحققه من إنجازات ، ولبرنامج أحزمة الأمان رغم ما استطاع أن يراكمه ، وسنجد أن هذا البرنامج عند اعتماده سيضع أجوبة لكل المسائل الناشئة وإطاراً واضحاً لمهام المرحلة المقبلة . وسنجد فيه عمق الرؤيا وحصافة الصياغة وفق متطلبات الزمان والمكان دون الانحراف عن المضامين السامية لبيان الانطلاقة وموجباتها وأهدافها. وسأكتفي هنا بعرض العناوين لما احتواه من بنود لنعرف تماماً ما هو المتوقع من هذا المؤتمر .

ولكي نحيط أكثر بهذه التوقعات سأستعرض بإيجاز ما أشرت إليه في الأمسية التي انعقدت بداية هذا العام تحت عنوان : فتـح ومنظمـة التحرير في 2016 لنرى واقعنا الحالي وأين يمكن تأكيد التوقعات مما سينجزه هذا المؤتمر حيث ذكرت :

على الصعيد الدولي :

• أهم ما ستنجزه منظمة التحرير وحركة فتح على المستوى الدولي في هذا العام هو الخروج وإلى الأبد وبأقل الخسائر من هذا لتفرد الأمريكي لمحاولات البحث عن حلول لقضيتنا تعيد لنا ما اتفقنا عليه على منذ منتصف السبعينات على أنه هدفنا المرحلي ( حـل الدولتين ) .

• تعميق الوعي عالمياً بالمؤتمر الدولي ( وإن كان سيستغرق وقتاً ) للحل كبديل موضوعي للدور الأمريكي ، وتعميق الوعي بضرورة توفير نظام حماية دولي للفلسطينيين ( وإن كان سيقاوم بشراسة من إسرائيل والأمريكان) ولكنهما سيبقيان وسيلة للضغط عليهما خصوصاً بعد استقرار القناعة الأمريكية بهذا العصر المتعدد القوى وما يترتب عليه ، وسيستمر العمل بنفس طريقة الإلحاح التي ثبتت القناعة لدى دول وشعوب العالم بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم ووجوب قيام دولتهم الفلسطينية المستقلة .

• كسب المزيد من الاعتراف بالدولة الفلسطينية تمهيداً لتمكينها من ممارسة سيادتها على أرضها وشعبها خصوصاً من الدول الغربية التي تردد ليل نهار قبولها بحل الدولتين ولم تعترف بدولتنا بعد . هذا إضافة إلى كسب المزيد من التضامن على مستوى الأفراد والجماعات والمنظمات غير الحكومية. والتنامي الملحوظ في حركة المقاطعة بأشكالها المختلفة يعزز هذا الاستنتاج.

• المزيد من العزل عالمياً للسياسات الإسرائيلية والحكومة الإسرائيلية على طريق نزع الشرعية عنها. تحقيق المزيد من الوعي الدولي بضرورة تشريك التسويات الفردية لأزمات المنطقة ونقلها باتجاه التسوية الجماعية في الشرق الأوسط (الصراع العربي الإسرائيلي كونه المنبع الأساس لكل الأزمات) .

• ولعل الإنجاز الأكبر سيكون إضافة إلى ما سينجز على المستوى الإقليمي والمحلي الذي سنأتي على ذكره هو ما سيحققه الفعل الفلسطيني بطريقة غير مباشرة في أذهان الغربيين من تآكـل للدور وللوظيفة لإسرائيل وهذان هما مبرر الغرب الحقيقي في إقامة هذا الكيان على أرضنا وتقديم كل هذا الدعم له والتغطية على جرائمه بحقنا بغض النظر عن كل خزعبلات شعب الله المختار وأرض الميعاد والأرض التي بلا شعب ... وهذه النقطة تحديداً هي ما تثير الرعب في نفوس قادة هذا الكيان وتدفعه لارتكاب كل هذه الحماقات بحقنا وبحق حلفاءه وداعميه ( تصريح أوباما بعجز بلاده عن الدفاع عن إسرائيل ) .

على الصعيد الإقليمي :

• في هذا الوضع العربي وما نراه من الصراعات الدامية والمدمرة وهشاشة للنظم الباقية فسيكون الإنجاز لمنظمة التحرير وحركة فتح في هذا العام هو سهولة الحصول على القرارات العربية الداعمة لكل تحرك فلسطيني على الساحة الدولية ورغم صعف القوة الداعمة للقرارات العربية إلا أن أهميتها تكمن في حماية الشرعية الفلسطينية في ظل المحاولات المستميتة لتفكيكها سواء من إسرائيل أو من بعضنا للأسف الذين ما زالوا يجهلون قيمة أن يكون لهذا الشعب شرعية العنوان التي اكتسبها بجيوش من الشهداء والأسرى والجرحى وشلالات من الدماء .

• وللسبب أعلاه فستستطيع منظمة التحرير وحركة فتح من توفير الحد الأدنى من مظلة الحماية العربية مالياً واقتصادياً وسياسياً ، وستستمر في الضغط للحصول عليها.

• رغم عناد الثلاثي الإقليمي الداعم للانقسام ( إيران ــ تركيا ــ قطـر ) إلى جانب إسرائيل ، واستخدام هذا الانقسام كورقة للمساومة الرخيصة على بعض المصالح الفردية فستستطيع منظمة التحرير وحركة فتح من زيادة الحصار لهذا الانقسام وإن لم تستطيع عزله وإنهاؤه تماماً خلال هذا العام .

• رغم تفكك الموقف الرسمي العربي وجراحه النازفة في حروبه الداخلية والبينية سنلاحظ العودة التدريجية لصدارة القضية الفلسطينية في نشاطات هذه الدول .

على الصعيد الوطني :

• ستنجز منظمة التحرير تجديد الشرعية وضمان الاستمرار للجنتها التنفيذية والنصاب لشرعية اجتماعاتها وقراراتها بعقد المجلس الوطني بأي شكل سواء بدورة جديدة ( وهذا مشكوك فيه نتيجة القرار المأسور لحركة حماس ) أو دورة عادية أو طارئة ولن تعجز عن إيجاد المخرج لذلك ، لأن شعبنا وعقول القيادات والكوادر الواعية فيه لن تقامر بالإبقاء على هذا التهديد للنصاب المنتج لشرعية اجتماعاتها وشرعية العنوان للشعب الفلسطيني هذه الشرعية المهدد بالفقدان في أي لحظة بفعل السن أو المرض أو حتى الاغتيال ، ولن تسمح بأن يبقى رهينة المماطلات لمراهنة البعض على تغييرات لن تحدث .

• ستنجز منظمة التحرير تنفيذ بعض قرارات المجلس المركزي الأخير بانسحابات تدريجية من بعض التعهدات التي ألزمت نفسها بها بفعل اتفاق أوسلو ولكن بدون إعلانات رسمية، وستكون هذه الانسحابات مبنية على تقدير الكلفة الأقل على شعبنا والكلفة الأعلى على دولة الاحتلال.

• سنرى في هذا العام المزيد من التوسع في مساحات الاشتباك الجاري مع قوات الاحتلال ومستوطنيه رغم التضحيات على طريق الانتفاضة الشاملة مع التركيز على التماشي مع القانون الدولي وعدم الانجرار إلى عسكرة هذا الاشتباك التي يحاول البعض جر الشباب إليها بعيداً عن أهدافهم النبيلة في تحرير أنفسهم وشعبهم من الاحتلال.
• ولعل أهم ما سنراه في هذا العام هو ظهور قيادات شبابية أثبتت قدراتها بممارساتها وتجاربها وإبداعاتها الخاصة في النضال دون الاعتماد على تلميع من حزب أو فصيل ، قيادات محصنة وقادرة على حمل استلام الراية ومواصلة المسيرة حتى النصر .

على الصعيد الحركي :

من خلال الحوارات الجارية بين قيادات وكوادر وقواعد الحركة للإعداد لوثائق المؤمر السابع سنرى وثيقة حضارية تاريخية تتجدد فيها الروح والعزيمة والثبات على مبادئ وأهداف وقسم بيانها الأول ، ونؤكد أن القضية كانت وستبقى في يد المناضلين والثوار ولن تكون في أيدي غيرهم من متكسبين وموظفين موسميين في العمل الحركي وسنرى في هذه الوثيقة :

• القدرة على الوقوف أمام الذات وأمام الآخرين ، والجرأة في المراجعة ونقد الذات ، والقدرة على التشخيص والتحليق في فضاء خيارات العلاج والحلول.
• تؤكد رؤية الحركة وروايتها عن مرحلية النضال وحل الدولتين ، وتعالج الشوائب التي علقت بفريقي العمل اللذان نتجا عن الانتفاضة الأولى وحرب الخليج ( فريق مخاطرة أوسلو وفريق أحزمة الأمان ) .
• التأكيد على أن التركيز الأكبر الذي كان وما يزال على إنجاز حق تقرير المصير ( قيام الدولة ) لم يكن على حساب حق العودة وإنما خطوة لإنجاز هذا الحق ، وأن كلاهما طريق للهدف الأسمى الذي انطلقت من أجله الثورة ( الدولة الفلسطينية الديمقراطية الواحدة ).
• دعم لبرامج العمل السياسي والديبلوماسي والقانوني على المستوى الدولي ببرامج الميدان النشطة بمختلف الأشكال وتحفيز المزيد من الجماهير للانخراط في المواجهة الساخنة مع قوات الاحتلال ومستوطنيه
• التأكيد على الموقف الحازم المتمسك بعروبتنا وفضائنا الديني والإنساني المتسامح والمتصالح مع نفسه ومع الآخرين رغم كل ما نراه من محاولات للنيل والتهرب من هذه العروبة، ومحاولات تشتيتنا لطوائف ومذاهب وأعراق متقاتلة.

تنويه:

** عندما نستعرض بعض رموز أوسلو ممن تم إقصاءهم بعد ما أظهروه في كامب ديفيد الثانية ، وما قدموه وقتها من نصائح للشهيد ياسر عرفات ، وما تغنوا به عن الفرصة التي أضاعها الشهيد سنعرف من هم الملتزمين بأهداف البيان الأول للانطلاقة ومدى التزامهم به .

** إن قضاء بضعة أعوام في الأسر نتيجة السير في مظاهرة لا تؤهل صاحبها ليقود شعباً كالشعب الفلسطيني . خصوصاً أولئك الذين خرجوا على الشهيد عرفات وهو في ذروة حصاره ليتهموه ورفاقه بالهرم والخرف مطالبين برحيلهم.

** نأمل أن يتنبه من يتغنون ليل نهار بضرورة إعلان التخلي عن اتفاق أوسلوا وهم أكثر من شرب ويشرب حليب بقراته ويمضون معظم أيامهم في التبعّر خلف من يصنعون له أشجاراً وثماراً أن يدركوا أننا أصبحنا الدولة الفلسطينية التي انتزعت اعتراف 138 دولة ولم نعد سلطة الحكم الذاتي ، وأن الإعلان عن ذلك يعني منح صك شرعية التبرؤ والتحلل من التزامات الكيان الصهيوني والدول الداعمة تجاه حقوقنا .


• نلتقي بإذن الله مع بعد المؤتمر لنجد أننا في لقاء هذه الليلة وكأننا ممن حضر هذا المؤتمر وشارك في صنع قراراته والحديث عن المهام التي يتوجب على كل منا تنفيذها وفق إمكاناته .
• نلتقي وسنرى مدى ثقة العالم بصدق روايتنا وعدالة مطالبنا وإنسانية مواقفنا .
• نلتقى ونأمل أن ينير الله بصائر وأبصار المتنفذين في حماس ليخرجوا من غزة الإمـارة المغارة !!! ليروا أنفسهم معنا في فلسطين الدولة بقدسها وأقصاها .

شـكراً
حسني المشهور

المصدر: عرض : حسني المشهور -