هموم مواطن فلسطيني ....

بقلم: غادة طقاطقة

ماذا يشاهد الانسان أحياناً في شوارع فلسطين؟ يشاهد رجالاً فلسطينيين في الخمسين والستين من أعمارهم واعمار مختلفة ، يوقفهم مستوطنون من الشباب اليهود ويخضعونهم لاستجواب وتفتيش مهين، هكذا بلا سبب الا لانه يحلو لهم. لنقف لحظة ونتأمل من يوقف من؟ ومن يفتش من؟ ومن يظلم من؟ ومن يقتل من؟ الجلاد في بعض هذه الحالات قد يكون شاباً يهودياً صهيونياً قدم من نيويورك او روسيا لاسرائيل لأول مرة في حياته منذ أسبوعين فقط وانخرط في صفوف المستوطنين وحمل المسدس في يد والهراوة في اليد الأخرى. وفي المقابل فان السجين الذي يضرب ويهان فانه في أغلب الاحوال رجل فلسطيني عاش آباؤه وأجداده في المنطقة لأكثر من ألف عام وقد تجاوز الخمسين من عمره وهو يحمل لقمة العيش في يد وابنته الصغيرة في اليد الأخرى. هذا هو الشعب الفلسطيني في حياته ومعاناته اليومية. هذا هو الشعب الذي يتهمونه بالعنف والتطرف.

واضافة إلى معاناة الفلسطينيين من الاحتلال الاسرائيلي فإن اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات يعيشون حياة يومية بائسة ويفتقرون أحياناً إلى الغذاء والعلاج والسكن. هذه المعاناة الفلسطينية الأليمة الحزينة، خاصة في الأراضي المحتلة لا نعرف عنها كثيراً لأننا لا نسمع إلا عن القليل منها رغم أنها تحدث يومياً وبشكل مستمر. والفلسطينيون الذين فقدوا أهم متطلبات الحياة الضرورية لم يفقدوا وللّه الحمد الشجاعة والصبر كما لم يفقدوا كتاب وورقة التعليم والقلم. والكتاب والباحثين الفلسطينيين، وكذلك مصوري ومخرجي الأفلام التلفزيونية منهم هم أكثر الناس معرفة بمظاهر الحزن والبؤس في حياة الفلسطينيين وأكثرهم قدرة على كشفها وتصويرها وتوضيحها للآخرين.

 ولهذا ينبغي عليهم الاهتمام بابراز واظهار المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني فلا يكفي للعالم فقط أن يشاهد أحداث الانتفاضة بما فيها من عدوانية الجنود الاسرائيليين وبطولة الشباب الفلسطينيين الذين يستشهدون لأجل تحرير وطنهم المغتصب، ولكن ينبغي للانسانية جمعاء أن تطلع على مظاهر البؤس اليومي لحياة الفلسطينيين لكي يعلم العالم أن الانتفاضة قبل كل شيء هي صرخة من أعماق النفس الفلسطينية الحزينة الغاضبة. صرخة معاناة وصرخة ألم وصرخة يأس وصرخة حرية. وإن استراتيجية الخطاب الاعلامي الفلسطيني الموجه للعالم أجمع ينبغي أن تتجه اكثر وأكثر نحو تصوير وعرض مظاهر البؤس اليومي التي يعاني منها الفلسطينيون في ظل وبسبب الاحتلال والاضطهاد الصهيوني النازي.

الاعلامية :غادة طقاطقة