التخطيط سمة العصر الحديث

بقلم: حنا عيسى

التخطيط الاستراتيجي هو عملية تقوم بها المنظمات لتحديد استراتيجيتها، أو اتجاهها، واتخاذ القرارات بشأن تخصيص مواردها لتحقيق هذه الاستراتيجية، بما في ذلك رؤوس الأموال والأشخاص. وهنالك العديد من أساليب تحليل الأعمال المختلفة، بما في ذلك التحليل الرباعي وهو إختصار للكلمات (نقاط القوة والضعفُ والفرصُ والتهديداتُ).

يعتبر التخطيط أحد السمات الرئيسية للعصر الحديث، وأساس أي عمل ناجح لتحقيق الأهداف الوطنية المنشودة، لذلك فإنه يتطلب قدرات خاصة على التوقع والتنبؤ فيما يتعلق بالمستقبل.‏

والتخطيط العلمي بمفهومه الشامل هو: عملية ذهنية تتطلب تفكيراً منطقياً عميقاً، ورؤية مستقبلية ثاقبة، وتحديداً دقيقاً للأهداف، ودراسة علمية متكاملة لتحديد البدائل وتقييمها، والتنبؤ بالنتائج المتوقعة واختيار أفضل البدائل لتحقيق الأهداف المنشودة في إطار الإمكانيات الحالية، والمنتظرة، من خلال برنامج موقوت ومحدد للمراحل والأساليب الواجب اتباعها لمواجهة الاحتمالات المنتظرة، بمعنى التفكير قبل الأداء، والأداء في ضوء الحقائق. ولذلك يعتبر التخطيط الوطني من المهام الرئيسة للقيادة السياسة وعنصراً هاماً للتخطيط للأمن الوطني ويرتبط بالمستقبل واستخدام علم المستقبل والنظريات والأساليب العلمية الحديثة التي تساعد على ذلك.‏

*أسس عملية التخطيط:

1 ـ إن دراسة المستقبل والتنبؤ يعتبر عاملاً أساسياً للتخطيط.‏

2 ـ إن عملية التخطيط ذاتها تسهم في تجنب عملية ردود الفعل والتصرفات العفوية في الدولة.‏

3 ـ التخطيط أداة تهدف إلى تسهيل تحقيق الأهداف المختلفة.‏

4 ـ التحديد الواضح والدقيق للأهداف.

5ـ إن عملية اختيار وتحديد الوسائل والأساليب المناسبة للوصول إلى تحقيق الأهداف المطلوبة تتطلب وضع أهداف واقعية واضحة.‏

6 ـ تحقيق عملية الترابط والانسجام بين الأهداف الموضوعة وبين الإمكانات والقدرات المتاحة.‏

7ـ إن عملية التخطيط يجب أن تتم وفق خطوات ومراحل محددة، ومدروسة تحقق فيها مظاهر الارتباط والتفاعل.‏

وهناك أربعة أنماط استراتيجية، هى الاستراتيجية التنموية، وتتوخى تعظيم قدرات المنظمة ومكانتها ومواردها وإيجاد وضع جديد أفضل فى المستقبل. والاستراتيجية الوقائية وتبحث عن ترويض المؤثرات الخارجية مع الحفاظ على الوضع الراهن للمنظمة، وذلك عندما تكون هناك تهديدات خارجية قوية حالية أو متوقعة مع قدرات محدودة للمنظمة.  واستراتيجية التحول وهى التى تأخذ على عاتقها اجراء تغييرات جذرية فى المنظمة، وغالبا ما يكون الاتجاه الاستراتيجى فيها منبثقا من الاستجابة للمؤثرات الخارجية التى تفرضها البيئة المحيطة والتى يكون تأثيرها أقوى من قدرة المنظمة على المقاومة. والاستراتيجية السياسية وتكون فيها المنظمة إما أداة لتحقيق التوازن بين المؤثرات الخارجية والضغوط الداخلية التى تدفع إلى التحول، وإما أن تكون أداة للسياسة الحزبية ووسيلة لمكافأة المؤيدين السياسيين .

والتخطيط الاستراتيجى فى المجال السياسى إذ يرادف قيادة السفينة  أو الشفرة الجينية، فإنه لا يعنى مجرد وضع خطة، لكنه يعنى طرح العديد من البدائل، والاختيار بينها، وتقييمها، ثم تعديلها إذا وجب الأمر، وذلك لتحقيق أهداف جوهرية . ومعنى ذلك أن التخطيط الاستراتيجى فى الحكومة أو على مستوى الدولة يستلزم توافر شرطين الأول هو توقع المستقبل والاستعداد لكل احتمالاته وبدائله. والشرط الثانى هو وجود حد أدنى من المشترك الثقافى، أو ما يعرف بالاتفاق العام. وفى هذا يختلف الوضع فى الحكومة عنه فى القطاع الخاص؛ فالمنتفعون فى حالة الدولة كثيرون جدا لا تجوز مقارنتهم مع نظائرهم فى القطاع الخاص، وما لم تتغلغل ثقافة التخطيط الاستراتيجى - بوصفها التجسيد العملى للاتفاق العام - فى ثنايا المنظمة وفى تضاعيف المجتمع فسوف يفشل التخطيط الاستراتيجى. والاتفاق العام - أونظرية القيمة العامة كما يسميها البعض، هو الذى يجعل كل فرد فى المنظمة أو فى المجتمع يسكب مبادراته الخاصة بما يخدم الاستراتيجية أو يستقيم معها، وأن يتصرف مع الفرص ومع التحديات بشكل ينسجم مع توجهات الاستراتيجية، وذلك من تلقاء نفسه ودون توجيه من أحد.

بقلم/ د. حنا عيسى