كيف نقرأ ...ذكرى الشهيد القائد ياسر عرفات

بقلم: وفيق زنداح

أيام قليلة تفصلنا عن الحادي عشر من شهر نوفمبر ذكرى يوم استشهاد القائد الرمز الرئيس ياسر عرفات .....يوم حزين بفقدان قائد عظيم .....ويوم عظيم بتاريخنا الوطني الفلسطيني .... حيث تأكد مدى الصمود والثبات والتضحية ....حتى وان سالت الدموع ......واعتصرت الالام بقلوبنا .....وحزنت النفوس .....وتألمت الامهات .....وبكت الارض وأشجار الزيتون .....والقدس الشريف.... بفقدان من خاطبهم وضحى من أجلهم ....ولأجلهم ....مضى بحياته في سبيل قضية وطن وشعب يسعى لنيل حريته واستقلاله الوطني.

الحديث عن الذكرى بكل ملامحها ومضامينها وما تأكد من بطولات وتضحية وعطاء في مسيرة الشهيد ياسر عرفات..... يحتاج لألاف الصفحات ....كما يحتاج لعبقرية المحللين والمؤرخين وصدقهم في تناول مسيرة قائد ......ومسيرة ثورة .... لا زالت بفصولها تمتد على طريق الحرية والاستقلال .

تاريخ طويل عبر مسيرة نضال متواصل ارتبط بشخصها هذا القائد الشهيد والتي أصبحت بذاكرة شعبنا ....وتاريخ امتنا .....وهذا ما يدلل وبصورة قاطعة على أن الشهيد ياسر عرفات لا يحتاج الى حشود مليونيه.... بذكرى استشهاده ..... لكنه يحتاج الى الملايين المؤمنة بفكره ونهجه ومسيرة عطائه وثبات مواقفه .

الذكرى الثانية عشرة لاستشهاد ياسر عرفات تحتاج منا الى وقفة صادقة وشجاعة ....وقفة تحليلية حول ما جرى قبل الاستشهاد ....وما جرى أثناء الحصار..... وما تأكد من صمود اسطوري لقائد ثورة .....وقائد حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح العمود الفقري لهذه الثورة المعاصرة .

قصة حصار قائد وزعيم ورمز الثورة المعاصرة.... ثورة المستحيل تحتاج الى الكثير من الحديث والتوثيق ..... حول جوانب هذا الحصار وحول دوافع هذا الاستهداف ... والذي يأتي في محصلته النهائية بمحاولة ممارسة الضغوط والابتزاز السياسي حتى يحصل المحتل الاسرائيلي على ما يريد من تنازلات ....لكنه الموقف الوطني الشجاع والرافض لكافة التنازلات .... وهذا ما تأكد في مفاوضات واي ريفر وطابا وما جرى من محاولات الضغط والابتزاز التي مارسها بيل كلينتون الرئيس الاسبق للولايات المتحدة .

الثبات الوطني والتمسك بالثوابت الوطنية في واي ريفر وطابا وبكافة اللقاءات والمحادثات ما قبل الحصار وما بعده واثناء وجود الرئيس الرمز بمقر المقاطعة بمدينة رام الله ..... انما يؤكد على ان ياسر عرفات ومهما تغيرت الامكنة من الفاكهاني الى المقاطعة ....او الى المنتدى ....على شاطئ بحر غزة هو ذاته الفدائي ياسر عرفات.... الذي يتحلى بأعلى درجات الشجاعة.... كما يتميز بالنظرة الثاقبة ..... والمعرفة الواسعة ....والادراك الشامل بمجريات الاحداث .... وما يجري وراء الكواليس وداخل الغرف المغلقة .

ما جرى مع الزعيم القائد ياسر عرفات من سيناريوهات يحاولون ممارستها مع الرئيس محمود عباس الذي استمر على عهد الخالد ياسر عرفات بتمسكه بالثوابت الوطنية واستقلالية القرار الوطني وحكمة وحنكة السياسة الفلسطينية التي تأكدت عبر كافة المراحل التاريخية .... وحتى يومنا هذا في ظل معادلة السياسة الدولية وفي واقع خارطة السياسة العربية والاسلامية .

ياسر عرفات الزعيم والرمز كان ملاحقا ومهددا منذ بدايات الثورة بالأول من يناير 65 .....وحتى يوم استشهاده بالحادي عشر من نوفمبر بالعام 2004 .....تاريخ طويل وحافل من الكرامة وبيروت وتونس وما تخللهم من ساحات ومواقع بمخيمات اللجوء والشتات وعشرات المحاولات التي استهدفت قائد فتح والثورة والرئيس .... والذاكرة مليئة بحوادث الاستهداف بحمام الشط..... وفي مخيمات برج البراجنة وصبرا وشاتيلا ومنطقة الفاكهاني ببيروت كما منطقة الفردان في بيروت الغربية .

صمود ومسيرة عطاء تحتاج الى وقفات عديدة لتقييم ملامحها وابراز محطاتها وتبيان عناوين صمودها .....والتي تجمع على ان ياسر عرفات يعتبر معادلة وطنية فتحاوية غير قابلة للتجزئة والانقسام .....كما انها معادلة وطنية فتحاوية ....غير قابلة للتنازل والتفريط والتراجع عن الثوابت .....وهذا ما ولد لدى قتلة الشهيد ياسر عرفات القناعة بضرورة التخلص منه بطريقة دون ضجيج .... وليس بصورة خاطفة ولكنه القتل البطيء بصورة تدريجية .

كانت مرحلة الحصار ودخول فوهة الدبابة الاسرائيلية الى داخل مكتب القائد الرمز ابو عمار وممارسة الضغوط عليه وحتى مرحلة تسميمه وعلاجه بالمستشفيات الفرنسية ومن ثم استشهاده مرحلة بغاية الصعوبة ولها دلالاتها وأبعادها التي سيكتب عنها التاريخ بأحرف من نور بحق هذا القائد الشهيد .....وبأحرف سوداء على جبين من تواطئ وتأمر وقتل ياسر عرفات .....وكان ظنهم أن قتل ياسر عرفات سيترك فراغا يصعب ملئه لكنها حكمة فتح وقيادتها ..... والتي رشحت القائد الرئيس محمود عباس ليملئ الفراغ .....وليتأكد للجميع أن فتح الولادة بهذه الثورة الاطول في تاريخ الثورات العالمية تستطيع ان تؤكد بسياستها ونهجها ووطنيتها أنها القادرة بامتياز على الامساك بزمام الأمور دون انحراف ....ودون أدنى تهاون أوتنازل ....وهذا ما تأكد بكل قوة واقتدار وحنكة سياسية من خلال الرئيس محمود عباس الذي انتخبه الشعب الفلسطيني بصورة ديمقراطية من خلال صناديق الاقتراع حتى تتأكد شرعيته الديمقراطية اضافة لشرعيته التاريخية.

موروث ياسر عرفات سيبقى محفورا بذاكرة الوطن والشعب.....كما استخلاصات تجربته النضالية التي توثق بعقول الأجيال ....التي لازالت على مسيرة ونهج ياسر عرفات ....وعلى ذات النهج والمسيرة للرئيس محمود عبا س ولحركة فتح ...ولمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد .

بقلم/ وفيق زنداح