المؤتمر السابع والمشاركة في ماذا ولماذا؟

بقلم: رمزي النجار

شكلت الأعوام السبعة السابقة على انعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح جملة من التساؤلات المشروعة التي تتزاحم على الرأس، منها ماذا عن التوصيات التي أقرت في السادس هل أخذ بها ونفذت على محمل الجد؟ وما الجديد من السادس الى السابع؟ ولعل رجعة الى الوراء تظهر بعض الحقائق الملموسة عند السائل والمسئول في حركة فتح عن انعقاد المؤتمر العام، حيث أنه منذ قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية انعقد السادس في العام 2009 أي بعد عقدين من انعقاد الخامس في العاصمة التونسية في العام 1988، ويعد المؤتمر الخامس آخر مؤتمر حضرة الشهيد أبو عمار بحضور أكثر من 1000 عضو، وفيه وسعت اللجنة المركزية وأنشئ مكتب سياسي لم يعمل به، وكرس منصب القائد العام، والمؤتمر أكد على تصعيد الكفاح المسلح، وعلى تواصل العمل السياسي، بينما المؤتمر السادس استبشر به الفتحاويون خيرا خاصة بعد رحيل ابو عمار، وانعقاده جاء بعد تراكم من أحداث جسيمة وبحضور كم كبير من كافة الأجيال ومعظم الساحات، وشهد المؤتمر حوارات ونقاشات ساخنة بين أعضائه حول غزة، وأكد المؤتمر على ثوابت حركة فتح ومبادئها وأهدافها التي انطلقت من أجلها، كما جاء في برنامجها السياسي أنه من حق الشعوب المحتلة في مقاومة الاحتلال بكل أشكال المقاومة، ورفضها الاعتراف بيهودية الدولة، كما اقر المؤتمر تشكيل المجلس الاستشاري للحركة، وتعديل بعض بنود النظام الذي بحاجة الى دراسة كاملة في ظل المتغيرات على هياكل الحركة، إلا أن مخرجات المؤتمر جاء بها خلل كبير على صعيد حق الانتخاب والترشح للثوري والمركزية وفق نظام المحاصصة بين الاقطاب في داخل الحركة وهذا أثر سلباً على استنهاض الحركة على كل الصعد، وبالتالي انعكس على واقع الحركة وزخهما في انتخابات الجامعات والبلديات والنقابات وغيرها.

واليوم ينعقد المؤتمر السابع على أرض الوطن وهو الثاني بعد السادس أي بعد سبع سنوات، وهو أسرع مؤتمر ينعقد منذ سنوات بعد هذه الفترة، وهذا استحقاق تنظيمي وفقا للنظام، فهل مخرجات المؤتمر ستكون بما يتناسب ويتلاءم مع رغبة الفتحاويين؟ وهل حقاً سوف تنبعث فتح من جديد ؟ وهل سيمارس أعضاء المؤتمر في غزة حقهم في الانتخاب والترشيح؟ وهل هناك برنامج سياسي للحركة يلبي قناعات أبنائها؟ هل سنلمس تغييرا في الوجوه والبرامج والآليات، أم سنكون أمام تكرار تجربة السادس؟ وهل سيعالج المؤتمر ثغرات السادس وتقييم الامور في مسارها الصحيح؟ وباعتقادي إن انعقاد المؤتمر السابع ليس بالأمر السهل خاصة في ظل تلك المتغيرات الاقليمية والدولية والأوضاع الداخلية الفلسطينية واستمرار الانقسام، وتباين الاختلافات داخل الحركة والنقد العلني، وتزاحم الأجيال، والتدخل العربي في شئون الحركة على اعتبار وحدتها لحماية للأمن القومي العربي، وأيضا في ظل انحسار تجربة حركات التحرر مقارنة بالأحزاب السياسية في الدول التي تتمتع بعضوية كاملة وتؤمن بالتعددية والشراكة من أجل حقوق المواطنة، لذلك يجب على قيادة حركة فتح أن تتغلب على التحديات القائمة وأن يكون المؤتمر سيد نفسه ونابض بالحيوية وحافل بالمناقشات والحوارات البناءة والتوصيات الموضوعية، وأن لا يكون انعقاد المؤتمر بشكل شكلي، وانه يجب تكريس القيادة الجماعية بانتخاب لجنة مركزية جديدة مطعمة بقيادات شابة للحفاظ على ارث فتح الكبير، وتوضيح بصورة أكبر مهمات المجلس الثوري، وإقرار النظام الداخلي لحركة فتح بما ينسجم مع الهياكل وتشعبها، وإقرار نظام العضوية بشكل محدد في المؤتمر العام دون ان يكون مفتوحا تحت بنود محدده، وتفعيل الرقابة الحركية على كل مؤسسات الحركة، أما إذا بقي النظام الرقابي ونظام التقييم الدوري ومبدأ المحاسبة في مؤسسات الحركة غائباً ومؤجلاً عن الأجهزة الإدارية والمالية والتنظيمية وغيرها، ستكون الحركة قد شيدت طابقاً جديداً فوق مبنى قديم جدرانه آيلة للسقوط.

وعليه فإن عضوية المشاركة في المؤتمر السابع يجب أن تأتي ضمن التحرك لرؤية عامة وامتلاك نظرة شاملة للواقع الفتحاوي وتقاسم الخبرات والكفاءات والعقول الفكرية والتعاون وتنسيق الجهود للخروج بتوصيات تساهم في رسم السياسات العامة للحركة واحداث التغيير المطلوب والمطمح له بالتطابق مع أهداف ومبادئ الحركة، وعلى قيادة الحركة الاقتناع بضرورة الخروج بثوب جديد بانتخابها أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري من الوجوه الجديدة، وأن نجاح مؤتمرات المناطق والأقاليم بداية صحيحة للتغيير وتدافع الأجيال، وهي رسالة يجب على الصف الأول في القيادة التقاطها، فالأعضاء بحاجة الى التغيير ليس من أجل التغيير ولكن من أجل الحفاظ على فتح وحدة واحدة أينما كانت بغض النظر عن أماكن تواجد أعضائها، وأخذ بعين الاعتبار حق مؤسسات الحركة من الاقاليم والمكاتب الحركية في ابداء الرأي والاستشارة لكي يستمر التطور الايجابي والبناء المتكامل في هياكل الحركة، والانتصار الحقيقي لفتح ومشروعها الوطني يتوقف على التزام القيادة الجديدة بتنفيذ البرامج التي أقرت في المؤتمر السياسي والتنظيمي والمالي، وأن تعتمد المركزية الديمقراطية كأسلوب حياة في التنظيم.

بقلم/ د. رمزي النجار