مصر تفتح ذراعيها لفلسطين

بقلم: أكرم أبو عمرو

بداية كان من الأفضل أن يكون عنوان هذه المقالة مصر تفتح أبوابها لفلسطين ، ولما كانت الأبواب المصرية مفتوحة دائما ولم تغلق يوما عبر التاريخ ، فكان هذا العنوان ربما يكون أكثر بلاغة تعبر عن عمق العلاقة المصرية الفلسطينية التي حكمت بأحكام الزمان والمكان ، نقول هذا الكلام ونحن ننظر ونتابع ما يجري على الساحة المصرية وما يتصل بها بفلسطين ، وكيف لا وفلسطين وقضيتها تشكل ركيزة هامة من ركائز الأمن القومي المصري ، فكان لزاما أن لا تغمض عينها مصر عما يجري في فلسطين .

بالأمس سمعنا عن استعداد مصر لاستضافة لقاءات حوار فلسطينية فلسطينية في أعقاب زيارة وفد حركة الجهاد الإسلامي لمصر لمناقشة وتدارس مبادرة أمينها العام للخروج من المأزق الفلسطيني، سواء على الصعيد الداخلي أو على صعيد صراعنا وتصدينا للاحتلال الإسرائيلي ، وقبل ذلك كانت مصر تستضيف لقاءات شعبية بعيدة عن أي قيادات نافذة ، لقاءات مع كتاب ومثقفين ، لقاءات مع رجال أعمال ووجهاء ومؤسسات مجتمع مدني ، وهناك سلسلة من اللقاءات القادمة فيما يعرف بلقاءات عين السحنة التي ينظمها المركز القومي للبحوث والدراسات المصرية ، إذن هناك توجه مصري للتعرف على رؤية أبناء الشعب الفلسطيني عن طريق الأفراد من النخب الثقافية بعيدا عن أي تأثيرات سياسية في ظل ما تشهده الساحة الفلسطينية من انقسامات، سواء أكانت انقسامات على مستوى الوطن كما هو الحال بين حركة حماس التي سيطرت على قطاع غزة بالقوة ، وبين حركة فتح التي تمركزت قوتها في الضفة الغربية ما يهدد انقسام الوطن إلى شطرين او كيانين ، أو انقسامات فرعية إذا صح لي هذا التعبير أي انقسامات على مستوى الفصيل أو الحركة كما ه هو الحال في حركة فتح ، حيث ظهر ما يعرف بالتيار الإصلاحي كما يسميه أصحابه أو تيار المتجنحين كما يطلق عليه الكثيرين من أعضاء حركة فتح على مختلف مستوياتهم التنظيمية .

هذه المشهد لم يكن بعيدا عن القيادة المصرية الجديدة برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي ، التي انشغلت في محاربتها للإرهاب الذي تتعرض له مصر في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013 ، والذي بلغ ذروته في شبه جزيرة سيناء ، هذه المنطقة التي تزيد مساحتها عن مساحة فلسطين التاريخية بنحو مرتين ونصف ، وتشرف على مناطق إستراتيجية هامة كقناة السويس ، ومضائق تيران ، ناهيك عن الموارد الاقتصادية الكبيرة كالثروات المعدنية وعلى رأسها البترول ، والاراضى الواسعة الصالحة للزراعة ، كل هذا وسيناء تعتبر ذات كثافة سكانية منخفضة بشكل كبير إذا ما قورنت بكثافة السكان في الدلتا ووادي النيل في مصر ،.

الآن نرى مصر وحسب ما نقرأه في وسائل الإعلام من تصريحات ورؤى أن مصر في طريقها لتحقيق الاستقرار والأمن في شبه جزيرة سينا ، ما يمكن الدولة المصرية من تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذا الجزء ، ما تجعله منطقة جذب للمصريين للإقامة والاستثمار السياحي والصناعي والزراعي ، في الوقت الذي تعرف فيه مصر أهمية قطاع غزة لسيناء ، قطاع غزة الذي بلغ عدد سكانه هذا العام 2 مليون نسمة هو بمثابة اكبر سوق تجاري لأي نشاط اقتصادي مصري في سيناء نظرا لقربه من قطاع غزة وسهولة الوصول إليه ، قطاع غزة الذي يبلغ حجم ناتجة المحلى نحو 6 مليار دولار والنسبة الكبرى من حجم تبادله التجاري تتم مع إسرائيل أو عبر المواني الإسرائيلية، التي تضع الكثير من العراقيل أمام هذا النشاط ما يجعل أي خطة للتنمية في قطاع غزة لا تسير بالشكل المخطط لها وتعيقها بشكل كبير ، هنا يبرز الدور المصري في جزيرة سيناء .

ولهذا بدأنا نسمع اعن نوايا مصرية للتعاون مع الفلسطينيين لإنشاء منطقة تجارة حرة ، وتعزيز وتطوير النشاط التجاري بين قطاع غزة ومصر لجدب الاستثمارات المصرية والفلسطينية إلى شبه جزيرة سيناء ، ما يعود على الخزينة المصرية والفلسطينية بمليارات الدولارات ، إذن تطوير وتنمية سيناء مرتبطة كثيرا بفلسطين عامة وقطاع غزة خاصة ، ولهذا رأت مصر بضرورة العمل لإنجاح التوافق والمصالحة الفلسطينية الفلسطينية انطلاقا من مبدأ احتضانها للقضية الفلسطينية ودورها العربي والإقليمي والدولي على هذا الصعيد ،.

ومن هذا المنطلق أيضا نجد أن مصر بدأت بخطوات عملية في هذا الاتجاه، عندما بدأت تسمع لأفراد من الشعب الفلسطيني على اطلاع ومعرفة جيدة بحقيقة الأوضاع في قطاع غزة وما آلت إليه الأمور ، وبدأت في التخفيف من بعض الإجراءات التي اتخذتها تجاه قطاع غزة بسبب الأوضاع الأمنية الراهنة في سيناء، وعلى رأسها فتح معبر رفح البري وهو الشريان الرئيس والوحيد تقريبا لقطاع غزة للاتصال مع العالم الخارجي، بحيث أصبح يفتح في أوقات متقاربة بدلا من اغلاقة لمدد طويلة تصل إلى عدة أشهر ، وهناك توجهات كما حسبما تتناقلة وسائل الإعلام من تصريحات عن فتحة في المستقبل القريب بشكل دائم .

إذا تتبعنا هذه الأمور نجد وبكل بساطة أن المصالح الفلسطينية والمصرية المشتركة تتجسد على ارض الواقع مع نوايا جادة لتعزيزها وتطويرها ، يبقى امرأ هاما وهو التعاطي بشكل ايجابي من الناحية الفلسطينية مع التوجهات المصرية ، من تأييدها لمبادرة حركة الجهاد ودعمها واحتضانها لجلسات حوار جادة بين الأطراف الفلسطينية للخروج بصيغة مقبولة لدى الجميع الفلسطيني للخروج من الأزمة الفلسطينية الراهنة ، تبعد الشعب الفلسطيني عن شبح الانقسام النهائي وإنهاء الحلم الفلسطيني بإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف والعودة ،.

إننا وإذا نرقب انعقاد المؤتمر السابع لحركة فتح نرجو فيه أن يبعد هذه الحركة العملاقة عن حالة انقسام وذلك بإلغاء وإنهاء حركة الاقصاءات واعتبار حركة فتح للجميع وحركة من حركة له ، لتنطلق هذه الحركة في اتجاه فلسطين كما كانت دائما ، وسرعة التعاطي مع الجهود المصرية بما يحقق مصلحة شعبينا الفلسطيني والمصري ، من ناحية أخرى نأمل من حركة حماس وهي الحركة الكبيرة أيضا والتي استطاعت أن تفرض نفسها على الخريطة السياسية وتحتل مساحة كبيرة منها ، أن تتعاطى مع الجهود المصرية ، وان تضع العلاقة مع مصر على رأس أولوياتها في العلاقات العربية والدولية ، من أجل المصلحة العليا لشعبنا ومن اجل الحفاظ على بوصلتنا المتجهة إلى فلسطين ، ولتظل مصر هي الداعم الأكبر والحاضن الأمين لقضيتنا حتى تحرير فلسطين وعودة شعبها إلى أرضه .

بقلم/ أكرم أبو عمرو