حلب للحسم العسكري...واليمن للحل السياسي

بقلم: راسم عبيدات

واضح بان المتغيرات والتطورات الناتجة عن وصول الرئيس الجمهوري " ترامب" الى سدة الحكم الأمريكي،سيكون لها تداعياتها على مسار الأزمات والعلاقات الدولية والإقليمية،وخاصة بان سياسته قائمة على تغليب الإهتمام بالأوضاع الداخلية على الأوضاع الخارجية،وكذلك رؤية "ترامب" ل "داعش"،على انها حركة إرهابية يجب إجتثاثها وليس التهادن معها واحتوائها وتوظيفها خدمة للأهداف والمصالح الأمريكية في المنطقة،كما كانت تنادي بذلك منافسته الديمقراطية الخاسرة هيلاري كلينتون،وهذا يعني بأن "ترامب" سيدخل في خلاف جدي مع المشروع السعودي- التركي -القطري- الإسرائيلي – البريطاني والفرنسي في المنطقة،والقائم على استمرار الإستثمار في "داعش" و"النصرة" كجماعات إرهابية من اجل الإستمرار في إطالة أمد الحرب على سوريا واستنزافها جيشاً ومقدرات وخيرات،والعمل على تفريغها من اكبر عدد من السكان ضمن سياسة تطهير عرقي ممنهجة.
وحول اليمن فإن الولايات المتحدة في عهد "ترامب" تدعم حلاً سياساً يقوم على أساس حكومة وحدة وطنية،جماعة انصار الله "الحوثيين" والرئيس المخلوع علي صالح جزء أساس منها،وهذا ما ترفضه السعودية،ولكن في ظل ما تعيشه من ازمات وهزائم على كل المستويات،ستدفع بها للموافقة على مشروع سياسي قائم على حكومة وحدة وطنية يمنية "الحوثيين" مكون رئيسي من مكوناتها،فالسعودية المثقلة بقانون "جاستا" الأمريكي الذي سيلتهم كامل ممتلكاتها ومدخراتها في امريكا وبنوكها،مما سيضعها على حافة الإفلاس،ونحن نشهد ذلك من خلال إجراءاتها التقشفية والإقتراض من البنوك الدولية،بالإضافة الى عدم قدرتها على تحقيق أي نصر عسكري على انصار الله " الحوثيين" وقوات الرئيس المخلوع على عبد الله صالح،بل لحقت بها الكثير من الهزائم رغم كل التفوق النوعي لها في السلاح المتطور والمزود باحدث التكنولوجيا البشرية،وخذلان حلفائها لها فيما يسمى بقوات التحالف العربي.
ولعل موافقتها على تولي العماد ميشيل عون للرئاسة في لبنان،جاءت في إطار وسياق هزائمها تلك،بعد تعطيل لهذا الملف حوالي ثلاثين شهراً.
أما في سوريا فواضح بان روسيا خلصت الى قناعة تامة بعد كل الهدن الإنسانية التي كانت تعلن عنها بالتوافق والتشارك مع النظام السوري،من أجل إدخال المساعدات الغذائية والطبية للسكان في شرق حلب والمناطق السورية الأخرى التي تختطف وتحاصر سكانها المجموعات الإرهابية بمختلف مسمياتها،والدعوات لتحقيق مصالحات وطنية وخروج آمن للمسلحين بعد تسليم عتادهم الحربي الثقيل،لم تؤد سوى الى استغلال تلك الهدن من قبل تلك الجماعات الإرهابية والقوى الدولية والاقليمية والعربية الداعمة لها،في تزويد تلك الجماعات الإرهابية بأحدث الأسلحة لكي تواصل عدوانها وارهابها ضد السكان المدنيين وضد الجيش السوري،ولتصل الأمور حد استخدام السلاح الكيماوي،ولأن امريكا لم تستطع تنفيذ أي من الوعود التي قطعتها لموسكو بفك الشراكة والعلاقة ما بين الجماعات الإرهابية "جبهة النصرة" و"أحرار الشام" وغيرها من جماعات إرهابية،وبين ما تسميه واشنطن بالجماعات " المعتدلة،من اجل دوران عجلة الحل السياسي،لذلك خلصت موسكو ودمشق إلى القناعة بانه لا حل سوى بإجتثاث وتصفية الجماعات الإرهابية في شرق حلب من "جبهة نصرة" و"احرار الشام" و"نور الدين زنكي" وغيرها،ولذلك تُعد روسيا وسوريا والقوى الرديفة احدث انواع السلاح ذات التقنية والدقة العالية في التصويب،لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين المختطفين والمستخدمين كدروع بشرية من قبل تلك الجماعات.

يبدو أن روسيا وسوريا تعتقدان بأن الفترة الفاصلة ما بين نهاية فترة حكم "اوباما" وتسلم "ترامب" مقاليد الحكم في منتصف الشهر الأول من عام 2017 مؤاتية من أجل تحرير حلب بشكل نهائي وتصفية واجتثاث تلك الجماعات الإرهابية،وبسيطرة الجيش السوري على مدينة حلب وتوجيه الرئيس السوري بشار الاسد خطابه من هناك للشعب السوري وللدول الداعمة للقوى الإرهابية ولتلك القوى نفسها وللحلفاء والأصدقاء،سيكون له صدى كبيراً تجاه ما ستعانيه الجماعات الإرهابية من انهيار في الروح المعنوية والقدرة على مواصلة تحديها وارهابها وقتالها،كذلك هذا من شأنه ان يجعل المترددين بان يحسموا امرهم بالعودة لحضن الدولة والقاء السلاح،كذلك فالجماهير السورية سترتفع عاليا روحها المعنوية وثقتها بالقيادة وخياراتها،وستتوسع المصالحات الوطنية على نحو واسع،وسيعود الى الوطن عدد كبير ممن نزحوا قسراً عن وطنهم.
واضح بأن اللقاءات والاتصالات الروسية – الأمريكية على مستوى الخبراء لن تؤدي الى أي نتيجة عملية،أفاق الحل السياسي والتفاهمات الروسية- الأمريكية،ستفتح بشكل واسع بعد تحرير حلب،وبلوغ حل سياسي في اليمن،عندها يمكن أن يحدث تطور تجاه تعاون روسي- امريكي في الحرب على "داعش" والنصرة"،وكذلك تطور آخر تجاه فتح مفاوضات إيرانية - سعودية،فما جرى في لبنان،وبعد بلوغ الحل السياسي في اليمن،وإن كانت تجري المفاوضات بالوكالة بين الطرفين،فإن التفاوض سيستمر بين الطرفين وبنفس الطريقة حول ملفات اخرى كقضية فلسطين ومحوري الصراع (فتح وحماس).
لا أعتقد بأن "ترامب" سيقدم على الغاء الاتفاق النووي مع ايران،بل كل الملفات الساخنة من سوريا وحتى اليمن،سيجري التوافق عليها،وسيكون رسم الخرائط الدولية بين الطرفين ممكناً مع تولي "ترامب" للرئاسة،وضمن هذه الخرائط الدولية الجديدة ستتكرس سوريا كقوة أساسية في الشرق الأوسط الجديد،وايران ستكون قوة اقليمية مركزية،وكذلك حزب الله الذي اجرى مناورات عسكرية في القصير السورية،سيتكرس كقوة اقليمية أيضاً،وتركيا والسعودية واسرائيل ستنال جوائز ترضية.
الأيام القادمة ستكون حاسمة في كل الملفات الساخنة العراق وسوريا ولبنان واليمن،وستبقى فلسطين قضية معلقة ..؟؟

بقلم :- راسم عبيدات

القدس المحتلة – فلسطين

18/11/2016
0524533879
[email protected]