الواقع الفلسطيني السياسي أمام المتغيرات العالمية الجديدة ..

بقلم: مازن صافي

من السذاجة الأعتقاد أن السياسة الدولية تضع في ابجدياتها مسألة التعاطف أو تراكم الفعل الانساني، لها مجرد أضغاث أحلام ولا يأتي الا بالتراجع والفشل وعدم القدرة على قراءة المعطيات والمتغيرات، بالتالي ففي ظل هذه المتغيرات الدولية تبعا لتغير الرؤساء مثل الادارة الأمريكية في مطلع العام القادم، وأنظمة مختلفة ترتبط سياساتها بهذا التغيير، لابد من قراءة دقيقة ووضع خطط حقيقية وعدم الاكتفاء بمواقف الانتظار، فهذا العالم قد اختلفت مفاهيمة، وحتى أن قراراته الدولية لم تعد ذات صدى او تأثير.
ان الاتحاد الأوروبي قد فشل حتى اليوم في ان يكون أحد الأقطاب المؤثرة في العالم او في رسم سياساته او الدفاع عن حلفائه، لأنه يملك فقط الدفاع عن القضايا الانسانية وما يعرف بــ "حقوق الانسان" ولا يملك أي منظومة عسكرية قوية أو قوة رادعة تمكنه من أن يلعب دورا محوريا ومتقدما وصانعا مؤثرا، لهذا يبقى الاعتماد على هذا الاتحاد مجرد جهد تراكمي مطلوب ولكنه لا يغير كثيرا في خارطة التاثير العالمي في قضيتنا الفلسطينية.
ليس الفلسطيني وحده المطلوب أن ينسجم مع نفسه ومع واقعه ولكن العربي نفسه أصبح محاطا بقوى تعمل على تحطيم قواه وتقزم مستوى التنمية فيه وتفتته الى أجزاء لا تقوى على أن تكون رقما صحيحا بل أنها تشكل معركة يومية حول استقلال كل جزء عن الآخر، بحيث تكون مجموع السكان الى خطوط الموت الأولى والى مصيدة الدمار الوطني الشامل والمدمر، وهذا ينعكس على ارتباط الدول العربية بالقوى الاقليمية، وبعد ان كانت تلك الدول تشكل قوة رادعة ومشهودة امام تغول الاقليم، أصبحت مجرد متلقي للمساعدات  الانسانية او الغذائية او مكبا للاسلحة والتدمير والتطرف والارهاب بكل ألوانه وأنواعه.
 والواضح أن القوى الدولية وخاصة أمريكا وروسيا سمحتا لأن يتقاسما كثير من المهمات الخطرة والمتقدمة والسياسية في المنطقة الاقليمية والعربية، ومن غير الاضح مستوى الاهتمام بالقضية الفلسطينية أو تحريك المسارات المختلفة لصناعة نهاية للصراع العربي الاسرائيلي، وبالتالي فإن تشكل الحلفاء من مجموعات مختلطة من تلك الدول بالاضافة الى القوى الاقليمية والدولية يزيد الأمر سوءً على صعيد القضية الفلسطينية ويخرجها من مدار الاهتمام لسنوات طويلة، قبل أن يحدث اختلاف في هذه الاحلاف أو في تلك البنية الجديدة، وبإنتظار اعلان البيت الأبيض عنوانا لسياسته الخارجية.
 وهنا يقف القاريء متسمرا ومتسائلا عن الحل وعن المطلوب، ومن باب الأمانة في البحث والتحليل السياسي نقول أن صانعي السياسة الفلسطينية، سيكونوا في مواجهة واقع مكثف ومعقد وخطير، وهنا يجب التمسك بالثوابت التاريخية، والتوازن في رسم السياسات وتقدير نتائج المتغيرات ويفضل عدم الدخول في أي توازنات اقليمية جديدة او معادلات لا علاقة لها مباشرة على القضية الفلسطينية، وأيضا وضع كل شيء في ميزانه السياسي الواقعي والسليم، لكي لا ندخل في منعطفات مفرغة او عميقة .
 د.مازن صافي/ كاتب ومحلل فلسطيني -غزة

[email protected]