السماء لا تمطر حرية مجانا

بقلم: عدنان الصباح

الذين يعتقدون بأحقيتهم في بلادهم وامتلاكهم لها لا يتنازلون عنها ببساطة لمجرد أن الأعداء يسيطرون عليها مؤقتا, وما جرى في الأيام القليلة الماضية من حرائق في سائر فلسطين بكل تفاصيلها ولقي ردود أفعال مهلة ومكبرة من جانبنا في كل المواقع بعضا معتبرا ذلك ردا إلهيا على قرار منع الأذان أو ردا على غطرسات الاحتلال ووصل الأمر في البعض إلى الدعاء بمواصلة الحرائق.

الذين يرون في اشتعال الحرائق عملا إلهيا قطعا لا يؤمنون بالله سبحانه بقدر ما ينتظرون منه الانتصار لنا وتغطية ضعفنا وغيابنا وتحرير بلادنا نيابة عنا وهم يريدون منه أن يقاتل عنا حربنا ونحن قاعدون مطبقين بالفعل الآية الكريمة " قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ", فيما بيننا نقتتل بالحرب والسلاح في فلسطين نفسها وننقسم على بعضنا ونفعل ذلك في العراق ومصر وسوريا وليبيا واليمن وتونس وفي كل مكان وحين يتعلق الأمر باحتلال فلسطين بما فيها القدس والأقصى فلا نجد أمامنا إلا الابتهال إلى الله والدعوات له ليمحقهم ويبيدهم على قاعدة افعل ذلك وحدك فلا أنبياء على الأرض الآن ونحن هنا قاعدون بانتظار ما ستفعل لنغني لك تماما كما كانت تفعل النساء في العصور الغابرة للجيوش أثناء الذهاب إلى الحرب أو الإياب منها لا حول لنا ولا قوة.

إسرائيل تحتل فلسطين منذ العام 1948 وقبلها كانت تفعل بريطانيا وشردت الشعب الفلسطيني واحتلت القدس وفيها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وانتصرت علينا في كل حروبها ولا زالت تفوقنا بكل شيء ومجموع الحرائق التي اجتاحت بلادنا وأحراشنا لن تشكل أي خطر على وجود دولة الاحتلال فلم ينهزم جيشها ولم تتحطم لهم طائرة واحدة ولم تتعطل آليات وطائرات الإطفاء وهرع العالم كل العالم للمساعدة بما فيها بضعة سيارات الإطفاء التي نملكها نحن, ولم تهدم الكنيست الإسرائيلي ولا وزارة الحرب الاحتلالية ولم تتعطل آلة حربهم, ول يفتح الله بوابة زنزانة أسير واحد ولا زال كل أسرانا بين يدهم, فتلك أشكال كفاح لن يقدم على القيام بها الله سبحانه من تلقاء نفسه لأننا باختصار لا نستحق وقد امتدت الحرائق إلى الضفة الغربية فهل يجوز لجهابذة الإفتاء في بلادنا والبلاد العربية والإسلامية ممن يهللون ويكبرون للحرائق في أحراش فلسطين كل فلسطين أن يعتبروا حرائق حيفا من الله سبحانه وحرائق نابلس وجنين من المستوطنين, أليس من العيب هذه المقارنة البذيئة من قبل البعض وهل الحرب بين الله والمستوطنين وإذا كانت كما يدعون فهذا إثبات على أننا لا نستحق هذه الأرض وان الله لن يهدينا النصر من عنده ونحن منشغلون عن الأعداء بالاقتتال فيما بيننا وتدمير إمكانياتنا وقدراتنا وإضاعة ثروات بلادنا بلا مبرر ولا سبب سوى التخاذل والالتحاق بالأعداء من كل شكل ولون منفذين على الأرض أجندة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها وفي مقدمتهم دولة الاحتلال تاركين أمر تحرير بلادنا عهدة بيد الله تعالى وحده.

الحرب على الأرض هي بيننا وبين دولة الاحتلال بكل مكوناتها وتلاوينها وليست بين الله والمستوطنين أو غيرهم وحرب الأرض هي على أهل الأرض واجب ونحن أهل هذه الأرض فان لم نخض حربنا بأيدينا فان السماء لن تمطر حرية لمن لا يسعى في سبيلها.

بقلم/ عدنان الصباح