تعيش جامعة الأقصى على صفيح ساخن موضوع على مفترق طرق، إذا لم نقوم بوضع حل حاسم وفوري للمصالحة الجامعة مع بعضها البعض، ووضع خطوات سريعة لإنقاذ الجامعة، فلا نعرف إلى أين سوف تؤدي الرياح العاصفة التي تعصف بها؟ وما النتائج المتوقعة منها.
فعلينا جميعا أن نتكاثف من أجل تفعيل التسامحَ والمحبة بين الجميع على اختلاف اتجاهاتهم وفصائلهم وانتماءاتهم، وتغليب مصلحة الشعب على المصالح الشخصية والفصائلية والحزبية، لأن الكل إلى زوال وسوف يبقى الشعب والتاريخ يسجل على صفحاته لمن اتقى الله في تصرفاته، وغلب مصلحته العامة على مصلحته الشخصية.
فالتسامح يشعرك بأنك شخص طيب القلب، هادئ الملامح بشوش، تعتلي وجهك ابتسامة مشرقة فيها الرضا، والتسامح من الأسرار المهمة التي تؤدي إلى النجاح في حياة الإنسان من خلال ما يتمتع به المرء من روحانية صادقة.
والعكس صحيح فالشخص الذي لا يتمتع بالتسامح شخص يملء نفسه بمشاعر الحق والكراهية، وحب الانتقام من الآخرين؛ مما يحول حياته من مشاعر ممتعة وجميلة إلى كتلة من المتاعب والمشكلات، إذ أن الأشخاص الأكثر سعادة في معيشتهم هم الأكثر تسامحاً مع الأخرين!
والتسامحَ هو من رضا الله سبحانه وتعالى والذي يعمل على دخول الجنة. قال تعالى "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" فلنجعل التسامحَ من أجل الله وسبباُ في تقدمنا ونجاحنا، ولنصفح ونعفوا ونتسامح مع أنفسنا ومع الأخرين من حولنا لنشر الحب ونبذ الكراهية والحق، قال تعالى: "يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْو" فلنتصدق بمسامحة الأخرين ونبذ الفرقة ونحن كشعب فلسطيني في أمس الحاجة من أجل قضيتنا أن نكون من أصحاب العفو والتسامحَ.
وقد قص علينا القرآن الكريم أحسن القصص وأجملها ألا وهي قصة يوسف عليه السلام الذي جعلوه أخوته في الجب، ثم وضع بين الرقيق، وبعي بأبخبس الأثمان، ثم سجن في زنزانة، ولكن الله لم ينساه لأنه مثال لتسامح والمحبة، فمكن الله له بعد ذلك في الأرض، وإذا بأخوته الذين كادوا له، أتوه فقراء أذلاء فاعتذروا له، فهل انتقم منهم؟ هل عاقبهم على رحلة العذاب والألم التي كبدوه إياها على حرمانه من حنان الأب الذي حرموه إياه؟ لا . بل عفا عنهم؛ لأن هذه هي خلق المتسامحين، هذه هي شيمة الرجال، وعنوان الرجولة. فهي أجمل قصة تظل نبراساً لأهل العفو والصفح والمسامحة، قال تعالى: "هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ () قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ () قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ () قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ".
نعم إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين المتسامحين، فهي قاعدة ذهبية إذا تمسكنا بها تغلبنا على مشاكلنا وعلى حياتنا المادية المبنية على الدرهم والدينار. من هذا المنطلق اقدم مبادرة لتسامح بين الأخوة والزملاء في جامعة الأقصى وبين أحزابهم وفصائلهم على مختلف توجهاتهم لحل مشكلة جامعة الأقصى وهي على النحو الآتي:
1- تعين رئيس ومجلس جامعة توافقي بموافقة الوزير د. صبري صيدم حالا وفورا.
2- إعادة رواتب المحجوزة رواتبهم، والمنقولين والمفصولين حالا وفورا، والمقطوعة رواتبهم خلال شهر من تعيين رئيساً للجامعة.
3- تكوين لجنة من الخبراء في الجامعة للنظر في تعينات غزة والتوصية بتعين من تراه مناسبا لحاجة الجامعة وكلياتها وأقسامها من ديوان رام الله خلال مدة لا تتجاوز العام من تاريخ تعين رئيس للجامعة.
والله على ما أقول شهيد لا أريد منصباً ولا جاهاً، وهو نعم المولى ونعم النصير
ودامت جامعتنا منبراً علمياً منيراً، ودام شعبنا حراً أبياً.
بقلم/ د. زهير عابد