ما بعد المؤتمر السابع لحركة فتح ، مجرد رؤية

بقلم: أكرم أبو عمرو

إنها لحظات فارقة في تاريخ شعبنا الفلسطيني هذه الأيام، حيث يعقد أهم مؤتمر عام لحركة فتح حتى الآن ، وتأتي أهمية هذا المؤتمر لسببين رئيسيين ، أولهما أن حركة فتح هي الحركة الوطنية الكبرى التي قادت ملحمة الكفاح من اجل تحرير فلسطين وقد ولدت من رحم المعاناة والتشرد سرعان ما أصبحت حركة كل الفلسطينيين لأنها اتسعت الجميع بل قيل أنها حركة من لا حركه له ، الثاني هو الظرف التي تمر بها حركة فتح بعد تصاعد الاختلافات بين أعضاء الحركة بلغت ذروتها الآن من الموقف من انعقاد هذا المؤتمر ، بين مؤيد لانعقاده ومعارض لهذا الانعقاد ، وكلمة السر في هذا الموقف هي كلمه وعكسها ، وهي الاستنهاض وعكسها الهدم ، حيث يرى المؤيدون ضرورة انعقاد هذا المؤتمر لاستنهاض حركة فتح لمواصلة الطريق لتحقيق مشروعنا الوطني الهادف إلى الحرية والاستقلال ، فيما يرى المعارضون لهذا المؤتمر أن ثمة إنعقاده هو هدم لحركة فتح ومسيرتها النضالية ، واحتمالية تحويلها إلى حزب للسلطة بدلا من كونها حركة تحرر وطني ، وقد بدأت حدة الرفض لهذا المؤتمر بعد فصل عدد من قياديي حركة فتح ، وخلو قائمة أعضاء المؤتمر من أسماء وردت في المؤتمرات السابقة إلا أن هذه المرة لم ترد والسبب اتهامهم بالانضمام إلى ما يطلق عليه التيار الإصلاحي الذي يقوده النائب محمد دحلان ، وقد أصبحت هذه الخلافات من الحدة ما يهدد بإحداث شرخ عميق في حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ، وبنظرة سريعة إلى وسائل التواصل الاجتماعي ، والصحف الالكترونية تجدها تعج بالمنشورات والكتابات والمقالات والتصريحات التي تعبر عن رفضها لهذا المؤتمر بل تعداها الى المس بشخصيات قيادية عديدة .
في اليوم الأول لانعقاد المؤتمر بدأت الدعوات من التيار المعارض إلى ضرورة تنظيم مؤتمر سابع لحركة فتح على غرار المؤتمر الحالي ، وذهب البعض بالمطالبة أن يكون عدد أعضاء خذا المؤتمر 2000 عضو أو 3000 أي أكثر من ضعف عدد أعضاء المؤتمر الحالي . إلى هنا تكمن الخطورة ، إذا ما حدث ونجح الفريق المعارض في تنظيم المؤتمر فما هي النتائج المتوقعة ، أنها بالطبع نتائج كارثية حيث ستنقسم حركة فتح إلى حركتين ، وقيادتين ، ولجنتين للمركزية ، ومجلسين للثوري ، ترى من هو الصواب ومن هو الخطأ، ويبرز سؤال ربما يمضي وقت طويل للإجابة عليه وهو من هو الشرعي ومن هو الغير شرعي ، معضلة كبيرة حيث انقسام جديد آخر سينعكس حتما على مكون المجتمع الفلسطيني ، ويعمل بالتأكيد على تراجع حاد لقضيتنا الجوهرية بين شعوب الأرض وأولها الدول العربية التي باتت تنظر إلى مصالحها ، وتتخلى عن سياسات كانت أساسية وهي المقاطعة والتطبيع مع إسرائيل ، بالإضافة إلى ما يسود بعض الدول من مشاكل وصراعات داخلية دموية انشغلت فيها كل فئات شعوبها .
هذه هي صورة الوضع الفلسطيني الآن ، والسؤال الذي يخطر على أذهان الكثيرين هو ماذا بعد المؤتمر السابع وقد اتضحت بعض معالم نتائجه خلال خطاب الرئيس أمام المؤتمر، إذ قام بتوصيف مراحل العمل القادمة ، بالطبع لا نستطيع الإجابة على هذا السؤال قبل رؤية النتائج التي سيسفر عنها المؤتمر أولا ، ثم رؤية التطبيق العملي لهذه النتائج ، لكن ومع كل ذلك بالتأكيد أننا نأمل في أن تكون نتائج هذا المؤتمر ايجابية لجميع الفلسطينيين ، ولهذا فإننا نرى الآتي :
بما أن المؤتمر التئم وأصبح حقيقة واقعة وهو في طريقه إلى الانتهاء من جلساته ، وإصدار التوصيات والنتائج ، وفي خضم الحملة أو الحملات الإعلامية الفلسطينية المناهضة للمؤتمر لأسباب عديدة ومختلفة يمكن تلمسها عبر ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام ، فإنه يلزم الإشارة إلى:
أولا : المؤتمر السابع لحركة فتح هو المؤتمر الرسمي لهذه الحركة ،أي كانت طريقة تنظيمه فهو المؤتمر الذي يحظى باعتراف عربي وإقليمي ودولي ، كون رئاسته هي الرئاسة التي تمثل الشعب الفلسطيني عربيا ودوليا وجاءت من خلال المؤسسات الشرعية الفلسطينية ، وهو العنوان الفلسطيني في كل المحافل ، وبالتالي إن النتائج التي سيسفر عنها مهما كانت سوف يتم الاستماع إليها جيدا والبناء عليها من قبل دول العالم .
ثانيا : تنظيم مؤتمرات أو ظهور تكتلات جديدة على الساحة الفلسطينية هو أمر خطير سيدخل شعبنا في متاهات وصراعات ربما تؤدي إلى انزلاق الفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية إلى ما لا يحمد عقباه خاصة مع انتشار التنظيمات والفصائل المسلحة من مختلف التيارات ، الأمر الذي سيعمل إلى القضاء على مشروعنا الوطني الذي قدم فيه شعبنا الغالي والنفيس بدءا من خيرة أبناءه إلى إمكاناته ومقدراته وصولا إلى معاناته وتشرده عشرات السنين .
ثالثا : إننا نعبر عن رؤيتنا وتقديراتنا دون التحيز لطرف دون آخر ، ولكن حرصنا على أن يحافظ شعبنا على وحدته يقتضي من كل الأطراف ضبط النفس والكف عن جميع المهاترات وضرورة اللجوء إلى أسلوب الحوار البناء ورحابة الصدر ، وعليه فإننا ننتظر بعد المؤتمر ترجمة نتائجه عمليا دون إبطاء، حتى لا تبقى مجرد شعارات ما يثير الإحباط لدى لبناء شعبنا وبناء على ما ورد في خطاب الرئيس فإننا نرى :
- إعادة قيود جميع الأعضاء الذين تم فصلهم من حركة فتح إلى سجلات العضوية على اعتبار أن حركة فتح هي حركة الكل الفلسطيني وإعادة الاعتبار لهم .
- سرعة إنهاء الانقسام الفلسطيني الفلسطيني بإعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية وإزالة أسباب الخلاف بين كل من حركتي فتح وحماس .
- سرعة العمل على إنهاء حصار قطاع غزة ، لان الأمور الحياتية في القطاع المحاصر بلغت درجة الانفجار، فهناك الكثافة السكانية الأعلى في العالم ، معدلات البطالة الأعلى في العالم ، عشرات الآلاف من خريجي الجامعات وهم طاقة وقوة عمل معطلة قسرا ، مشاكل حياتية كالكهرباء والعلاج والإعمار الخ ، جميعها ينتظر المواطن بفارغ الصبر إيجاد حلول سريعة لها ، وإلا الانفجار متوقع .
- سرعة إعلان الدولة الفلسطينية وإنهاء السلطة ونتمنى أن يكون الأول من يناير هو يوم الإعلان متزامنا مع يوم الانطلاقة لحركة فتح ، وذلك عملا بقرار الأمم المتحدة رقم 19/67 الصادر بتاريخ 29/11/2012
- سرعة التوجه إلى انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني فلسطيني .
- تعزيز علاقاتنا بالدول والشعوب العربية فهي عمقنا وسندنا مع الحرص على عدم التدخل في شئونها الداخلية وعدم فتح الأبواب للخلاف معها .
وبعد يكفي شعبنا معاناة ، يكفي شعبنا انقسامات ، لننتبه إلى المتغيرات الدولية حولنا صراعات وحروب وتشابك مصالح ، وتغير في خارطة التحالفات والصداقات ، وكفي شعارات زائفة لا تسمن ولا تغني من جوع نريد حراكا فعليا على الأرض .


أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين
1/12/2016