الفتاة بين الألم والأمل

بقلم: أحمد عليان عيد

إن موضوع تربية الأبناء مهم جداً، ويتوقف عليه مصلحة الآباء والأمهات معاً، بل يتوقف عليه مستقبل الأمة والمجتمع ، فالدفء الأسري رابط قوي ومهم في بناء المجتمع ، فبدونه تنهار الأعمدة والأسقف ، وهو السبيل الوحيد لبناء أسرة سعيدة، وله الدور الكبير في الاستقرار النفسي التي ينعكس على حياة كل فرد لديها، فيكون سعيداً وناجحاً، وفرداً بنًّاءً إيجابياً في المجتمع.
لذلك نجد أن الفتيات بحاجة الى دفء من داخل الأسرة فالفتيات رقيقات ويتعلقن كثيرا بآبائهن ، فلا نجعلها تشتاق إلى الحنان فلا تجد من الآباء إلا الجفاف وإلى القرب والحب فلا تجد إلا الصدود، فالإهمال العاطفي للفتاة سواء كان معنوياً أو جسدياً وإن اختلفت طرقه وأسبابه يؤدي إلى وصولها الى منحدر خطير لا يريده الفرد ولا المجتمع . لأنه يجعل الفتاة تعاني معاناة شديدة وتمر بمرحلة صعبة للغاية، وتجد أنها تائهة في هذا الوسط المتلاطم حتى تشعر بالضياع وتشعر بأنه لا يوجد من يقف بجانبها، وذلك لأن أهلها وأسرتها جعلوها تشعر بالفراغ العاطفي الشديد، فهذه الفتاة تفتقر إلى الحنان.. وإلى اللمسة الحانية الودودة التي تشعرها بأنها محبوبة ومرغوبة من أهلها ومن أقرب الناس إليها، لذلك نجد أن الفتاة إذا مررت بمحنة عظيمة وأصابها افتقار إلى الحنان وإلى العواطف الصادقة التي تملأ عليها نفسها وقلبها وحياتها، فعلينا أن نتأمل ماذا نتوقع منها.....؟
نجدها بكل اختصار تبحث كالغريقة عن أي وسيلة تعوضها عن هذا الفراغ العاطفي، فإذا بها تنتقل نقلة بعيدة لم تعتاد عليها وليست من خلقها، فتدخل المحادثات مع الشباب بحثاً عن الحنان الضائع وعن العاطفة المفقودة فلا تجد إلا العبث والتلاعب بالعواطف والغدر والمكر من هؤلاء العابثين، ثم تظلم الدنيا في عينيها فتدخل في مرحلة الاكتئاب النفسي، فيقف الشيطان ليأخذ منها مأخذه فيأمرها بقتل نفسها ويزين ذلك في عينيها.
لذلك اهتم الاسلام والمربون بتربية الأبناء وخاصة الفتايات، وعلى رأسهم الرسول المعلم، محمد صل الله عليه وسلم الذي بعثه الله معلماً ومرشداً للآباء والأبناء، ليكفل لهم السعادة في الدنيا والأخرة.
فهنا لابد من وعي الآباء بأهمية إشباع الاحتياجات النفسية وخاصة العاطفية للفتاة مما يؤدي إلى شعورها بالأمن النفسي لأنها الحصن الطبيعي الذي يتولى حماية البراعم الناشئة ورعايتها، وتنمية أجسادها وعقولها وأرواحها.
ومن المهم جدًّا أن لا تكون الفتاة مهمّشة داخل الأسرة، فلابد أن نجعلها تشارك أسرتها في كل شيء، في كيفية التخطيط لمستقبل الأسرة، وأن تكون دائمًا مفعمة بالأفكار الإيجابية، وأن نعزز عندها المبادرات، وان ترتب مع والدتها المنزل بهدوء ودون عنف، وتساعد في أعمال المطبخ ، وتهتم بشؤون والدها, وكذلك إخوتها، وهذا يجعلها عضوًا فعالاً وأساسيًا ورئيسيًا في الأسرة، ومن ثم سوف تشعر الفتاة بالحب الحقيقي من جانب والديها وأسرتها ،فمفهوم الحنان، ومفهوم العطف، والود، يختلف من شخص لآخر، وهو نسبي جدًّا، فلابد أن نعطي الفتاة الشعور بأنها قوية, وأن نعزز لديها أيضاً أنها شخصية متوازنة الأبعاد، من خلال هذا تستطيع أن تعيش حياة طيبة, وتدير وقتها بصورة جيدة جدًّا.
تم بحمد الله تعالى

بقلم: أ. أحمد عليان عيد، طالب ماجستير صحة نفسية ومجتمعية
الايميل [email protected]