العالم كله وليس الفلسطينيين وحدهم تابعوا وترقبوا نتائج مؤتمر حركة فتح السابع بما في ذلك الدول العربية واسرائيل والولايات المتحدة الامريكية وروسيا والامم المتحدة, باعتبار أن نتائج المؤتمر لا تهم الفلسطينيين وحدهم بل كل العالم بسبب طبيعة الصراع وتغيرات المرحلة القادمة , نعم هناك تغيرا قادم في السياسة الامريكية وادارة جديدة وهناك طموح سعي اسرائيلي لقلب للمبادرة العربية والتطبيع قبل الدولة الفلسطينية , الكل كان يقف على ساق ونصف عندما القي الرئيس كلمته وخطابة الهام واودع من خلاله رؤية فتحاوية وطنية في برنامج سياسي شامل لدي الجمهور الفتحاوي في المؤتمر ,والكل بقي واقفا على ساق ونصف مع بدء العملية الانتخابية السرية كمعركة فتحاوية ديموقراطية حقيقية لانتخاب اللجنة المركزية والمجلس الثوري للحركة الممثلين لاهم الاطر التي تقرر في القضايا الكبرى والتي تعني الشعب الفلسطيني باعتبار ان فتح اكبر حركة تحرر فلسطيني مازالت تعمل ببرغماتية فريدة من نوعها على الارض.
اسرائيل على راس الاعداء التي كانت تترقب كل شيء في المؤتمر بدءاً من جلسة الافتتاح و حتى الانتخابات والنتائج التي اعلنت في المؤتمر الكبير وكلمة الرئيس الختامية التي اكد فيها على برنامج الحركة فيما يخص المرحلة المستقبلية وطبيعة الاشتباك السياسي في كافة الميادين بالإضافة وجهة جماهير الحركة في مواجهة المحتل على الارض سعيا لإنهاء الاحتلال و التخلص من موبقاته وأزلامه واقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس العربية , اسرائيل لم يعجبها ما جاء من نتائج في المؤتمر وخاصة انتخاب المؤتمر للرئيس ابو مازن رئيسا للحركة بعدما كانت تروج ان عهد الرئيس ابو مازن انتهي وابو مازن جاوز الثمانين ولن يستطيع اكمال دوره الوطني وتهيئ كثيرا لأهمية ان يتولى القيادة بعد ابو مازن رئيس شاب بالمقاس الاسرائيلي ,كما واعتقد ان اسرائيل راقبت عن كثب وبقلق بالغ انتخاب اللجنة المركزية وبرنامج الحركة الذي تم اعتماده بالإجماع كبرنامج بناء وتحرر واقامة الدولة المستقلة و عاصمتها القدس الشريف, كما اهتمت تلك الاوساط بالبيان الختامي للمؤتمر السابع الذي اكد بدورة على ضرورة انجاز البناء الوطني والاستمرار في مواجهة المحتل لإنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال وانهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية والنضال السياسي والدبلوماسي .
نعم خاضت فتح المعركة الصغرى في عقد المؤتمر ونجحت في حماية نفسها وقرارها المستقل وابعاد كل اصحاب البرامج غير الفلسطينية عن صفوف المجلس الثوري واللجنة المركزية لان هذا يعني فشل كل مخططات اسرائيل لاستبدال ابومازن وازاحته بالتواطؤ مع بعض القوي الاقليمية , ولعل وصف يوفال شتاينتس وزير الطاقة الاسرائيلي الرئيس ابو مازن بعد انتخابه رئيسا للحركة من جديد بانه العدو رقم واحد لإسرائيل يكشف كم هي اسرائيل ممتعضة من انتصار فتح في معركة عقد مؤتمرها السابع باستقلالية التي نعتبرها المعركة الصغرى مقابل الحفاظ على انجازات هذا المؤتمر وتحقيق برنامجه السياسي , وبمجرد ان ظهرت النتائج شبه الرسمية لانتخابات اللجنة المركزية جاءت تصريحات العديد من كتاب والمحللين والمختصين الاسرائيليين في الصحف الاسرائيلية لتدلل على حجم خيبة الامل الاسرائيلية من قدرتها على التخلص من الرجل الذي ارهقها كثيرا في الساحات الدولية , بل وان خيبتها جاءت بقلق بالغ عندما تم انتخاب الزعيم مروان البرغوثي للمرة الثانية لعضوية اللجنة المركزية وعندما تيقنت ان المجلس الثوري ضخ فيه دماء جديدة غير محسوبة بالمطلق على اصدقاء اسرائيل المعروفين ,حتى ان بعض المحللين حاول التشكيك في قدرة فتح الجديدة في الانتصار في المعركة الكبرى القادمة التي تتمثل بالنهوض والخروج من اطار الهيمنة على قرارها باستقلال وبرنامجها السياسي وبناء تنظيما قويا يقود مرحلة البناء و التحرر الوطني , يديعوت احرنوت علقت على اهمية فوز كل من اللواء جبريل الرجوب ومروان البرغوثي باعتبارهم المنتصرون الكبار والاقوياء في فتح لكنها شككت في ذمة اثنين من الفائزين الجدد باللجنة المركزية و اخلاصهم للرئيس ابو مازن وهذا فقط من باب التشويش على خيارات ابناء الحركة وسلامة قرارهم الانتخابي ومدي وعيهم لتحديات المستقبل القريب , وامعنت احرنوت في التشكيك في نجاح برنامج الرئيس ابو مازن عندما علقت وقالت ان ابو مازن فشل في اضافة دماء جديدة للصفوف القيادية لفتح ، وزعمت ان معركة قادمة ستدور رحاها في اللجنة المركزية في اول اجتماع لاختيار نائب الرئيس ونائب رئيس حركة فتح وتوزيع المناصب السيادية .
انتهي المؤتمر واصبحت لفتح قيادة جديدة بإرادة فتحاوية خالصة دون تبعية او وصاية او توجيه او تدخل او اجندات او برامج غير فلسطينية و وطنية لكن المعركة الصغرى في نظري انتهت معركة اخري اكبر تتمثل في تحقيق مهمة التحرر واقامة الدولة ومهمة الحفاظ على قرارات فتح و حماية سياساتها الداخلية والخارجية باعتبار انها الموجه الاكبر لحركات التحرر وقوتها يعني قوة وسلامة باقي تلك الحركات , فإسرائيل بالمرصاد لتعيق تحقيق برنامج فتح التحرري واقامة الدولة المستقلة ,واخشي ان فتح امام محاولات الاقليم للتشويش على كل البرامج السياسية ومسيرة النضال الدبلوماسي التي يقودها رئيس الحركة لأنه لم ينصاع لكل التدخلات والنصائح التي بنيت على برامج تطبيعيه مع الاحتلال لا اكثر ولا اقل , كما وان امام القيادة الجديدة امام تحدي كبير للثبات على ذات الموقف والدفاع عنه امام المغرضين ممن يعتبروا كل ما جاء من نتائج للمؤتمر غير وطنية ومجرد برامج يستحيل تطبيقها لأنها بعكس رغبتهم ونخشي ان تضطر فتح لمواجهة جسم مقابل مدعوم اقليميا واسرائيليا وامريكيا لتنشغل الحركة زمنا جديدا في محاولات حماية نفسها امام ذلك.
بقلم/ د. هاني العقاد