عندما يفقد المجلس الثوري دوره ومنهجيته الثورية يتحول الى هيكليات بيروقراطية يحكمها مفهوم بيروقراطي كبير للفرد وتحكم الفرد في مصير المجلس وبالتالي في مصير الحركة
المجلس الثوري لحركة فتح هو اعلى الأطر القيادية التشريعية لحركة فتح ...وبقدر هذه المهمة ومن الأهمية ثمة ما يقال عن المجلس الثوري الذي لم يستطيع اخذ مهامه الحقيقية كما نص عليها النظام ، بل اصبح ومنذ زمن اداة مطيعة مطوعة لرؤية الفرد وبالتالي فقد المجلس الثوري دوره كمؤسسة من اهم مؤسسات واطر حركة فتح الهامة .
محطات ومنعطفات خطرة جدا مرت على حركة فتح ،وان تمرد البعض من اعضاء المجلس الثوري على واقع الحركة وعلى برنامجها كان مصيره الابعاد او الاقصاء او التشويه ، وبالتالي اصبح اعضاء المجلس الثوري واقعين تحت مؤثر الرعب من دكتاتورية الفرد وممارسة الفرد ، وهنا شيء من السلوك النرجسي للحفاظ على المصالح والوجود ضمن هيكليات غير فاعلة بل لها ابعاد مؤثرة على الوضع الوطني وعلى البرنامج الحركي وعلى الفساد القائم .
منذ ان دخلت حركة فتح في مستنقع المفاوضات مع العدو الصهيوني كان هذا المستنقع له فرضياته على اداء المؤسسة الحركية والاطر الحركية وعلى برنامجها ثقافة وتعبئة ومؤثرا فوضاويا على الاطر وعلى ادائها وعلى اطروحاتها الوطنية ومن ثم على برنامجها السياسي ككل .
من حق المجلس الثوري محاسبة اللجنة المركزية ولكن اين هذا الدور ؟! من حق المجلس الثوري ملاحقة الفاسدين والفسدة والمخربين والمستزلمين والفئويين في داخل الاطر ولكن اين هذا الدور ؟ ! اين دور المجلس الثوري عندما يقوم رئيس الحركة والمتنفذين فيها بفصل قادة او كوادر ؟ اين دور المجلس الثوري عندما تدبلج مؤتمرات المناطق ومؤتمرات الاقاليم ؟ اين دور المجلس الثوري في التوجه السياسي غير ان يكون برنامجه مطابقا ً طبق الاصل لمتطلبات الرئيس ورئيس الحركة ورئيس السلطة .
اين دور المجلس الثوري عندما يعهر رئيس حركة فتح بتاريخ حركة فتح وينبذ المقاومة ولا يعترف بها ويقول لم اعترف يوما بالمقاومة ، أي لا يعترف بالكفاح المسلح وهو القاعدة الاساسية لمكونات الحركة وادبياتها ، أين المجلس الثوري لحركة فتح عندما يتم الاعتراف باسرائيل على 82% من اراضي فلسطين وهذا منافيا للنظام ومواده ولأدبيات حركة فتح ؟ اين المجلس الثوري عندما يفصل اعضاء من حركة فتح وتقطع رواتبهم تحت الردع الارهابي لكون كثير من كوادر الحركة يطالبون بالعودة الى الادبيات والنظام ومحاربة الفساد والمفسدين والفئويين .
بلا شك ان المجلس الثوري لم يقم بدوره منذ امد بعيد ، وهذا يبرهن وبعد عمر يزيد عن 49عام من تاريخ الحركة ان المجلس الثوري يعقد جلسته الرابعة عشر هذه الأيام ، أي كل 4 اعوام ينعقد مرة واحدة وتحت مبرر ان الظروف والمناخات غير جاهزة لانعقاده ، ينعقد المجلس الثوري في رام الله تحت سيف الاحتلال فكيف يمكن ان يكون المجلس الثوري يعبر عن خط ثوري قوي يعارض الاحتلال وينفذ مواد النظام وبرنامجها السياسي الثوري والاصيل الذي انطلقت الحركة من اجله ؟
اين المجلس الثوري ومهزلة الاطر في قطاع غزة ، والتبديل والترحيل والتهميش والتسطيح لهذا الاطار الهام في حركة فتح والذي يخص قطاع غزة ، أين المجلس الثوري من كل القرارات المجحفة بحق قطاع غزة و والاطر في داخل قطاع غزة المهضوم حقها من الفئويين.
بلا شك ان المجلس الثوري لا يعبر عن الطموحات الثورية الاصيلة لحركة فتح ، بل اصبح مطوعا ومطيعا لسياسة الفرد ورئيس الحركة ولذلك لا ننتظر الكثير فالدورة اللمجلس الثوري الجديد لن تأخذ قرارات صارمة امام الازمات التي تمر بها حركة فتح وتجاوز النظام في عمليات الفصل والتشهير بقادة وكوادر في حركة فتح واهمال اطر بكاملها في قطاع غزة واطر التنظيم في الخارج.
لن تصح حركة فتح مادام المجلس الثوري مغيب عن الواقع ولا يستطيع معالجة الازمات واخذ قرارات صارمة تجاهها حتى ان طالت رئيس الحركة او اللجنة المركزية .
لن تصح حركة فتح والمجلس الثوري يعرف واعضاؤه يعرفون ان العضوية في حركة فتح هي عبارة عن جمع اسماء من السجل المدني وامتيازات واعطاء مراتب تنظيمية بدون الرجوع للنظام وبدون الاستناد الى ثقافة حركية وتجربة حركية واعية للمتغيرات وللتاريخ وللانطلاقة ، بل يعلم الجميع ان كل ما يدرس لاعضاء هذه الحركة هو كلام السيد الرئيس واصبح مصطلح اسرائيل دولة جارة مطلوب حفظ امنها ضمن اتفاق اوسلو وخريطة جغرافية سياسية لاسرائيل مقابل خارطة مقزمة ومختزلة لفلسطين في الضفة وغزة .
ان تاريخ الحركة قد اختزل في هذا المضمون الثقافي المخزي والنشئ الجديد لا يفهم عن تاريخ هذه الحركة الا التلويح و التصفيق لعبادة الفرد وهو رئيس الحركة وراعي مصالحها ومعيشتها ورواتبها ، هكذا هي حركة فتح وهكذا هو المجلس الثوري ؟!
هل يأتي الاوان ان يعود المجلس الثوري لدوره الاصيل في المكون الثوري لحركة التحرر الوطني ؟ ام يبقى عصا مطيعة موقعة على كل قرارات الرئيس وبدون حساب او محاسبة او النظر في الخطأ او الصواب وبالتالي سيبقى المجلس الثوري في هذه الحالة هو عبارة عن مؤسسة بيروقراطية تخدم مصالح اللجنة المركزية ورئيسها التي من المفترض ان تكون محل متابعة ومحاسبة ومراقبة منه على الاداء التنظيمي والسلوكي والوطني .
بقلم/ سميح خلف