عباس ابكى فتح وابكى اللشعب الفلسطيني حزنآ وألمآ وضيعآ واقصآ، واستهتارآ بكل قيمه الوطنية ، لم يعد شيئا في الحياة الفلسطينية لم يمسسه هذا التخريب المدقع بكل المفاهيم والثوابت الوطنية، ولذلك هو ابكاه ، وابكاه، وابكاه، لا نفتري ، او ندعي ، او نلفق، فالخيط الابيض من الاسود واضح وضوح الشمس في الحياة الوطنية ومنذ ان اسست الصهيونية اول بؤرة استيطانية عام 1905م الى يومنا هذا ، لا نريد ان ننبش التاريخ ، ولكن ما هو المحصل ، وما هي النتائج، فلم يبكي الشعب الفلسطيني ولم تبكي ثورته المعاصرة يوما كما ابكاهما عباس حزنآوالمآ على واقع تضيع فيه الحقوق والمطالب والتاريخ والثقافة الوطنية ومحدداتها الاخلاقية التي فرضتها عمق الصراع مع المشروع الصهيوني ودولة اسرائيل .
عباس ابكى فتح، ولماذا..؟؟ ولأن فتح هو ذاك الفتى الممشوق القامة ذو الكبرياء والإرادة الذي تجاوز المحنة ،محنة النكبة لتدق خطواته المستحيل نحو عمق ارضه المحتلة ، ليقول "" فتح مرت من هنا"" ليضع علامات النصر الاولى للتغلب على محنته في اللجوء وفقدانه وطنه وتراثه وتاريخه.
عباس ابكى فتح، عندما جعلها حركة لرأس المال الملغوم بذل الراتب والرتبة ، جعلها اسيرة لرغباته التي تخرج عن كل قيمها التي انطلقت من اجلها ، هو ابكى فتح لانها فقدت ما تبقى من ارثها ومناضليها وافكارها على مدار 10 سنوات من حكمه وسلطته ودكتاتوريته واستبداده، وقضى على حلمها الوطني التحرري مؤخرا بما سمي المؤتمر السابع ليخرجها من كل محصناتها الوطنية تحت بدعه وبانوراماته التي لن تمر الا على السذج واصحاب المصالح والمتهالكين على النفوذ حتى لو كان هذا على حساب تاريخها وشهدائها وجرحاها واسراها ومناضليها .
هو ابكى فتح واوجعها عندما ذهب بمشروعه المشبوه مضيا حول فصل الضفة عن غزة ثقافيا ومؤسساتيا واهدافا ومشاريع مناقضا لتوجهاتها الاخلاقية والادبية بوحدة الشعب والهدف والمصير ، حاول ان يزرع تلك الفتنه في تشكيلة مركزيته الجديدة ومجلسه الثوري ان حقا هو مجلسا ثوريا ..!! في ظل التوجهات السياسية والامنية ، وما تلفظ به مردخاي منسق الشؤون المدنية في الضفة عندما قال: انني راضي عن نتائج ومخرجات المؤتمر السابع. هو ابكاها بمقاومته السلمية الذكية ، ابكاها بالدراماتيكا ومعاركه الوهمية التي ينسجها معددا بطولاته وانتصاراته الهوائية التي لم يحصد الشعب الفلسطيني اس من ثمارها عمليا، وبكاها وهي ترى المستوطنات تتمدد كالثعبان لتطال كل شيء في الضفة . هو ابكاها وعزلها عن تاريخها وتجربتها الخالدة .
لم تبكي فتح يوما على شهدائها بل زفتهم بالزغاريد التي انطلقت من حناجر امهاتهم وجيرانهم ونساء البلدة ، فهو الشرف كل الشرف والكرامة كل الكرامة ، هو ذاك الاصم الاعمى الذي لم يسمع ولم يرى اخر ما انجبتهم الام الفلسطينية في انتفاضة وصرخة القدس بالسكين والمعول والزغاريد تخلل جدران نابلس والخليل وجنيين وضواحي القدس ولتكون شاهد ماذن القدس وكنائسها على تضحيات ابناء وشباب ونساء واطفال فلسطين بالذود عن اراضيهم ، فمضى في تنسيقه الامني اللعين مطاردا الاطفال في مدارسهم وفي مخيماتهم .
هو هذا البكاء الذي لن يدوم طويلا في انتفاضتها على واقه المستبد الدكتاتور الطاغي الذي وقف سدا امام طموحات شعبه ليقول ان واجبنا حفظ امن اسرائيل كدولة جارة وصديقة،عباس يعيش هذه الايام في حالة رعب وذعر كأي دكتاتور وطاغيه تصيبه تلك المشاعر فجنيين ونابلس وبلاطة وعسكر وقلندية وكل المخيمات في الضفه غاضبه عليه انه يخشى نهاية اي طاغية ومستبد يعلم عباس ان غالبية ابناء فتح غير راضين على سياساته وتنازلاته وتنسيقه الامني بلا جدوى وثمن يذكر لصالح الفلسطينيين يعلم عباس انه متهم في تدمير النسيج الثقافي والاجتماعي بين الضفة وغزة يعلم عباس انه دمر البرنامج الوطني واخرج فتح من هويتها الوطنية يعلم عباس انه اقصى خيرة كوادر فتح وقادتها وقادة القطاع الغربي التي تتخوف منهم اسرائيل ولم تقدر على مواجهتهم اذا عباس كيف يمكن ان يعيش في امن وامان ذاك الشعور الذي يشعربه القادة الوطنيون.... ولذلك ومن رعبه يستنجد بالمبعوث الامني الامريكي ليتوسط له لدى اسرائيل باستجلاب خمسة سيارات مصفحة لحراسته ...... ولكنني اقول ان الشعب الفلسطيني عودنا على الانتفاضات المفاجئة التي تعلم اسرائيل قبل غيرها ويعلم عباس ايضا اذا تفجرت انتفاضة الشعب والخيمات لن تفيد في تلك الحالة السيارات المدرعة لا خمسة ولا عشرة ولا مية.
ابكى فتح فابكى كل فلسطين والارض الفلسطينية والشعب الفلسطيني فلا انفصال بينهما ، هو يخرج فتح، فكان لابد ان يخرج هذا المستبد الطاغي الصغير من حياتها ..... ففلسفة الثورات وتجاربها عبر التاريخ تتحدث ان لا نهمل معطيات الحل ان وجبت، فكثير من الثورات تعرضت لفئة الطموح بالحكم والسيطرة ، والوقوف على اول محطة تراها حققت مصالحا ، وهذا ما حدث نصبو سلطاتهم ومملكاتهم الصغيرة الكانتونية ، ليبنوا قصورهم واستثماراتهم ومصالحهم الامنية ليغيبوا فتح وتراثها واهدافها ومعها تغييب كل مصالح الشعب الفلسطيني في الحرية والعودة والتحرير .... وان غدا لناظره قريب.
بقلم/ سميح خلف