الفصائل والحكومة تتحمل مسؤولية الدم الذي يراق في غزة.
العلاقات الثأرية وثقافة القبيلة متأصلة ويجري تدعيمها في سلوك الفصائل والحكومة.
لاحظوا معي، عندما تذهب الفصائل لتختار مرشحيها للإنتخابات، تنحاز إلى إبن العشيرة وتسقط إعتبارات الأهلية والكفاءة من حساباتها، عندما يختلف شخصان في حزب سياسي يتقدم سلوك العشيرة على النظام الداخلي للحزب السياسي، عندما يختصم شخصين أو عائلتين يتقدم العرف العشائري على القانون وعلى الدين أيضاً.
حماس قتلت أبناء فتح، وفتح إقتلت مع فتح وغيرها، والحكومة في الضفة وغزة مارست القتل خارج إطار القانون أكثر من مرة.
فكرة الإنتقام والثأر للماضي ومن الخصوم وأحيانا للحلفاء تسكن في عقل كل شخص فينا، بفعل التنشئة في العائلة والحزب السياسي، يغيب الحوار الذي يجنب جميعنا الويلات والدماء.
أعلم أنّ نزعات الإنتقام موجودة في كل المجتمعات، المتحضرة والمتخلفة، وتسعى الحكومات إلى محاربة هذه الظاهرة ثقافياً من خلال سلطة القانون، لكن الغريب العجيب أن يكون النظام السياسي الفلسطيني والفصائل والأحزاب السياسية هم من يعززون ويمارسون نزعات الإنتقام في الممارسة وفي القوانين والتشريعات الفلسطينية.
لنأخذ مثال القتل على خلفية الثأر أو خلفية الشرف وطريقة معالجتها في القانون الفلسطيني، ألا توجد ثغرات كبيرة تمكن القاتل من تنفيذ فعلته ويحتمي بحكم مخفف؟
مثال آخر، نلمسه في سلوك محمود عباس وشكل علاقته مع قطاع غزة، وخصومه السياسيين في حركة فتح والمنظمة، أليس في كل ما قام به سلوكاً ثأرياً داخل النظام السياسي الفلسطيني وبحق قرابة 2 مليون مواطن فلسطيني يعيشون في غزة؟
القتل في بلدنا له أكثر من مظهر، عندما تقطع راتب موظف فأنت كمن يطلق الرصاص على رأسه، وعندما تترك مريض يصارع الموت في مشفى وتمنع عنه فرصة العلاج بالخارج فأنت تمارس القتل العمد، وعندما تكفّر شخص وتتهم شخص آخر بالخيانة والزندقة وغيرها فأنت تمارس القتل، عندما تترك مجتمع بأكمله يرزح تحت نار الفقر والجهل والسلاح دون أيّ حلول فهذه دعوة صريحة للموت والتطرف وإغراق المجتمع في جحيم الإقتتال الداخلي وضياع السلم الأهلي.
محمد أبو مهادي
[email protected]