ظــاهـــــرة الارهــــاب أضحــت واقـعــــاً مفــروضــــاً

بقلم: غادة طقاطقة

ظاهرة الإرهاب مسألة ذات بعد حضاري إنساني كون الإنسان هو الشخص الذي يمتلك الإرادة الفعلية والعملية في استئصال جذوره

 

ان تفشي ظاهرة الإرهاب وبشكل ملحوظ ومتزايد تستوقف منا الوقوف وراء أسباب هذه الظاهرة الخطيرة التي اصبحت تمس الجميع دون استثناء وبلا رحمة، ولم تسلم منها حتى المساجد والكنائس كما حدث في مصر اليوم ،انفجار كنيسة الكاتدرائية بحي العباسية بالقاهرة ناجم عن تفجير انتحاري نفسة اثناء بدء القداس . وغيرها من التفجيرات التي تحدث شبه يومي في جميع انحاء العالم ،وتعتبر من أخطر المشكلات المعقدة التي تواجه الافراد والمجتمع المحلي والدولي على حد سواء، حتى أنها أضحت ظاهرة واقعية مفروضة.

إذ لا يمكن القضاء على الظاهرة إذا لم تعالج أسبابها، فالمسالة الرئيسية التي تواجه تحديد أسباب (الظاهرة) هي اختلاف وجهات النظر في تحليل الظاهرة نفسها وربما لو دققنا اكثر لوجدنا على الاقل ( الجانب الاقتصادي ) وبالتالي له تاثير على الجوانب الاخرى سياسياً واجتماعيا وغيرها من جوانب الحياة ،على الرغم من كل ماذكرت، لا ينفي ان هناك أطراف تقف وراء هذه الظاهرة الخطرة التي تستغلها لدوافع وتحقيق اهداف خفية ومتباينة.

ومع ذلك يبقى الامر خطيرا بالنظر للوضع في الساحة السياسية الدولية كونه المحرك الاساسي لكل التفاعلات الدولية ،اضافة الى التاثير لكل السياسة والاقتصاد كونهما وجهين لعملة واحدة .

ومن الواجب حصر العوامل الحقيقة التي شكلت هذه الفجوة او الظاهرة وساعدت على نموها، منها داخلية كــ التخلف بحيث ساعدت على تكوين فجوة واضحة بين الفقير والغني ، والمتعلم وغير المتعلم، وبين ذوي المصالح الاقتصادية الواسعة وبين فئات اقتصادية مهمشة. اضف الى ذلك حالة البطالة المتفشية والتي تولد شعوراً بالعجز واليأس من ناحية ، والشعور بالاحباط لدى

الشباب ويمكن استغلالهم من قبل جهات او جماعات "متطرفة" مستعدة لتقديم امولاً كبيرة لتنفيذ مخطاتها وزجهم في الهاوية .

كذلك الامر وجود خلل في العدالة الاجتماعية تفرز قدراً كبيراً من الظلم والقهر الاجتماعي الجماعي والحرمان النسبي لدى قطاعات متزايدة من السكان .

وكل منا يعلم ان الفساد الاداري الحكومي عامل اساسي والتي تسهم بها معظم الدول وخلق الازمات الاقتصادية المستمرة من التضخم الى الكساد الاقتصادي الى حالات الكسب غير المشروع في الصفقات التي تعقد بشكل غير قانوني وخاصة مع رجال الدولة وتحت جنح الظلام او الدخول في صفقات مشبوهة اي غير قانونية مثل البضائع الفاسدة بانواعها . وهذا لا يتم الا من خلال ذوي النفوذ المتحكمة بالبلد ،كل ذلك يولد لدى الشباب حالة من العنف ويترجم بشكل عدواني منظم،يستهدف الاشخاص والمؤسسات وبالتالي يتفاقم الوضع على مستوى دولة ، مما يساهم في هدم البنية الاقتصادية للدولة. والارهاب له صور متعددة كما ذكرت سلفا وابعادها خطيرة جدا والحال سيد الموقف .

وعلينا الا ننسى أن وسائل الإعلام يلعب دورا مهماً لا يستهان به في تغذية أو دعم أو ظهور العنف والإرهاب والتطرف فهي بما تقدمه من برامج وأفلام وأخبار وأساليب للأخبار عن الأحداث أو تركيبها وعن الأشخاص وسيط مشارك لدى عديد من الدول ومن وسائل الإعلام التلفاز أو القنوات الفضائية أو صحف واذاعات ومواقع التواصل الاجتماعي التي في أغلبها تنتهج منهج التطرف، فإما الاستهتار بالعقول والشعائر الدينية والأخلاقية، أو زرع الفتن وإثارتها من خلال بعض البرامج أو الأفكار والتهويل والتضخيم، ولو كان التناول في القضايا والموضوعات وحتى التحليلات تناولا إيمانيا يقوم على التعامل مع الحقائق والاستناد إليها في التفسير والتحليل، والتعليق وغيره.

لذا من واجب المسؤولين الوقوف عند هذه المخاطر والاخذ بها بعين الاعتبار او على الاقل تقليل من حدة هذه الحالة او ايجاد سبل او حلول بسيطة لردع هذه الظاهرة الاخذة بالتفاقم ، من خلال مقترحات بسيطة ، منهامعالجة

ظاهرتي التخلف والبطالة التي تعتبر من مخلفات الحرمان الاقتصادي المزمن وتداعيات القهر الاجتماعي المتواصل، وتلبية مختلف الحاجات الأساسية للفرد المواطن وعلى نحو متوازن ولو نسب تجعله يمتلك القدرة على العطاء والبناء والابتعاد عن السلوك والاعمال العدوانية الملازمة لظاهرة الإرهاب،ومكافحة عمليات الفساد الإداري والرشوة في جميع مرافق وإدارات الدولة ،اضف الى ذلك ضرورة إعطاء مجال واسع من الحرية والتعبير عن الراي لفئات مختلفة من الشباب تجنبا لحالة التهميش وفتح مراكز تدريب و تأهيل خاصة بالشباب تنمي قدراتهم وتعزز مواهبهم.

اذن : ظاهرة "الإرهاب" ليست جديدة وإنما هي ظاهرة قديمة ، وتطورت الظاهرة بفعل متغيرات البيئة الدولية التي تتحرك فيها والتي تعتبر العامل الرئيسي وراء التحول في اشكال الإرهاب الدولي فعلى الرغم من ان جوهر الإرهاب يظل واحدا فان اشكاله وأدواته وتكتيكاته تختلف وتتطور بسرعة مع الزمن وتبقى المسألة الرئيسية تكمن في حصر وتقنين ظاهرة الإرهاب مسألة ذات بعد حضاري إنساني كون الإنسان هو الشخص الذي يمتلك الإرادة الفعلية والعملية في استئصال جذور الإرهاب لينهض من جديد بفكر خلاق بناء قادر على التعاطي الإيجابي مع واقع وأعباء الحياة المختلفة.

 

غادة طقاطقة