يوم تموت الحرية ، يموت عطاء الإنسان و تنطفأ كرامته ! لأنه كالوردة التي لاتنمو إلا في الشمس والهواء ، والحرية بالنسبة للإنسان هي الشمس والماء ، والهواء !. وأقوى دليل على ذلك ، هو وضع المسلمين الحالي بالنسبة لوضعهم الماضي ، فيوم كانت البلاد الإسلامية تغتسل بماء الحرية ، كانت تعطي العالم علما ووعياً
وفكراً ، وكان العلماء المسلمون ، يكتبون أسمائهم على صفحة القمر ، وفي زرقة السماء ، الأمر الذي جعل العالم الغربي ، والشرقي ، يركع في خشوع أمام عظمة العلوم الإسلامية ، وعبقرية علماء الإسلام وحتى هذه اللحظة ، لازالت أسمائهم تتصدر الجامعات العلمية في الغرب وفي الشرق على حد سواء …
كل هذا وغيره حدث في الماضي ، يوم كانت البلاد الإسلامية ، تسبح في أنهار الحرية ، وأوربا تتعثر في الظلام وكانوا يحرقوا العلم ، والعلماء ، وكانت تجري وجبات التعذيب على المكتشفين ، في الساحات العامة ، وعلى رؤوس الأشهاد ، حتى ذكر المؤرخون أن الغرب ، أحرقت ، وعذبت ، وقتلت أكثر من ثلاثين ألف عالم ، في مختلف العلوم ، هذه الصورة ، وقعت في الماضي الغابر يوم كانت أوربا غارقة في ظلام الكبت والجهل ، وكانت البلاد الإسلامية ، سابحة في نور العلم والحرية ..! . أما الآن وعندما انقلبت الآية على وجهها ، وماتت الحرية في البلاد الإسلامية تحت أقدام الحكام ، فإن الذي حدث كان بالع تماماً ! . فين انطفأت الحرية هنا وساقوها إلى المذبح تحت غطاء كثيف من الشعارات المزيفة ،اشتعلت وتألقت في الغرب ، فأعطت العلم والنور ، والإبداع ! طبعاً في النواحي المادية فحسب .. فصار إن عادت البلاد الإسلامية تلتحف بظلمات الجهل والتأخر ، والحرمان …. بسبب فقدان الحرية ، وإنعدامها …
في الوقت ، الذي راحت فيه الحضارة الغربية ، تغزو الفضاء وتر الذرة ، وتفلق الخلية ، وتصدر العلم والعلماء إلى نقاط العالم ، بسبب وجود الحرية ، ونورها ، لقد قام الإستعمار الغربي ، والشرقي ، بزرع عملاقة من بعض الحكام ، في البلاد الإسلامية ، وأمرهم بمصادرة الحريات ، وملاحقة العلماء ، ومطاردة الأحرار في كل مكان منها ، حتى كادت السجون تختنق بالعلماء ، ورجال الفكر ، وحتى ترت المشانق
في رقاب الشباب الواعي المسلم ! . حدث كل ذلك وأكثر من ذلك ،،، غير أن الإستعمار لم يتوقف عند هذا الحد ، وإنما أمر أذنابه. من بعض الحكام ، والسفاكين ، أمرهم أن يدوسوا الشعوب الإسلامية بأقدامهم ويشبعوهم تعباً ، ونصباً . وفوضى . ونشر الأوبئة والأمراض.. حتى يخلو الجو بالكمال للاستعمار البغيض فينهب الثروات ، ويسرق النفط ، والغاز ، ويلتهم الخيرات الباقية فتبقى الشعوب الإسلامية كما يقول الشاعر: (( كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ ....... والماء فوق ظهورها محمول )) من هنا ، فإن الحرية ، هي حرية التقدم ، حرية العقل والفكر، والاستقلال ، حرية الوعي ، والمسؤولية ، حرية الحقوق ، وحرية كرامة الإنسان وليست الحرية هي حرية التحلل ، والاستهتار ، وليست إنفلاتاً ، وضياعاً ، ولا حرية الطيش والميوعة ..
بقلم/ جمال ايوب